اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > الجوائز الأدبية.. هل تخضع لأهواء اللجان أم تكريس للثقافة الأدبية وحافز للإبداع؟

الجوائز الأدبية.. هل تخضع لأهواء اللجان أم تكريس للثقافة الأدبية وحافز للإبداع؟

نشر في: 6 مارس, 2023: 11:23 م

علاء المفرجي

الجوائز الأدبية خلال السنوات الأخيرة في الوطن العربي، منها نسخ لجوائز عالمية وأخرى عربية خالصة، ما فتح الباب أكثر لتشجيع الكتاب والناشرين على تقديم الجديد والجيد، وكذلك شجع القراء على الانفتاح أكثر على أعمال جديدة عن طريق التعريف بها من خلال تلك الجوائز.

ولعا الرواية هي الأكثر في عدد هذه الجوائز، وقد تكون جائزة البوكر العربية ابرزها.. فلا تكاد تخلو أية دورة من دورات هذه الجائزة التي باتت تعرف شعبيّا بـ"البوكر العربية" من سجالات عن الأعمال المتنافسة بحيث أصبح حديث البوكر حديثا سنويّا موسميّا يتجدّد مع إعلان كلّ قائمة، ويثار الحديث عن هذه الجائزة بين مؤيد لها ومعارض. وهذا طبعا يشمل الكثير من الجوائز الأدبية في المنطقة العربية.

يقول الروائي جهاد مجيد: "من الغريب أن يقول المرء بسلبية الجوائز الأدبية أو أي جوائز، فهي لا شك من "المفترض" أن تشكل حافزاً للإبداع، وتشجيعاً مهماً لتحسينه وثرائه، ولكن ما شاب إجراءات لجان هذه الجوائز أو الترشيح لها أحال الأمر إلى معكوسه."

فهل تساهم الجوائز الفنية والأدبية في تكريس للثقافة الأدبية والفنية، وتنطوي على مقاصد نبيلة في جوهرها رغم بعض المآخذ.

سؤال توجهنا به لبعض ادبائنا وفنانينا:

الروائي عبد الخالق الركابي: حاجة الروائي إلى الانتشار عن طريق الإسهام في الجوائز العربية المعروفة

- سبق لي أن تحدثت، منذ أعوام، عن هذا الأمر فذكرت ما معناه أن مشكلة الرواية، ولا سيما الرواية العراقية، تتمثل بمحدودية جمهورها وقلّة الإقبال عليها. وتتعمق هذه المشكلة أكثر حينما ندرك أن الرواية – على النقيض من القصة القصيرة والشعر – نص طويل لا بد لمؤلفه من إصداره بين دفتي كتاب، في حين في وسع كاتب القصة القصيرة والقصيدة نشر ما يكتب في الصحف أو على صفحته الشخصية في الفيس بوك.

الرواية العراقية فن يتيم، ما من جهة ثقافية مؤثرة ترعاه، كما أن جمهورها في انحسار دائم بإزاء شيوع وسائل الاتصال الجديدة، وقد يأتي يوم تخلو فيه الساحة من روائيين جادين! من هنا تظهر حاجة الروائي الملحّة إلى الانتشار عن طريق الإسهام في الجوائز العربية المعروفة؛ فبرغم ترفّع عدد من الروائيين (الراسخين) عن الإقدام على هذه الخطوة، ولكنني أكاد أجزم أنهم سيكونون في طليعة المشاركين فيها لو ضمنوا الفوز! بيد أن المشكلة التي تجابهنا هنا تتمثّل بأن هذه الجوائز لا تخلو عادة من توجّهات معيّنة – غير معلنة طبعاً -تخدم الأغراض التي أقيمت تلك الجوائز من أجلها وفي مقدمتها تجنّب فضح الدور الامبريالي القذر في اضطهاد معظم شعوب العالم الثالث؛ فتكون المحصّلة انسياق عدد من الروائيين الشباب لتلك التوجّهات وذلك بكتابة روايات (مخصيّة) يتحدد طموحها بنيل إحدى تلك الجوائز؛ وبذلك تعود مشكلة الرواية لتتخذ لها مظهراً آخر لا سبيل لنا إلى تجاهله..

في ظني يبقى الأمر الذي يعوّل عليه للخروج من هذه الاشكالات يتمثّل بنهوض حركة نقد روائية جادة تتكفل بتسليط الضوء على الروايات التي تراها جديرة بذلك وصولاً إلى إبداع روايات عراقية لها جمهورها الذي يحرص على متابعتها، فضلاً عن أن تلك الروايات ستحتلّ موقعها المشرّف الذي تستحقه في تاريخ الرواية العربية.

