 بغداد / المدى

يعتبر اللاعب الهدّاف عملة نادرة في الأندية والمنتخبات الوطنية لأنه أحّد الأسباب المهمّة لتسجيل الأهداف وتحقيق الفوز في المباريات المحلّية والدوليّة، ويحصل الهدّاف على أعلى مبالغ العقود الاحتراف محليّاً وخارجيّاً.

في فترة السبعينيّات وثمانينيّات القرن الماضي، كان مدربو المنتخبات الوطنية في حيرة من أمرهم وذلك لوجود أكثر من لاعب مهاجم وهدّاف متاح أمامهم، فالراحل عمو بابا " شيخ المدربين وصانع إنجازات الجيل الذهبي " توفّر لديه بعض المهاجمين الجاهزين في مجمل بطولات عام 1979 وعلى رأسهم فلاح حسن وحسين سعيد ومهدي عبد الصاحب وعلي حسين محمود وثامر يوسف، وكذلك يحيى علوان والراحل علي كاظم .

وتم تشكيل أكثر من منتخب في تلك المرحلة ونال الهدّاف عناد عبد لقب بيليه العرب بعد نجاحه في حصد لقب الهداف بكأس العرب 1985، وهو لم يكن أساسيّاً بالمنتخب الأوّل وشارك بعدها في مونديال المكسيك.

كريم صدام وأحمد راضي

الهدّاف كريم صدام تغنّى بفترة تواجده مع الراحل أحمد راضي مع الزوراء ويعتبرها من أفضل فتراته في الملاعب، ولا ينكر فضل راضي عليه لأنه كان يتحمّل الضغوطات ويستغلّها هو ويسجّل الأهداف. ويذكُر في موسم 1992 كان اللاعبان متساويان بجدول ترتيب الهدافين بـ 18هدفاً ولم يظهر تنافس بينهما على اللقب، بل أنهم أرسلوا برسالة محبّة من خلال تعاونهم لتحقيق فوز الزوراء بلقب الدوري في حينه، ولا يقلّل من شأن المهاجمين الذين عاصروه بالمنتخب الوطني أمثال حسين سعيد وأحمد راضي ويعتقد بأنه استحقاقهم الطبيعي والحقيقي، وكان يحصل على الفرصة ويلعب في حالة غيابهم، وشارك في مونديال المكسيك 1986 بعد أن غاب سعيد عن الفريق.

تراجع نسبي

شهدت المواسم الأخيرة تراجع اهتمام الأندية باللاعب الهداف من خلال فرق الناشئين والشباب والرديف وصولاً للفريق الأول ويبدو أن التنسيق كان غائباً في عمل الملاكات الفنيّة من أجل الاستفادة من مخرجات فرق الفئات العمريّة.

واستسهلت هذه الإدارات فكرة الاتجاه الى التعاقد مع هدّافين جاهزين من أجل شغل هذا المركز بدفع أموال لهم، لذلك نرى اعتماد مدربي الأندية على اللاعب الجاهز لتحقيق النتائج الإيجابية التي يبحث عنها الجميع.

والدليل أنه يتصدّر جدول ترتيب الهدّافين ولغاية الجولة 15 من دوري كرة القدم الممتاز للموسم 2023-2022 محترف نوروز البرازيلي كلاوديو أوليفير دي سوزا، ومحترف النفط الغاني ديني أنتوي برصيد (8) أهداف، وهدّاف الموسم الماضي 2022-2021 هو السوري محمود المواس مهاجم الشرطة برصيد(22) هدفاً!

وتتحمّل إدارات الأندية جزءاً كبيراً من معضلة غياب الهدّاف لأنها لم تهتمّ بفرق الفئات العمريّة وامكانيّة تطوير اللاعبين من خلالها والاستفادة منهم بالبقاء مع الفريق أو امكانيّة بيع عقودهم للفرق الأخرى والاستفادة الماليّة منها.

مواصفات الهدّاف

هناك مواصفات مهمّة للهدّاف لأن مهمّته الأساسيّة هي التمركز داخل منطقة الجزاء واستقبال الكرات والتسجيل منها بأسهل وأسرع طريقة ممكنة.

وعلى الأغلب يمتاز الهدّاف بطول القامة والحس التهديفي الكبير، وإتقان التسديد بشكل كبير والإجادة للكرات الرأسيّة والقدرة على التمركز العالي الذي يُمكِّن زملائه من التمرير له بسهولة، بالإضافة إلى امكانيّة فتح الثغرات لزملائه بحكم قوّته الجسديّة وطوله الفارع.

واشتهرت أندية الدوري الممتاز بوجود مهاجمين أكفاء يسجّلون من انصاف الفرص وتتغنّى الجماهير الكروية بفنونهم، وتكون قيمتهم الفنيّة والماليّة كبيرة، وأماكن هؤلاء محجوزة في المنتخبات الوطنية، وأن فرص احترافهم كبيرة مع الأندية الخارجية.

مدربو الفئات العمرية

أغلب المدربين لا يفضّلون العمل مع فرق الفئات العمريّة وذلك لعدم توفّر الأرضيّة المناسبة لعملهم وعدم اهتمام الإدارات بفرقهم، وكذلك قلّة رواتبهم وعقودهم مع هذه الفرق. وبالمقابل، من أجل عدم إبقاء هذه الأماكن الفنيّة شاغرة لا سيما وأنها أحد أهم شروط التراخيص، فإن إدارات الأندية أقدمت على اسناد المهمّة لمدربين قليلي الخبرة في تطوير هذه الفئات، ممّا تسبّب في تراجع هذه الفرق والنتيجة ألقت بظلالها على المشهد الكروي وظهرت معضلة غياب اللاعب الهدّاف وبالمواصفات العالية، وكان تأثير ذلك واضحاً على منتخباتنا الوطنيّة بالتصفيات الأخيرة لمونديال قطر 2022 بعد أن فشل المهاجمون بهزّ شباك أضعف الفرق في مجموعتنا ولم يحقّق المنتخب الوطني الانتصارات المرجوّة في تلك المباريات.