ترجمة: حامد أحمد
أفاد تقرير بريطاني بتصاعد كارثي لبكتيريا وفايروسات وفطريات مقاومة للمضادات الحيوية في العراق، وعزا ذلك إلى الحروب التي عاشتها البلاد طيلة الحقب الماضية، لافتاً إلى أن المخاطر التي شكلتها المعارك التي دارت في البلاد لم تلق أي اهتمام لغاية الوقت الحاضر، داعياً إلى إيجاد حلول عاجلة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
وتحدث تقرير صحيفة (الديلي ميل) البريطانية ترجمته (المدى)، عن "دراسة جديدة اجراها علماء من الجامعة الأميركية في بيروت".
وأضاف التقرير، أن "العراق وبسبب حروب متواصلة مرت عليه استخدمت فيها أسلحة وذخائر ذات معادن ثقيلة سمية قد يصبح بؤرة لانتشار امراض وبكتريا وميكروبات تقاوم الأدوية المضادة الحيوية".
ويقول علماء من الجامعة الأميركية في بيروت بحسب التقرير، ان "عقودا من حروب شهدها البلد، بضمنها الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003، تسببت بتصاعد كارثي لبكتريا وفايروسات وفطريات مقاومة للمضادات الحيوية (الانتيبايوتكس)".
واكد العلماء ان "عوامل أخرى قد يكون لها دور في ذلك تمثلت ببنى تحتية لرعاية صحية مدمرة وشحة في الادوية وتلوث ناجم عم معادن ثقيلة سمية، فضلا عن شبكة صرف صحي رديئة".
ويخشى علماء وأطباء من "ظهور بكتريا لا يمكن علاجها باستخدام ادوية المضادات الحيوية المتوفرة". وتشير التقديرات الى انه "قد يتسبب ذلك بموت 10 ملايين انسان سنويا بحلول العام 2050 إذا لم تتخذ إجراءات حيال ذلك".
وشدد التقرير، على أن "مقاومة الفايروسات والبكتريا للأدوية كانت تعزى سابقا الى الافراط في تناول المضادات الحوية، ولكن الاهتمام بدأ الان يتحول الى عوامل أخرى مثل المعادن الثقيلة السمية والمطهرات المستخدمة في المعارك وقطاع الرعاية الصحية". وتابع، أن "الحرب منذ اربعينيات القرن الماضي قد اعتبرت على انها عامل مسبب لظهور البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية، ولكن الباحثين والعلماء يقولون انها لم تستقطب أي اهتمام".
وقال العلماء انهم "اختاروا العراق كمكان لتركيز اهتمامهم على هذا الموضوع لان البلد كان عبر العقود الأربعة الماضية مسرحا لحروب ومعارك متواصلة". ولفت التقرير، إلى أن "هذه الحروب، وشملت الحرب العراقية – الإيرانية في حقبة الثمانينيات ومن ثم حرب الخليج الاولى عام 1991 وبعد ذلك الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003 ومن ثم المعارك ضد تنظيم داعش الإرهابي". وأفاد، بأن "معدي الدراسة، الذين نشر بحثهم في صحيفة (BMJ) للصحة الدولية، قد راجعوا دراسات أخرى وضمنوها في بحثهم ليحذروا من ان المعارك والحروب التي شهدها العراق أدت الى خلق بيئة مناسبة لانتشار ميكروبات تسبب الامراض".
وأكد التقرير، أن "معدي الدراسة أشاروا الى ان معادن ثقيلة ملوثة استخدمت في الأسلحة والمتفجرات مثل الرصاص والزئبق والكروم والنحاس، كانت جميعها موجودة في بيئة الحرب".
ويسترسل، أن "قسماً من أنواع البكتيريا أخذت كعينات من هذه المناطق وأظهرت حصول تحورات جينية لديها لمقاومة سمية هذه المعادن الثقيلة الملوثة". وقال المشرف على الدراسة الطبيب، انطوين أبو فياض، إن "الحروب المعاصرة التي تم خوضها في مناطق مدنية وصناعية توفر للمكروبات بيئات انتقائية تحوي خليطا وتركيزا فريدا من معادن ثقيلة سمية ومضادات حيوية، بينما توفر في الوقت منافذ ومسالك لنشر أمراض ميكروبية."
وتابع أبو فياض، أن "هذه الحروب تشتمل على اعداد ضخمة من الجرحى وأنواع مختلفة من الجروح وطبيعتها مع حالات نزوح وتشريد".
وتحدث، أبو فياض، عن "انهيار في جانب النظافة والصرف الصحي وقلة في كادر الرعاية الصحية المتمكن من التشخيص على نحو جيد".
وأكد أبو فياض، "انهيار البنى التحتية للرعاية الصحية ومستشفيات ميدانية غالبا ما تكون قليلة الموارد ورديئة حيث يتعرض الجرحى من العسكريين والمدنيين على السواء لمسببات أمراض مؤذية مع قلة الرعاية العلاجية على نحو ملائم."
وذهب التقرير، إلى أن "فريق الباحثين قالوا إنه على الرغم من انه تم ربط العلاقة ما بين بيئة الحروب وظهور البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية منذ اربعينيات القرن الماضي، فان المخاطر التي شكلتها الحروب التي دارت في العراق لم تلق أي اهتمام لحد الان. مشيرين الى ان الامر يتطلب إجراء مزيد من الدراسات لغرض حماية ملايين من موت غير مبرر".
ويعود أبو فياض ليقول، "مع اخذ العوامل مجتمعة، من بنى رعاية صحية محطمة وعلاجات مكروبية غير ملائمة وموارد محدودة ونسب معادن ثقيلة ملوثة عالية في الانسان والبيئة مع الافتقار الى ماء نظيف وشبكة صرف صحي ومطهرات، جميعها مجتمعة قد تلعب أدوارا فعالة في ارتفاع كارثي بنسبة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية في العراق والتي قد تنتقل وتتوسع على مستوى إقليمي وعالمي."
ومضى أبو فياض، إلى أن "فهم وإدراك هذه العلاقة ما بين المكروبات المقاومة للمضادات الحيوية والحروب، خصوصا عبر مرور الوقت، هو امر حيوي يتطلب استجابة دولية لها، خصوصا مع عدم وجود مؤشر على ان المعارك والحروب في انحاء العالم ستشهد أي تراجع في السنوات القادمة".
عن: صحيفة (الديلي ميل) البريطانية