الشاعرة فليحة حسن: جائزتي الحقيقية تكمن في سماع مقطعاً من نص

للجائزة فائدة نفعية واحدة إذا ما استبعدنا عنها منفعتها المادية، وهي إنها تقدمك الى جمهور أوسع، بمعنى إنها تسهم بطريقة وبأخرى في انتشار ذلك المبدع وتجعل القارئ يسعى جاهداً للحصول على نتاجه، لكن هذا لا يعني أنني كتبتُ سابقاً أو أكتب الآن من أجل الجائزة، أو إن الجوائز تشكل حافزاً عندي في الكتابة مطلقاً، ولا أخفيكَ سراً إنني ومنذ مدة ليستْ بالقصيرة أشعر برغبة شديدة بعدم المشاركة في الجوائز الأدبية والمسابقات، وذلك لأن أغلب تلك الجوائز تتسم بعدم المصداقية، كما أن الثقة تغيب عن أغلب محكميها أو المشرفين عليها. وفي حقيقة الامر ان جائزتي الحقيقية تكمن في سماع مقطعاً من نص لي يردده قارئ متابع، أو مشاركة أحد القراء معي لما أختلج في داخله من مشاعر بعد أن قرأ أو أستمع لواحد من نصوصي، بصراحة هذا ما يشكل عندي فوز حقيقي.

الكاتب علي عبد النبي الزيدي: لا أكتب نصاً معيناً من أجل جائزة هنا أو هناك، على الإطلاق

- أشير دائما أن الكتابة للمسرح هو مشروع عمر كامل. هذا العمر الذي وهبته جملة وتفصيلاً للمسرح. لذلك لا أكتب نصاً معيناً من أجل جائزة هنا أو هناك، على الإطلاق. هي تأتي هكذا دون موعد لأرشح لها نصاً كُتبَ أصلاً وفق مفهوم المشروع الذي أومن وأسعى لتطويره دائماً، ومن هنا تأتي الجوائز تعزيزاً لفعل الكتابة النبيلة الخارجة من الهم اليومي، وأيضاً هو فرصة طيبة للقارئ البعيد أن يعرف كيف يفكر هذا الكاتب الذي يعيش في جنوب العراق بعزلته المعروفة، والأهم تختبر بعض نصوصك عربياً في فهم الآخر لها، ومدى تأثره بها. الجوائز الكثيرة التي حصلت عليها عربياً وعراقياً تأتي عادة لتصنع بعض السعادات المؤقتة التي أحتاجها في واقع شحّت فيه السعادة، وحقيقة فوجئت بآخر جائزة حصلت عليها في مسابقة مهرجان القاهرة للنصوص التجريبية وحصولي على الجائزة الأولى بحجم حب الناس لي في كل مدن العراق وهذا الذي ابكاني فرحاً وجعلني أعيش سعادة لا توصف وأنا في مدينة القاهرة يومها، وقد وجدتُ زخماً هائلاً في التواصل الاجتماعي لهذا الحب الذي أثرَ فيَّ كثيراً وهو أسمى الأشياء التي يمكن أن أحصل عليها.

الاديب باسم فرات: الجوائز تتحول إلى نقيضها حين تمر السنوات تلو السنوات

الجوائز في جوهرها مقاصد نبيلة لا شك في ذلك، والعيب ليس فيها، بل في عدد كبير من حامليها الذين أساءوا لهذه الجوائز حين "ركنوا للدعة والاستسهال" وغادروا منطقة القلق التي حين تخفت عند المبدع تتضاءل موهبته، الجوائز سلاح ذو حدين، أما أن يجعل حاملها شخصًا مهمومًا بالإبداع والتجديد والمثابرة والعمل الجاد على تجاوز نفسه، وهذه الفئة مع الأسف قليلة جدًّا، بينما الغالبية شاع في منجزاتها التراجع الكبير.

الجوائز تتحول إلى نقيضها حين تمر السنوات تلو السنوات وحامل الجوائز المتعددة، لم ينتبه له النقاد والأدباء والدرس الأكاديمي إلّأ خجلًا. وصدقًا كثيرًا ما تألمت ولا أقول أشفقت - لأني أحترم المبدعين قاطبة – حين أنظر لشعراء أو أدباء حصلوا على أكثر من ثلاث جوائز قبل أكثر من عشرين سنة، ولكن عدد المقالات والدراسات عنهم دون الخمسين مقالًا ودراسة.

