التحالف الشيعي: العراقيون صاروا يسافرون إلى الخارج وفي جيوبهم الدولارات
بغداد/ تميم الحسن
قال سياسيون ونواب سابقون رافقوا بدايات تغيير النظام السياسي عقب الاجتياح الامريكي للعراق قبل 20 عاما، ان "المحاصصة" و"الفساد" بددت "احلام الدولة الديمقراطية".
وانتقد السياسيون فشل الحكومات المتعاقبة بعد 2003 في توفير الاحتياجات الاساسية للعراقيين، وتفضيل الاحزاب المصالح الشخصية على الوطنية.
كما انتقد النواب السابقون خرق الدستور في أكثر من قضية، واعادة استخدام اساليب حزب البعث المحظور في التضييق على الحريات.
واشار السياسيون الى ادوار سلبية لبعض الدول العربية والجوار في تحويل العراق لساحة معارك وتصفية للحسابات في فترة ما بعد نظام صدام.
وتوقع بالمقابل قيادي في حزب الدعوة تغييرات كبيرة في السنوات المقبلة في حال استمرت الحكومة الحالية التي يقودها الإطار التنسيقي الشيعي.
واعتبر القيادي ان أفضل ما تحقق للعراقيين خلال العقدين الأخيرين هو التبادل السلمي للسلطة والانتخابات.
وفي مثل هذا اليوم قبل 20 سنة هاجمت القوات الامريكية والبريطانية العراق بنحو 200 ألف جندي في عملية عسكرية أطلق عليها "حرية العراق".
وفي غضون 3 اسابيع سيطرت تلك القوات على البلاد، فيما ظل مصير صدام حسين مجهولا حتى اعتقاله أواخر 2003، واعدامه بعد ذلك بـ 3 اعوام.
خلال عشرين سنة من ازاحة نظام حزب البعث (الذي حُظر وجُرّم بعد ذلك بتشريعات من البرلمان) جرب العراق 6 حكومات منتخبة.
وقبل ذلك كان قد شكل العراق حكومة مؤقتة عام 2004 بقيادة اياد علاوي، بالإضافة الى مجلس الحكم الذي استمرت ولايته عاما واحدا.
من مجلس الحكم إلى الدستور
يقول يونادم كنا الرئيس رقم 19 في تشكيلة مجلس الحكم الذي كان يضم 25 رئيسا دورياً إنه "قبل التغيير كانت هناك عدة تيارات من المعارضة بين القومي والإسلامي والديمقراطي فشلنا بعد ذلك بالاندماج".
واضاف في حديثه لـ(المدى): "لم يطغ النهج الوطني بعد ذلك على النظام الجديد وصار التيار الديمقراطي هو الأضعف وانزوى جانبا".
وعن الاحداث التي رافقت التغيير يمضي قائلاً: "المحيط العربي لم يكن راضيا على ما جرى في العراق بعد 2003 واخذ مواقف مذهبية مما جرى في البلاد وحولنا الى ساحة لتصفية الحسابات".
ضربت العراق موجات من العنف وانفجرت نحو 600 سيارة ملغمة في اول 3 سنوات فقط، قبل ان يظهر تنظيم "داعش" الارهابي بعد ذلك ويسيطر على نحو نصف الاراضي.
وفي الداخل يقول كنا وهو نائب سابق لعدة دورات: "خسرنا سلطة القانون ولم نتعامل بإنصاف مع كل العراقيين وخرقنا الدستور أكثر من مرة وتحول المنصب الى حصص طائفية".
واضاف: "كما لم نحافظ على الثروات المائية وتحول البلد الى مستهلك وساد الفساد.. ليست المشكلة في النظام وانما بممارسة الحكم".
ويشير كنا وهو أحد المشاركين في كتابة دستور 2005 الى ان الدستور العراقي وخاصة في الباب الثاني (باب الحقوق والحريات) كان من أفضل التشريعات المعمول بها في الدول المتقدمة.
ويقول كنا وهو مسيحي آشوري: "قام مجلس النواب في أكثر من دورة بالإطاحة بمواد الباب الثاني بتشريعات ضد حقوق الانسان وتمارس التمييز بين العراقيين".
تبلغ اعداد المسيحيين الان في العراق اقل من مليون شخص مقابل أكثر من مليونين قبل 2003، بحسب منظمات مسيحية عراقية.
اما الايزيديون فقط قتل منهم أكثر من 10 الاف فرد بسبب جرائم "داعش" واختطف 6 الاف اخرين، عاد اقل من 1000، كما هاجر نحو 100 ألف من اصل نصف مليون.
وعن الاخفاقات التي جرت في الحكومات المتعاقبة يقول النائب السابق: "هناك عمليات اعمار وبناء لكن ليست بالمستوى المطلوب، الحكومة يجب ان تقدم سنويا 3 الاف مدرسة و500 طبيب".
واضاف: "الحكومات تعاني من سوء تخطيط واغلب المنطلقات ليست وطنية وانما لمصالح شخصية".
وتابع قائلاً: "انتصرنا على (داعش) لكن هناك خوف من عودة الارهاب لأننا لم نقم بواجبنا كما يجب (في اشارة الى الحكومات والطبقة السياسية) مازال هناك ضحايا بسبب مناطق رخوة امنيا واخرى لا نعرف ما هو وضعها بالتحديد".
ويحذر كنا من "الاستمرار في فشل المعالجات والا سنقع في الأسوأ"، معتبرا ان النجاح في العراق يحتاج "العودة الى النهج الوطني وليس المحاصصاتي".
وكان العراق قد تصدر خلال السنوات الماضية، اعلى مؤشرات الفساد في العالم، وحلت بغداد في مراكز متقدمة كأسوأ مدينة للعيش في أكثر من مرة.
من أفشل النظام بعد 2003؟
وعن الاحلام التي تبددت بعد 2003 يتحدث زعيم حزب الامة مثال الالوسي عن ذلك قائلاً: "كانت الحركة السياسية قبل 20 سنة تحلم احلاما جميلة بالتحرر من صدام والبعث لكنها لم تكتمل".
ويضيف الالوسي في حديثه مع (المدى): "من أفشل النظام الجديد هي دول الجوار ومخابراتها وابرزها ايران، الجهل الذي تسبب به النظام السابق وحروبه، عدم نضوج المعارضة (قبل التغيير) وقلة وعيها بالديمقراطية".
وتابع الالوسي وهو نائب سابق لأكثر من دورة: "اغلب الاحزاب لم تعرف العمل السياسي وتحولت الى تيارات انفعالية واستخدم بعضها اساليب صدام وتحولت بعضها من البعثية الى الاسلامية".
ويعتقد النائب السابق ان اسباب الفشل الاخرى تعود الى رفض بعض الدوائر الأمريكية "باستثناء وزارة الدفاع الامريكية كانت لا تريد نجاح التجربة في العراق".
وكانت القوات الامريكية قد خرجت من العراق نهاية 2011 ما تسبب بعد ذلك بظهور "داعش" واضطرت بعدها للعودة بأعداد اقل.
وعما بعد "داعش" يقول الالوسي: "لا أخشى الفشل في العراق، كل مرحلة يحدث فيها فشل، لكن أخشى ان تأتي ردود فعل متطرفة تحت هويات متطرفة تعيد الصراع المسلح بالعراق".
وعزا النائب السابق احتمالات ظهور مثل هكذا موجات عنيفة الى "فشل نظام المحاصصة والفصائل المسلحة والدور الايراني في العراق".
وقدرت خسائر فترة "داعش" التي استمرت نحو 3 سنوات، بقرابة 100 مليار دولار، فيما لا يعرف على وجه التحديد عدد الضحايا التي تشير تقديرات الى انها أكثر من 50 ألف شخص.
الضوء في آخر النفق
الى ذلك يبدو رسول ابو حسنة القيادي في حزب الدعوة متفائلا بما جرى بعد 2003. يقول ابو حسنة لـ(المدى): "هناك بنى تحتية راقية جرى تنفيذها في بعض المحافظات وتغير الوضع المعاشي للعراقيين".
ويتحدث ابو حسنة وهو نائب سابق عن محافظات تشهد إنشاء جامعات لأول مرة وزيادة بعدد المستشفيات، مضيفا: "جرى فتح مجمعات سكانية جديدة، والعراقيون يمكنهم السفر الان الى الخارج، وفي جيوبهم الدولار والموبايل".
ويسرد ابو حسنة انجازات بعد 2003: "يمكن ان تنتقد وسائل الاعلام بحرية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، واروع ما حدث هو الانتقال السلمي للسلطة والانتخابات".
ويستمر النائب السابق في عد ايجابيات التغيير حتى يقول ان "الحريات الان في العراق توسعت بشكل غير موجود حتى في دول أوروبية وهذا امر سيئ لأنه تحول الى انفلات وميوعة".
ويعتقد النائب السابق انه في حال استمرت حكومة محمد السوداني التي يقودها الإطار التنسيقي الى "سنتين او أكثر فستكون هناك تغييرات كبيرة واستقرار سياسي واقتصادي".