متابعة: المدى

ولد سَرْغَي فاسيلييفيتش رخمانينوف في الأول من نيسان 1873 في مدينة سميونوفو على نهر الفولغا في منطقة نوفغورود، وهي تبعد قرابة 500 كم شرقي موسكو، ربما على أطراف سيبيريا. تعود أصول الأب إلى فاسيلي حفيد شتيفان الثالث حاكم مولدافيا (ق 15)، وكان يُكنّى باسم رخمان.

أذهل محيطه بقابلياته الموسيقية منذ صغره، وقد بدأت امه تعلمه العزف على البيانو منذ الرابعة قبل أن تبدأ بتعليمه عازفة بيانو تخرجت من كوتسرفاتوار سانت بطرسبرغ. بدأ رخمانينوف دراسته في كونسرفاتوار موسكو وهو في الثانية عشرة، وتخرج منه في 1892. سرعان ما حاز على شهرة بسبب أعماله الأولى الناضجة، لكن النقاد لم يهللوا للسيمفونية الأولى التي قدمها الكسندر غلازونوف عميد المعهد في 1897، على الأغلب بسبب ضعف التدريبات وقيادة غلازونوف السيئة. أصيب المؤلف على إثرها بالإحباط، ولم يبرأ منه سوى في مطلع القرن العشرين ليقدم أعماله الأشهر: كونشرتو البيانو الثانية (1901) والثالثة (1909) التي قدمتها فرقة نيويورك الفيلهارمونية بعزف المؤلف في نفس العام، وهي تُعتبر أصعب عمل كونشرتو للبيانو. ألّف لاحقاً قطعته الغنائية الساحرة "فوكاليز" التي أكملها سنة 1915، وفي نفس العام كتب عمله الغنائي الرائع "الصلوات الليلية" وهو من الأعمال الدينية حسب الطقس الارثودوكسي. في الحقيقة نسمع أجراس الكنائس في أعماله على الدوام، وهي الأجراس التي سحرته عندما أخذته جدته لأمه وهو طفل إلى الكنائس الأرثودوكسية. وقد منع الاتحاد السوفيتي سنة 1931 في عهد ستالين تقديم أعمال رخمانينوف، "عدو روسيا السوفيتية". مع ذلك، قدم عمله الصلوات الليلية في بعض الأحيان في كنيسة من الكنائس لاحقاً.

أمضى رخمانينوف بضعة سنوات في أوروبا، في دريسدن تحديداً، وزار الولايات المتحدة في جولة فنية في 1909 - 1910. لكنه ترك روسيا بعد ثورة أكتوبر متجها إلى اسكندنافيا، ومنها انتقل لاحقاً الى الولايات المتحدة في 1918. وبدأ بالتركيز على تقديم حفلات البيانو أو قيادة الأوركسترا لكسب عيشته، تاركاً التأليف على جهة. قاد فرقة بوسطن السيمفونية وعمل مع أشهر الفرق الأمريكية، مثل اوركسترا فيلادلفيا التي قادها المجري اللامع ينو (يوجين) أورماندي، وهي نفس الفرقة التي سجلت في 1956 التسجيل الذي أحببته في طفولتي لكونشرتو البيانو الثانية بعزف يوجين إستومين (1925 - 2003). أول عمل ألفه في أمريكا هو كونشرتو البيانو رقم 4 قدمتها فرقة فيلادلفيا بعزفه وقادها المايسترو الشهير ليوبولد ستوكوفسكي في 1927 بنجاح متواضع فعدّله في 1928، لكنه عاد وأصدر النسخة الثالثة في 1941. على العموم ألف رخمانينوف أعماله الكبيرة الهامة قبل هجرته إلى الولايات المتحدة، ولم يؤلف إلا القليل في المنفى، هي على الأغلب أعمال بيانو.

أشتهر رخمانينوف علاوة على أعماله الجميلة ببراعته في العزف على البيانو وبتكنيكه الخاص بسبب ضخامة يديه، لذلك يتطلب تقديم بعض أعماله للبيانو مهارة كبيرة. وسجل رخمانينوف الكثير من أعماله ويمكن الاستماع إلى عزفه المتميز بالدقة وصفاء الصوت.