اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > دفتر المنفى.. بين النزل والبيت .. فصول حياتية ودليل مسار في رحلة الغربة

دفتر المنفى.. بين النزل والبيت .. فصول حياتية ودليل مسار في رحلة الغربة

نشر في: 18 فبراير, 2023: 10:49 م

علاء المفرجي

كان لفيصل عبد الله، شقيق الكاتب والمثقف التنويري الشهيد كامل شياع، الفضل الأول لتوثيق ونشر كتبه ورسائله، لتكون زادا معرفيا مشاعاً للقراء وللأجيال اللاحقة، وبالقدر نفسه كانت لـ (المدى) الفضل في نشر هذه المؤلفات، انطلاقا من رسالتها في نشر الوعي وتبني نتاج المثقفين التنويريين، الذين قدموا للفكر والثقافة العراقية الشيء الكثير.

وكتاب (دفتر المنفى.. بين النزل والبيت) هو الإصدار الأخير لشياع، الذي يتضمن رسائل الشهيد كامل شياع/ والتي جمعها وأعدها للنشر الناقد فيصل عبد الله.

الكتاب يتضمن الرسائل المؤلف الى شقيقه فيصل عبد الله، والفنان التشكيلي علي عساف، والناقد التشكيلي موسى الخميسي، أضافة الى نصوص ومقالات.. يقول فيصل عبد الله : “اعادت الي هذه الرسائل/النصوص، وانا اوشك ان ادفع بها للنشر فصولاً حياتية تقاسمت غالبية وقائعها مع كاتبها الملهم الاستاذ والمفكر التنويري كامل شياع (1954-2008) وحين استعيدها اليوم اجدني اتعثر بكم هائل من الذكريات مع شقيق الروح ان كان في شطرها الاول الذي قارب ربع قرن من الزمن في ارض الوطن، او مثل عدد سنواتها تقريباً في الارض الغريبة المسماة (المنفى)، والشطر الثاني هو ما تتوقف عنده هذه النصوص البليغة اذ انها كتبت في المنفى وعن المنفى. وهو ما حرصت على توثيقه وحمله معي اينما حللت وقد مثل لي في حقيقته زيادة معرفية ودليل مسار في رحلتنا الغريبة.»

يعد أدب الرسائل نوعاً من الإبداع الجمالي والفكري الذي كان يجد قبولاً كبيراً بين القرّاء فيما مضى، وإن كان الزمن قد باعد بيننا وبين ذاك العهد ، وفن المراسلات لم يأخذ في العصر الحديث المكانة التي أخذتها الفنون الأخرى ، إلا أن كتب التاريخ احتفظت لنا بالكثير من المراسلات بين الأدباء ، وقد نالت العديد من الخطابات والمراسلات المتبادلة بين أديب وآخر شهرة كبيرة على مستوى العالم؛ بل إن الكثير من القرّاء قد حفظوا عن ظهر قلب مقاطع منها؛ وذلك لقيمتها الفنية والجمالية والفلسفية العالية، وفي أدبنا في العالم العربي هذا النوع من الأدب وكان أشهرها على الإطلاق في العصر الحديث مراسلات الأديبة مي زيادة وجبران خليل جبران من جهة ، وبينها وبين العقاد ، والرافعي من جهة أخرى.. من خلال رسائل ومنها بين جبران خليل جبران ومي زيادة، وبين غسان كنفاني وغادة السمان.. وعالميا كانت النصوص الأدبية الجميلة التي بعثها الرسام العبقري فان جوخ إلى شقيقه ثيو، والتي كان يبث من خلالها أوجاعه وما يعانيه إلى أخيه ثيو والذي كان أحب الناس إليه، و رسائل فرانز كافكا، إلى حبيبته ميلينا، فرسائل فيودور دوستويفسكي، التي كان يرسلها لزوجته المتوفاة.

