TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > هبوط الخط البياني لشعبية الرئيس الامريكي

هبوط الخط البياني لشعبية الرئيس الامريكي

نشر في: 12 فبراير, 2023: 10:12 م

رشيد غويلب

استطلاعات الرأي الأخيرة في الولايات المتحدة غير سارة بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن. واستنادا على معطيات هذه الاستطلاعات، يقدمه الاعلام كرئيس لا يحظى بشعبية. ولذلك حاول التصدي لهذه الصورة، في 7 شباط الحالي، “خطابه عن حالة الاتحاد».

يعتقد 62 في المائة من الأمريكيين أن بايدن لم يحقق الكثير خلال فترة ولايته. ومع ذلك، ارتفع التأييد لسياسته قليلا، مقارنة بالأسابيع الثلاثة الفائتة، ليصل الى 41 في المائة، ومن اجل الفوز بدورة رئاسية ثانية عليه ان ينجح بأقناع المزيد من الناخبين.

لقد وعد الرئيس بوضع سياسة اقتصادية، لصالح العاملين والفئات الوسطى، بواسطة مشاريع البناء والبنى التحتية الكبيرة. وعلى الرغم من انخفاض معدل البطالة إلى مستوى قياسي بلغ 3,4 في المائة، نتيجة لتوفير الكثير من فرص العمل الجديدة، فان هذه الصورة فقدت بريقها، نتيجة لانخفاض القدرة الشرائية، على خلفية ارتفاع هائل لمعدلات التضخم وتراكمه. لقد ارتفعت الأسعار بنسبة 15 في المائة.

يخاطب الرئيس بإلحاح أوساط الناخبين الذين تأثروا بأولويات دونالد ترامب السياسية. لقد تم نقل الكثير من مواقع الإنتاج ومعها فرص العمل الى خارج البلاد، وأصبحت الكثير من المدن ومعها أوساط العاملين منسية. وان فرصة العمل لا تنحصر بالأجر، بل ترتبط بالكرامة واحترام الذات والفخر. يريد الرئيس استعادة هذه القيم المفقودة من خلال السعي لإيجاد نموذج اقتصادي يصلح للجميع، انطلاقا من فكرة إمكانية نهوض أمريكا ثانية: “سوف نتأكد من أن سلسلة التوريد لأمريكا تبدأ في داخل أمريكا».

في خطابه “ النضالي” عن حالة الاتحاد، أكد بايدن أنه يتمتع بالطاقة لفترة رئاسية ثانية. يلزم الدستور الأمريكي رئيس الجمهورية بتقديم تقريرا ر إلى الكونغرس عن حالة الاتحاد وفي عصر وسائل الاعلام الجماهيرية تتجاوز مهمة الخطاب تقديم تفسيرات للسلطة التشريعية، ليتحول الى وسيلة هامة لمخاطبة الراي العام الأمريكي مباشرة. في العام الفائت، شاهد الخطاب قرابة 38.2 مليون أمريكي، مباشرة وعلى الهواء.

يعتبر خطاب هذا العام بداية غير رسمية لحملة انتخابات الرئاسة المقبلة في عام 2024. ويتعين على الرئيس البالغ من العمر 80 عامًا، ان يقنع أولا أوساط الحزب الديمقراطي، التي تشك في قدرته على الاستمرار في دورة رئاسية ثانية. وعليه ايضا أن يضع أسس التعاون مع الجمهوريين، الذين فازوا بأغلبية في مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي في تشرين الثاني الفائت.

لذلك أكد بايدن على المشتركات السياسية مع الجمهورين، مشير الى تعاون الحزبين في العامين الفائتين في اصدار قوانين مهمة. وقال وهو يصافح معارضيه: “إذا كنا قادرين على العمل معا في الكونغرس السابق، فليس هناك ما يمنعنا من العمل سوية في الكونغرس الجديد».

في الوقت نفسه، يناضل الرئيس من أجل سياساته الخاصة. سيتعين على الشركات الغنية والكبيرة أن تدفع المزيد مقابل استثمارات الدولة في البنية التحتية والرعاية الصحية وتحول الطاقة أو التعليم الأفضل. وهكذا يلعب الرئيس دور محامي الفقراء والفئات الوسطى في مواجهة فاحشي الثراء.

وظف الرئيس خطابه أمام جناحي السلطة التشريعية، الذي استمر قرابة 70 دقيقة، لمهاجمة المعارضة، لا سيما بشأن الخلاف بشأن تحديد سقف الديون: “يريد بعض أصدقائي الجمهوريين احتجاز الاقتصاد كرهينة، إذا لم أوافق على خططهم الاقتصادية”. وبدلاً من التأكد من أن الأغنياء يدفعون “حصتهم العادلة”، يريد بعض الجمهوريين تحجيم الرعاية الطبية والضمان الاجتماعي.

على الرغم من مغازلة الجمهوريين وصافحة وتهنئة كيفين مكارثي ، رئيس مجلس النواب الجديد ، المعروف بكونه يميني متشدد، ذكر الرئيس، مكارثي بأن الديون ارتفعن بسرعة خلال عهد ترامب: “في أربع سنوات ، لم يساهم أي رئيس في ارتفاع الدين القومي مثل سلفي”. ومع ذلك، رفع البرلمان في ذلك الحين سقف الديون دون قيد أو شرط: “أدعو الكونغرس الى الاستمرار في ذلك».