ظاهرة التسطيح وانتفاخ الأنا، شاعت على نحو مخيف، وأغلب الجوائز ليست لها قيمة إبداعية كبرى وتفتقد إلى مكافأة مالية مجزية تُغيّر الوضع الاقتصادي للمبدع، فاختلط الحابل بالنابل، وهذا ما

قادني لأن أؤمن أن المبدع الحقيقي – أستثني المتواضع المتصالح جدًّا مع عزلته – يجب أن تتوازى لديه ثلاثة أعمدة هي أعمدة مثلث النجاح، وهي أولًا: المثابرة والنشر وتجاوز ذاته، ثانيًا: هذا يقود إلى كثرة احتفاء النقد بتجربته الإبداعية، أي كثرة المقالات والدراسات عنه، وثالثًا: اهتمام الدرس الأكاديمي، فتكثر رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه عنه؛ هنا تصبح الجوائز ذات قيمة حقيقية.

الجوائز مسؤولية ثقيلة، مثلها مثل كتابات النقاد والشعراء والأدباء، يجب أن تكون دافعًا للمثابرة أكثر والتأني ومحاولة التجاوز، تجاوز كل ما كتبناه سابقًا، وسأبقى أؤمن أن الجوائز ليست دليلًا كافيًا على التفرد والتميز، وأن خطورتها لما فيها من مغريات تقود للاستسهال وتضخّم "الأنا" الذي يزيح عن كواهلنا تلك الرجفة والتعرق اللتين أراهما ضروريتين للحفاظ على جمرة الإبداع مشتعلة في أعماقنا.

الفنان علي المندلاوي: بمنحي جائزة محمود كحيل حققت ما لم أحققه من قبل

- كما ذكرت في كلمتي في حفل تقديم الجائزة في بيروت:" بمنحي هذه الجائزة أشعر أكثر من اي وقت مضى بأني حققت ما لم أحققه من قبل، وذلك بإنضمامي الى سجل عمالقة سبقوني اليها، كالشهيد" ناجي العلي" من فلسطين، والراحل " ابراهيم لهادي" من المغرب، والمخضرمين" حلمي التوني" و"جورج البهجوري" من مصر،والمكرمين الحاضرين بيننا" حبيب حداد" و" جورج خوري"من لبنان، والمتألقة" لجينةالاصيل" من سوريا، وكلهم رواد وملهمين عرفوا بعطاءهم الخلاق وابداعهم غير المسبوق عربيافي حقول الرسم الكاريكاتيري، والرسم لمطبوعات الاطفال، والاشرطة المصورة،وبأن الجائزة وإن قُدِمت لي اليوم، إلا انها ايضا لإولئك الشباب في بغداد واربيل والبصرة والسليمانية الذين يكملون المسيرة الابداعية غير عابئين بطريق مليء بالأشواك!