وإذا كان البعض يراهن تراجع أدب الرسائل في زمننا، لكن البعض الاخر يتوقع عودته مرة أخرى عبر الثورة الكبيرة في تكنولوجيا المعلوماتية والاتصال، فالتوثيق وسرعة الوصول والأمان في إيصال الرسائل، ممكن أن يعيد لهذا الفن القه.

في رسائل كامل شياع لاحظنا، وأحسسنا بطعم المرارة في فمه، وهو يتجرع مرارة المنفى والغربة عن أرضه، بل والتجوال المستمر في مدن الغربة حيث تشع من خلالها عبارات الرسالة هاته نبرات حزينة مغلفة بسخرية قاتلة. أضافة هموم حياتية أخرى، وانشغالات ثقافية واجتماعية.

ولنا أن نصنف هذه الرسائل تبعا لموضوعاتها وللمرسلين لهم.. فنجد أن الرسائل المرسلة الئ شقيقه الناقد والكاتب فيصل عبد الله تحمل بين سطورها الكثير من الحنين الى الوطن، ذلك أن أخيه يذكره ولا شك بالوطن حيث يبث أشواقه وتفاصيل حياته العائلية والآمال الضائعة بالرسائل، مثلما يضمنها تلك الأسباب التي جعلته وأخيه يتقاسمون عذاب المنفى والغربة القاتلة.. ونجد لهفة وشوق كامل في احدى هذه الرسائل الى فيصل حيث تأخر في التواصل بالكتابة اليه، بسبب سفره الى مكان عمل آخر يقول فيها:

«إن بلغتك هذه السطور،

إن كنت حيا رابط الجأش لم تزل..

إن كنت تهجع في أمان،

فسألعن هواجسي الثقيلة وألعن صمتك

ووعدك الكاذب».

أما النوع الثاني من الرسائل التي بعثها الى الفنان علي العساف، والكاتب والناقد موسى الخميسي.. فتتسم بالانشغالات الثقافية المشتركة، فتراه يتحدث عن غاليري ما، أو لوحة تشكيلية، أو يصف مدينة معينة.

يقول فيصل عبد الله: “ على شكل رسائل منتظمة ومن مدن غالبيتها اوروبية كانت تصلني هذه النصوص حاملة متها خلاصات قراءات فكريك غزيرة و تأملات عميقة لحالنا في ارض المنافي الواسعة او لاحوال الوطن الاول ومصائر ابنائه، فضلاً عن اخبار ذلك الشاب المرهف الشخصية، وكانت اقصاها علي تلك المرسلة من باريس بعد ان جرب حظوظه في ايرلندا وبريطانيا وعاد يشدو وهو يردد قصيدة الشاعر اليوناني/ الاسكندراني القسطنطيني كافافي الشجية (أيثاكا).

حقاً كنت اتطلع بشغف الى تسلم المزيد من فيض هذا الزاد المعرفي وربما حرضت كاتبهاً احياناً على التواصل عبر ارسال بطاقة بريدية لمنظر طبيعي لا تحمل كلاماً سوى عنوانه، طمعاً بسحر افكار هذه النصوص وما يمكن ان تفعله في رحلة طويلة باتجاه مجهول.»

فيما يصف الكتاب بأنه بمنزلة اعادة وديعة ثمينة حملتها معي وظلت تشاغلني طويلاً بجدوى نشرها. الا ان تلك القناعة قابلتها اخرى هي ضرورة تتبع يوميات قامة فكرية متفردة، وارث كتاب ترك بصمته واثره العميق على من عرفه داخل العراق وخارجه. درس لاجيال قادمة علها تجدد وهاناتها التنويرية وما يمكن ان تفضي اليه من افاق نحو حاضرها ومستقبلها. ومن خلال تتبع سيرة عصامي اشتغل طويلاً على نفسه وعلى رحابة الافكار ورفعة الشأن العام وعاد الى مسقط الرأس بغداد المدينة الاحب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

رمل على الطريق

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

موسيقى الاحد: جولة موسيقية في فيينا

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram