محمد حمدي
بين فترة وأخرى، يعود الحديث والشرح المُملّ عن ضرورة تقليص فرق الدوري العراقي الممتاز بكرة القدم لحدود ستة عشر فريقاً ضمن المسابقة الأكبر والأهم في العراق، وترك فرضيّة تواجد عشرين نادياً فيه بذريعة فسح المجال أمام أكبر عدد من الأندية خارج بغداد للمشاركة في الدوري، في إشارة واضحة على تغليب الكم مقابل النوع.
ولو عُدنا للتاريخ قليلاً لوجدنا جميع رؤساء الاتحادات السابقين الذين تواتروا على رئاسة الاتحاد الأهم والأشهر يُشخِّصون هذا الخلل مع هيئاتهم الإداريّة وينحون باللائمة على العدد الكبير ويجعلونه شمّاعة لضُعف الدوري الكروي والمنتخبات الوطنيّة، ويسهِبون في الشرح والتعليل على أن الأمور غير متاحة لاستقبال هذا العدد الكبير في الدوري الكروي الممتاز بسبب عدم وفرة البُنى التحتيّة من ملاعب وغيرها لتغطية المباريات، وعدم امتلاك معظم الأندية لملاعب قانونيّة أو عدم امتلاكها الملاعب إطلاقاً، وبالتالي يعمدون الى استئجار ملاعب بديلة وتسيير الأمور بما هو متوفّر.
ومن مبدأ الإيمان بالفرضيّة وعدم مخالفتها تجد أن اصحاب النفوذ في جسم الاتحاد هُم أوّل المعرقلين لتوجّهات تقليص العدد والاصرار على الخطأ الفادح مهما كانت النتائج، وقد تابعنا جميعا ما الذي حصل في العامين المنصرمين ونخصّ منها، دخول الاتحاد العراقي لكرة القدم في أزمة معقّدة مع الأندية بعد قراره الذي اتخذه، بإقامة الدوري الممتاز للموسم 2023-2022، بـ 19 نادياً.
ولو أردنا الحديث بمداخلات التراخيص الآسيويّة واعتمادها سيكون الحديث مُملّاً وذو شجون كثيرة والأهم من كلّ ذلك هو تراجع الاتحاد بعد أن أدرك أن زوبعته كانت لقدور فارغة ليس إلا، وإن نظريّة الاصلاح التي صدّعت الرؤوس لن يكتب لها أن تمرّ مرور الكرام فعاد أدراجه ليعتمد دوري العشرين صاغراً.
يقينا أن هذا العدد سيكون ثابتاً وإن كانت الملاعب بائسة وحافلة بمشاكل هائلة، تؤطّرها أندية كل همّها أن تكون في الدوري الممتاز بأي شكل من الاشكال، وإن كان لا دخل لها مطلقاً بالتقدّم والنتائج واحراز المكاسب والتطّوّر ويبقى دورينا حبيس المنافسة بين الأربعة الكبار أو الثلاثة وتبقى فرق الوسط جاثمة تراوح على حالها مكتفية بما هي فيه، وليذهب دوري المحترفين الى الجحيم! المهم هو سريان عجلة اسمها دوري الكرة والأهم هو انهاء الموسم ببطل للدوري وهبوط المتذيّلين له وكأننا نعيش بنسخة متبادلة غير قابلة للتغيير حتى في المشاكل التي تخصّ الحُكّام والمسابقات والتجديد، فكلّ هذه الفرضيّات هي من قبيل الممنوعات، وليس المهم أن تكون أنديتنا موفّقة في القدرة على التنافس عربيّاً وآسيويّا.
لذلك كلّه يجب أن تغلق أبواب الحوار أبداً ونقتنع صاغرين أن التجديد وبثّ الدماء الجديدة في نظام الدوري وشكله هي من الأمور المحرّمة جداً ولا ينبغي مجرّد النقاش فيها!