المخرجة عواطف نعيم: تثمين لمكانة المبدع وحافز للتواصل والسعي

- التكريم والجوائز هي بمثابة التفاتة اعتزاز واحترام على كتف المبدع وهو حي تؤكد له ما حققه من نجاح وتأثير وحضور وتبارك له ذلك الابداع، التكريم والجوائز هي بمثابة تثمين وتقييم لمكانة المبدع صاحب ذلك التميز لذا فهي جميلة لأنها تمنح المبدع المكرم حافزا للتواصل والسعي والاجتهاد لتقديم الأفضل الذي يصب في رسالة الفن السامية في التوعية والتنوير وإشاعة روح الخير والمحبة بين المتلقين والمهتمين، لقد كرمت في بلدي من مؤسسات ومن وزارة الثقافة العراقية لأكثر من مرة ما قبل الاحتلال الامريكي للعراق عن أعمال قدمتها ونالت جوائز الابداع في المسرح العراقي ولكن الدولة العربية التي كرمتني حقا وفتحت لي أحضانها دون أن تسألني عن ميولي وعن توجهي الفكري وعقيدتي هي تونس أذ كرمتني في العام ١٩٩٤ في مهرجان قرطاج المسرحي كفنانة عراقية متميزة ثم كرمتني في العام ٢٠٠٧ كفنانة عربية متميزة ثم منحتني جائزة أبو القاسم الشابي للتأليف المسرحي والذي كان يضم ٤٩ كاتبا عربيا دخلوا معي دائرة التنافس، ثم عادت وتوجّتني كفنانة عربية مبدعة مؤلفة ومخرجة وممثلة وناقدة في العام ٢٠٢١ في مهرجان قرطاج المسرحي وهو أعلى وسام يمنح لفناني المسرح، ثم قامت وزارة الثقافة الفرنسية بمنحي أرفع وسام بدرجة فارس هو وسام الثقافة والآداب في ٢٧ / ٣ / ٢٠٢٢ وُيعد هذا تقييما أوروبيا مهما لفنانة عراقية قرأت الأدب الفرنسي وقدمته عراقيا في ستة عروض مسرحية مهمة حلّق بعضها ليمثل المسرح العراقي في مهرجانات الإمارات والجزائر ومصر وتونس وبعضها الاخر أضاء خشبتي المسرح الوطني ومسرح الرشيد وكل هذه العروض كانت بدعم من المعهد الفرنسي في العراق إنتاجيا وكانت جامعة موسكو قد كرمتني هي الأخرى بشهادة تقديرية خاصة لتعريفي وقراءتي لأعمال الكاتب الروسي الكبير تشيخوف، وهذا جعلني أتسأل : لماذا لم تكلف نقابة الفنانين العراقيين واتحاد الأدباء ووزارة الثقافة وكلية الفنون الجميلة ولجنة الثقافة والاعلام في البرلمان نفسها لتوجه لي المباركة وتحتفي بي كما فعلت المغرب مع الراحلة ثريا جبران وكما فعلت بيروت مع الكبيرة فيروز حينما نالتا هذا الوسام؟ لكن قناة الشرقية كان لها موقف جميل إذ روجّت للخبر وكان لدائرة السينما والمسرح موقفا داعما هي الأخرى وكان لنقابة الفنانين السوريين موقفا داعما هي الأخرى كي تبارك لي نيلي هذا الوسام في حين صمتت بقية المؤسسات الرسمية عن ذلك !! حين فزت بجائزة التمثيل في العام ١٩٨٥ عن السهرة التلفازية (بلابل) تم بث الخبر من تلفزيون العراق في نشرة الاخبار الرئيسة وكرمتني حينها وزارة الثقافة العراقية واحتفت بي لان ما قدمته كان منجزا يصب في نهر الابداع العراقي، لذا انا اشكر كل من أزرني ودعمني وبارك لي.

الروائي علي حسين عبيد: تكتسب الجوائز جدواها من معاييرها التنظيمية، ومن قيمتها المادية والمعنوية

بدءًا لابد من القول أن الجوائز ليست معيارا نهائيا لقياس جودة النص الأدبي، ولا يمكن أن تشكل الجوائز فيصلا دقيقا للمفاضلة بين الأعمال الأدبية، لاسيما أن الشبهات تطارد الجوائز في عالمنا العربي، فضلا عن التصريحات التي تتهم بعض الجوائز العالمية الكبيرة بعدم الإنصاف وغياب العدالة أحيانا، وإلصاق التبعية السياسية بها، لذا فإن الأمر يرتبط بدرجة نزاهة هذه الجائزة أو تلك، وكلما تصاعدت درجة نزاهة الجائزة تصاعدت درجة جدواها وأهميتها ويصح العكس.

في العراق والعالم العربي يسعى الكتاب نحو الجوائز بسبب التفاوت الإعلامي، وقلة تسليط الضوء على تجارب الكتاب الجيدين، وهنالك قضية العلاقات في الأوساط الأدبية وتأثيرها غير العادل، فالأديب الذي يكون في بؤرة العلاقات الأدبية وقريبا من مراكز الثقافة ومنظماتها، لا يحتاج إلى الجوائز، لأنه تحت الضوء، أما الكاتب المغمور أو البعيد عن الضوء وعلاقاته الأدبية قليلة، فإنه يخطط ثم يمضي صوب حصد هذه الجائزة أو تلك لكي يثبت بأنه يكتب النصوص الجيدة.

وهنا لابد من القول إن الجوائز الأدبية مطلوبة حتى مع العيوب الكثيرة التي تشوبها، كونها تخلق نوعا من المنافسة بين الكتاب والأدباء والفنانين وكل المبدعين، لكن هناك ضوابط أخرى تمنح الجائزة مكانة مرموقة وجدوى واضحة، منها قيمة مبلغها المادي، والحوافز الأخرى مثل طباعة المشاركات الأولى ومنح تحفيزات تشجيعية أخرى، علما إننا في العراق نفتقر للجائزة الأدبية التي تليق بتاريخ العراق وعمقه الأدبي الإبداعي، حتى جائزة وزارة الثقافة ليست بالمستوى المطلوب، لا من حيث الجانب المادي، ولا من حيث جدية الجوانب التنظيمية لهذه الجائزة.

الخلاصة تكتسب الجوائز جدواها من معاييرها التنظيمية، ومن قيمتها المادية والمعنوية، فضلا عن أمر مهم وهو يتعلق بأهم شرط من شروط جدوى وأهمية الجائزة ونعني به (درجة نزاهتها)، لاسيما أن بعض الجوائز المعروفة عربيا سقطت وانطفأت تماما بسبب فقدانها لركن النزاهة الأهم من بين أركان نجاح الجوائز الأدبية.