قبل عام، كان خطابه الأول عن حالة الاتحاد، مخصصا للغزو الروسي لأوكرانيا، ركز بايدن هذه المرة بشكل أساسي على القضايا الداخلية. لكنه لم يهمل ملفات السياسة الخارجية. كان غزو بوتين بمثابة اختبار لأمريكا: “هل ندافع عن المبادئ الأساسية؟” هل سيدافع الأمريكيون عن مبدأ السيادة، والدفاع عن الحرية والديمقراطية؟ ‘نعم سنفعل ذلك. ووقد فعلناه «.

ودون ان يذكر اسم دونالد ترامب، الذي قد يكون خصمه مرة أخرى في انتخابات عام 2024، أشار بايدن إلى السؤال المهم في هذه الانتخابات كما يعتقد: “يجب ألا ننظر إلى أنفسنا كأعداء، بل كمواطنين أميركيين. نحن شعب طيب، الأمة الوحيدة القائمة على فكرة”. لهذا السبب فهو متفائل:” علينا فقط أن نتذكر من نحن».

ردود فعل الجمهوريين

كانت ردود فعل الجمهوريين على الخطاب واضحة: اتهم ترامب وسارة هاكابي ساندرز حاكمة ولاية اركنساس الرئيس الأمريكي بالافتقار إلى القدرة على القيادة، واتهمه ترامب أيضًا بـ “بتدمير البلاد”. وقاد بايدن أمريكا إلى “حافة الحرب العالمية الثالثة”، وبدد تريليونات الدولارات بالتعاون مع “الديمقراطيين المتطرفين”، وتسبب في “أسوأ تضخم”. ويستخدم وزارة العدل لاتخاذ إجراءات ضد المعارضين السياسيين. وتشن حكومته “حربا على حرية التعبير” وتحاول تلقين الأطفال.

لكن الخبر السار، على حد قول ترامب، “هو أننا سنتجاوز كل أزمة ومأساة وكارثة تسبب بها جو بادين. أنا سأترشح لمنصب الرئيس لإنهاء تدمير بلدنا ولإكمال العمل غير المكتمل لجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى».

نجح جو بايدن في إتقان عملية التوازن السياسي في خطابه التقليدي عن “حالة الاتحاد”. وفي زمن الحرب، اعطى الأولوية الى التفاؤل والتقدم والمصالحة. “أمريكا أولاً”، وقبل كل شيء، “متحدة”. وهذا مطلب عللي وغير متحقق لأمة منقسمة.

القى الرئيس بالكثير من الثناء على إنجازات الديمقراطيين: الكفاح الناجح ضد البطالة، ووتوفير12 مليون وظيفة، وخفض التضخم، وتحسين البنية التحتية، وبرنامج الاستثمار بمليارات الدولارات لإعادة هيكلة الاقتصاد بطريقة محايدة مناخيا. ويجب مواصلة العمل السياسي من أجل رعاية صحية أفضل وأدوية ميسورة وفرص تعليمية أكثر إنصافًا ومزيدًا من العدالة الضريبية.

وفي حديثه بشأن الصين، أكد بايدن أن الولايات المتحدة “تبحث عن المنافسة وليس الصراع”. لكنه، في إشارة إلى إطلاق المنطاد الأبيض، حذر أيضًا: “إذا كانت الصين تهدد سيادتنا، فسنعمل على حماية بلادنا، وقد فعلنا ذلك».

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

في طبيعة المجتمع المدني في الدولة الديمقراطية ومهامه

العمودالثامن: أين اختفوا؟

 علي حسين ظل السادة خضير الخزاعي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وإبراهيم الجعفري وفؤاد معصوم وعباس البياتي وعتاب الدوري وحسن السنيد وغيرهم يهلّون علينا كلَّ يوم قبل الغداء وبعد العشاء من خلال الصحف والفضائيات،...
علي حسين

كلاكيت: البحر الأحمر في فينيسيا

 علاء المفرجي بعد مشاركتها في الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي لعام 2024م، من خلال أربعة أفلام سينمائية وعدد من المبادرات والفعاليات. وتتضمّنت قائمة الأفلام التي حصلت على دعم المؤسسة: "نورة" للمخرج...
علاء المفرجي

تدهور الرعاية الصحية الراهن لا تُعالجُه الوعود المعسولة!

د. كاظم المقدادي أنتجت المنظومة السلطوية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، وتقاسم النفوذ والمليارات، والمناصب والإمتيازات، ظواهر بغيضة، كالتسلط والهيمنة على مقدرات البلد، بدأتها بإفراغ الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى من الموظفين الكفوئين إدارياً وذوي...
د. كاظم المقدادي

عن المرجعية الدينية

حيدر نزار السيد سلمان كتب ويكتب الكثيرون عن خليفة المرجع الديني اية الله العظمى السيد علي السيستاني بالإضافة إلى جهود بعض مراكز البحوث المهتمة بالشأن العراقي، وهذا دلالة على أهمية المرجعية الدينية من النواحي...
حيدر نزار السيد سلمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram