اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > الأشياء التي لاطائل منها في العشرية المجنونة

الأشياء التي لاطائل منها في العشرية المجنونة

نشر في: 19 فبراير, 2023: 10:44 م

علاء الفرجي

الستينيات هذه السنوات العشر اللافتة في القرن المنصرم، السنوات التي اختزلت كل تجليات القرن، كل أحداثه، بل كل حيواته ورموزه، قدمت البديل لكل مأساة القرن، التي جرتها حربان عالميتان في أوربا،

أجهزت على الملايين من البشر، مرحلة تحوّل نوعي في ثقافة المجتمعات الغربيّة، وانعطافة مهمة في السياسة والاجتماع والثقافة الشعبيّة والفنون على مستوى العالم كلّه.

خلقت العديد من الأيقونات والرموز، ففرقة البيتلز البريطانية بالذات رمز تلك المرحلة، ليس في الموسيقى والغناء فحسب، بل وفي كافّة مناحي حياة جيل الشباب -الأوروبي أساسًا - في نمط رومانسي غاضب، ثوري النزعة، متحرر من القيود التي تربى عليها جيل آبائهم، وتيار الهيبيز الذي أجتاح اوربا كما النار كانت الحرية شعارهم، والمعطى السياسي منهجهم المتمثل باليسار الجديد، وغيفارا وكانت الذروة بالثورة الطلابيّة في فرنسا 1968 التي أسقطت جمهوريّة ديغول. ابتداء من جامعة السوربون بباريس ثم فرنسا كلها، ثم اجتاحت العالم والتحمت بالحركة المناهضة للحرب على فيتنام في جامعات الولايات المتحدة الأميركيّة.

في بداية الستينيات، كان جيروم وسيلفي يكسبان رزقهما من خلال إجراء استطلاعات الرأي. لكن حياتهم الضيقة لا ترضيهم. إنهم عالقون في زوبعة الأشياء والأثاث والملابس والمجوهرات، فلديهم حلم واحد فقط: أن يكون لديهم ما يكفي من المال لتحملها. لا أن تصبح ثريًا، بل أن تصبح ثريًا، وبالتالي تحافظ على ما يعتقدون أنه حريتهم. يصبح هذا الهوس حياتهم ويلخصها. يحاولون الهروب منه بأن يصبحوا مدرسين في تونس، لكنهم لا يجدون سوى الفراغ هناك. عند عودتهم، وافقوا على الحصول على الفتات فقط، عن طريق جعل الموظفين.

هذا ما سنتابعه في رواية (الأشياء. حكاية من الستينيات) الصادرة عن المدى لمؤلفها جورج بيرك، وترجمة محمد فطومي..

في بداية الرواية تصف لنا شقة مقدمة على أنها مثالية بفخامتها وأبحاثها، يسكنها شخصيات لم يتم ذكر أسمائهم، والذين يرغبون في عيش حياة متناغمة هناك، في التوازن الذي يسمونه السعادة. لكن هذا الزوجان الشابان يختنقان في شقة صغيرة، حيث يصبح ضيق المساحة مستبدًا. يمكن أن يعمل العمل على تحسينه، لكنهم يرفضون القيام بذلك، ويفكرون فقط من حيث الكل أو لا شيء. إنهم ينتظرون العيش وينتظرون المال.

ثم نتعرف على جيروم، 24 سنة، وسيلفي، 22 سنة، علماء نفس-اجتماع : يجرون استطلاعات الرأي. إنهم لا يحبون عملهم لكنهم يكسبون بعض المال. هذا يسمح لهم باكتشاف الأزياء الإنجليزية، وسوق السلع المستعملة، ويكشف عن ما لا نهاية لاحتياجاتهم. لكنهم ما زالوا لا يجرؤون على مواجهة "هذا النوع من القسوة المثير للشفقة الذي أصبح مصيرهم". »

ثم أصدقاؤهم مثلهم، في الإعلانات، بالمال، لكنهم ما زالوا في الأحمر. إنها مستوحاة من أساليب الشراء من الاكسبريس التي يرفضونها، لكنهم يمتصونها. يلعبون ويديرون الحانات ودور السينما وليس لديهم حياة حقيقية خارج مجموعتهم. و يشعرون بأنهم محاصرون، ولا يرغبون في الصعود في التسلسل الهرمي للحفاظ على حريتهم، على الرغم من أنهم يعرفون أنها ليست سوى شرك. إنهم يحلمون بالثروة، لكنهم لا يريدون الثراء ببطء. "يمكنهم، مثل الآخرين، الوصول ؛ لكنهم أرادوا فقط أن يكونوا هناك.

بعدها فترة الحرب الجزائرية الحزينة والعنيفة تنقذهم من أنفسهم، حتى لو كان التزامهم سطحيًا، فإن جهودهم مخيفة.

لنصل الى تتفكك مجموعتهم. استسلم جميع أصدقائهم تقريبًا لإغراء الحصول على وظيفة مستقرة، ومكانة صلبة، ومكافآت. لكن جيروم وسيلفي لا يحتاجان إلى راتب: إنهما يحلمان فقط بالملايين. لكنهم يحلمون بالميراث، والجائزة الكبرى، والتريفكتا، والرغبة المجنونة، والمريضة، والقمعية. ذات يوم حتى أنهم يحلمون بالطيران. وعندما يربحون بضعة بنسات في البوكر، فإنهم ليسوا بعيدين عن الشعور بالبطولة.

في هذه الرواية، يقدم جورج بيريك تحقيقًا اجتماعيًا في المجتمع الاستهلاكي الناشئ والإحباطات التي يولدها، هي أيضًا رواية الإحباط والشهية غير المرضية. " آلة الإعلان العظيمة"، التي هم أنفسهم "البيادق الصغيرة"، تحاصرهم. لذلك، قرر جيروم وسيلفي الإقلاع. في سنوات التعاون ما بعد الاستعمار، يمكن للشباب أن يقدموا خبراتهم للدول القومية الجديدة. سيلفي تحصل على درجة الأستاذية في إحدى الكليات التقنية بصفاقس. هو، الذي ليس لديه وظيفة، يكتسح. في نهاية العام الدراسي، يذهبون إلى المنزل بسرعة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram