بغداد/ فراس عدنان
تشكو وزارة الموارد المائية الانحسار الكبير في إيرادات المياه وكثرة التجاوزات على الأنهر، مؤكدة انتفاء الحاجة لإنشاء خزانات جديدة، لافتة إلى أن السدود الحالية تعاني من نقص حاد، لكنها نفت في الوقت ذاته توقف محطات الإسالة، مشددة على أن مياه الشرب مؤمنة لغاية الوقت الحاضر.
وقال المتحدث باسم الوزارة علي راضي ثامر، إن "العراق يعاني حالياً من انخفاض مستوى المياه للسدود والخزانات بنحو كبير".
وتابع ثامر، أن "السبب الرئيس في هذا الانخفاض الحاد، هو قلة الإيرادات المائية لنهري دجلة والفرات من الجانب التركي".
وأشار، إلى "لجوء الوزارة إلى إطلاق المياه من السدود والخزانات لمعالجة النقص وتلبية المتطلبات".
وأوضح ثامر، أن "هذا خلّف فراغاً خزنياً كبيراً"، مشدداً على أن "العراق لا يحتاج إلى إنشاء سدود خزنية كبيرة؛ لأن السدود الموجودة تعاني من فراغ كبير".
وبين، أن "ما يطلق حالياً يلبي الاحتياجات الانسانية، لكننا نعاني من كثرة التجاوزات على المياه والمساحات الزراعية ضمن الخطة الشتوية وبحيرات الأسماك".
ووصف ثامر، حجم التجاوزات هذه بـ "الكبيرة"، ونبه إلى "توجيهات صدرت من مجلس الوزراء للتنسيق مع قيادة العمليات في المحافظات ودعم مجلس القضاء الأعلى في رفع التجاوزات ومحاسبة المخالفين".
وأفاد، بأن "الجهد على هذا الصعيد ما زال مستمراً من أجل تأمين وصول الحصص المائية إلى جميع المحافظات لاسيما في المناطق الجنوبية في البصرة وميسان وذي قار والمثنى".
ومضى ثامر، إلى أن "مياه الشرب مؤمنة، ومحطات الاسالة لم تشهد أية مشاكل لغاية الوقت الحالي، ومشكلتنا الحقيقية سواء في شمال بغداد ومؤخرة سدة سامراء باتجاه الجنوب هي التجاوزات التي نعمل على رفعها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة".
وتؤكد مصادر مطلعة في الوزارة، أن "وزير الموارد المائية أوصل هذه الصورة لرئيس الوزراء الذي أوعز باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتفعيل ملفات التفاوض مع تركيا وإيران وسوريا"، مؤكدة أن "ملف التفاوض على المياه سيادي ومرتبط بالسلطة العليا للدولة"، لافتة إلى أنه "من الخطأ التصور أن وزارة الموارد المائية هي الجهة الأساسية المعنية بإدارة هذا الملف، إلا أن وزارة الموارد المائية تدير الجانب الفني منه".
من جانبه، أفاد المختص بشؤون المياه عادل المختار، أن "تحذيرات الجفاف صدرت منذ عام 2017، لاسيما وأن العراق قد اعتبر مؤخراً خامس دولة متضررة من التغيرات المناخية".
وتابع المختار، أن "العراق كان حينها أمام أمرين الأول رفض الاجراء التركي بإنشاء سد الجزرة الذي يقضي على المياه في حوض دجلة، والثاني إعادة النظر بالسياسة الزراعية المبنية على الفيضانات".
وأشار، إلى أن "الوضع المائي للعراق خطير جداً، لأننا لم نتلق موجات مطرية كتلك التي هطلت في عام 2019".
وبين المختار، أن "الخزين الستراتيجي يقدر بـ8 مليارات وهو متدنٍ جداً ويعد بأنه الأسوأ منذ عام 2017".
وأوضح، أن "وزارة الموارد المائية كانت قد أكدت أن الخزين المائي تناقص عن الموسم السابق بنسبة 50%، لكنها في الوقت ذاته اضافت مليون دونم إضافي على الخطة الزراعية وهذا هو إجراء غير مبرر في ظل الجفاف الحالي".
وشدد المختار، على أن "الوزارة تحدثت مؤخراً عن كيفية توفير الرية الثالثة والرابعة مع تراجع الايرادات من الجانب التركي".
وأعرب عن أمله، بأن "تذوب الثلوج في تركيا وتردنا، وهذه مجرد امنيات لكون أن الخطط الزراعية تبنى على أسس علمية وفق كمية المياه المتوافرة".
ويصف المختار، "الوضع المائي بالخطير مع قلة الايرادات الواردة من تركيا"، مبيناً ان "المياه التي من المفترض أن تتجه إلى الخليج هي 125 مترا مكعبا في الثانية حتى تدفع اللسان الملحي عن البصرة".
وأكد، أن "ما نلحظه اليوم هو صعود المياه الملحية لعدم امتلاك العراق الكميات المائية القادرة على دفعها، وفي أحسن الأحوال كانت الاطلاقات هناك 90 مترا مكعبا في الثانية".
ويرى المختار، أن "التصريحات التركية بأن العراق لا يحافظ على المياه التي تصله وانه يدفعها نحو الخليج بناء على تلك التقديرات غير صحيحة".
ودعا، إلى "تفعيل مذكرة التفاهم التي تم الاتفاق عليها في عام 2015 المتضمنة شرطين وهما توفير حصة مائية مناسبة للعراق والثاني تقاسم الضرر بين تركيا والعراق".
وتحدث المختار، عن "تأخير تشكيل المجلس الوطني للمياه الذي يتراوح قانونه بين الحكومة والبرلمان منذ أكثر من 10 سنوات".
وأفاد، بأن "هذا المجلس يرفع ملف المياه من وزارة الموارد المائية إلى رئيس مجلس الوزراء بمعية مجموعة خبراء محايدين من أجل التفاوض مع دول الجوار بأوراق الضغط الحالية منها الميزان التجاري وميزان المدفوعات والنفط والملف العسكري".
ويتساءل المختار، "ماذا لو كان الشتاء القادم جافاً أيضاً؟، وهنا ستكون الكارثة إذا لم نتخذ الإجراءات السريعة لمعالجة أزمة الجفاف".
ويأسف لأن "العالم كله تحدث عن تحذيرات مبكرة من أزمة الجفاف وكذلك الحال بالنسبة للأمم المتحدة لكن العراق لم يأخذ احتياطاته".
وانتهى المختار، إلى أن "وزارة الزراعة ما زالت تزرع بالري السيحي، رغم أن مستشاري هذه الوزارة يتحدثون عن أهمية الري الحديث، لكن لم يحصل تغيير لغاية الوقت الحاضر".
وكان مجلس النواب قد أكد متابعة ملف المياه وازمة الشحة، ودعا إلى استئناف المباحثات مع الجانبين التركي والايراني من أجل ضمان حقوق العراق المائية، مشدداً على ضرورة تطبيق المبادئ الدولية المتعلقة بتقاسم الضرر، معرباً عن انتقاده لحراك الحكومات السابقة بشأن ملف المياه كونها لم تعطه الأهمية اللازمة.