الأديب علي لفتة سعيد: الجوائز الأدبية واحدة من أوجه انتشار الخطاب الادبي

كل فعل ثقافي حتى لو كان صرخة في باحة عامة سيكون له فائدة، فالثقافة لا تعني انتاج نص يكون خاضعا للجدران بل هو ايصاله الى المتلقي ليتحول الى خطاب. وواحدة من أوجه الانتشار لهذا الخطاب هي الجوائز الأدبية، وبعيدا عن الظن والشك ظ في هذه الجائزة او تلك وانتماءاتها وطرقها حيث لا يوجد شيء متفق عليه، فان الجائزة هي بالمعنى العام إعلان كامل العافية لمنتج ابداعي توجّه له وعليه الانظار ليكون أمام المتلقين. فالفوز بالجائزة يعني تحوّله من خطاب ضيق الى خطاب عام، فالمتلقي هو انسان يخضع الى ما يخضع له الانسان البسيط من التأثير بالإعلانات والترويج، ولهذا فان الفوز يعني ان في هذا النص أو ذاك سواء كان شعريا أم سرديا وحتى نقديا، فيه المفاضلة التي تجعل المتلقي يبحث عنه كونه أتاح له الاعلان ان يكون في دائرة الضوء ويستغني عن السؤال امام الألاف من الكتب، أي كتاب سأقرأ؟

إن الجائزة مهمة جدا في هذا الجانب والكثير من الأدباء من يعتقد ان الجائزة لا تهمه، ولا أقول كلهم يشاركون في الخفاء وحين لا يظهر فوزه فانه يعلن ان المسابقات لا تهمه وتعني له شيئا. وحين يفوز فان كل الكلمات السابقة تختفي وتحضر أعذار أخرى.

على المستوى الشخصي فان روايتي (حب عتيق) مثلا فازت بجائزة الرواية العربية في تونس ولأنها كذلك فهي مطلوبة حتى من قبل دور النشر التي اصدرتها لي في ست طبعات وكلها مجانا لان الفوز فيها يعني الترويج المباشر الذي يجعل المتلقي يقرأ جملة فيها على الغلاف. نعم بكل تأكيد قد لا تكون الرواية الفائزة هي الافضل وهي تخضع لمزاج اللجنة وحتى أيديولوجيات القائمين على الجائزة او محاذيرهم بعدم الاقتراب من هذه المنطقة الفكرية ام تلك الظاهرة الاجتماعية والتاريخية، لكنها بكل تأكيد لها فوائد تسويقية للرواية الفائزة بعيدا عن جودتها لان الجودة الابداعية أيضا حالة نسبية لا يشمل بها جميع المتلقين.

شاكر الأنباري: عمل روائي في الواجهة، عبر نيل الجائزة، يسلط عليه الضوء، ويفتح أمامه طريق

الجوائز الأدبية عرف سائد في معظم دول العالم المتحضرة، وقد أسست له أكاديميات رفيعة ومؤسسات معترف بجدارتها في هذا الجانب. والهدف منها تشجيع المواهب الإبداعية، أو مكافأة البارعين المجددين في ابتداع أساليب أصيلة. ولعل جائزة نوبل خير مثال على ذلك، فهي لم تمنح جائزتها إلا لمن يستحقونها، رغم الاستثناءات القليلة الحاصلة نتيجة ظروف معينة. وفي عالمنا العربي، شجعت الجوائز الروائية جيلاً هائلاً من الكتاب على طموح الفوز، وما يجلبه للكاتب من مكافأة مادية، وسمعة أدبية، وقراء إضافيين. عدا عن إمكانية الترجمة للغات أخرى. فوجود عمل روائي في الواجهة، عبر نيل الجائزة، يسلط عليه الضوء، ويفتح أمامه طريق الترجمة إلى ثقافات مغايرة. ومثلما تقع مجمل نشاطاتنا الاجتماعية تحت تأثير العامل السياسي، والتجاذبات المناطقية والمذهبية والجهوية، فالجوائز الأدبية، ومنها الروائية، لم تنج من تلك التجاذبات. وخضعت في بعض الأحيان إلى أهواء اللجان التي تبت في مصير الفائزين، وذائقتهم الجمالية، وحساباتهم الفكرية. فيتباين مستوى الروايات الفائزة بـ"البوكر العربية" على سبيل المثال، بجودتها وأساليبها، وهي إشكالية معروف سببها ربما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram