د. قاسم حسين صالح
أثار مسلسل (دفعة لندن) ضجة اعلامية بدأت على مواقع التواصل الاجتماعي..وليتها بقت على صعيدها،لكان الأمر عاديا،لكن المؤسف ان يتبنى هذه الضجة أكاديميون معروفون وناشطون طالبوا الحكومة العراقية بتقديم الحكومة الكويتيةاعتذارا رسميا وايقاف عرض المسلسل.
والمؤسف اكثر ان الضجة اثارت انفعالا عاطفيا يثأر للوطن والغيرة العراقية، ونسوا ان المسلسل هو من انتاج سعودي ويعرض على (أم بي سي وان) السعودية، ما يعني ان اللوم او العتب او النقد او الهجوم او المطالبه بالاعتذار وايقاف المسلسل، ينبغي ان يوجه الى السعودية وليس الى الكويت،فضلا عن ان مخرج المسلسل مصري وفيه ممثلون من دول عربية بينها العراق،باستثناء ان الكاتبة كويتية.وينسون ايضا ان المسلسل يتحدث عن طلبة ذهبوا الى لندن في الثمانينات.. اي قبل غزو العراق للكويت.
ان الكل يعرف حقيقة ان العراق كان متقدما على معظم الدول العربية في اختصاص الطب تحديدا، والكل يعرف ان الكويتيين كانوا في الستينيات ياتون الى البصرة يتسوقون اللحوم الطازجة والالبان والخضروات يستجمون فيه ويرتاحون ويفضلونها على لندن.فضلا عن ان معظم المقارنات التي تضمنتها الضجة، يعرفها العراقيون والخليجيون بما فيها تفوق المرأة العراقية عربيا ايضا بتوزيرها في الخمسينات.. فلماذا اتخذوا من المسلسل وسيلة لاثارتها الان مع انه مسلسل متواضع تاليفا واداءا واخراجا؟
ولماذا هذه الضجة الآن والمسرح الكويتي كان من الثمانيات يسخر في بعض مشاهده من العراقي؟!..مع انه لا يوجد شعب في العالم ليست فيه تصرفات تثير السخرية بمن فيها الشعبان العراقي والكويتي..ان عرضت بهدف النقد وليس الأساءة.
ان السبب الرئيس لهذه الضجة هو سيكولوجي خالص عنوانه (سيكولوجيا المفاضلات بين الشعوب) قائم على تعظيم الذات وتحقير الاخر، والخطر في ذلك ان هذه الآلية السيكولوجية تؤدي الى فتنة بين الشعوب،وان اقحامها في السياسة ووصف العمل بانه (مؤدلج ومعد من جهات معادية(حق...) تحاول طمس العمق التاريخي والثقافي للعراق) ليس في صالح العراق الذي حقق انجازا عربيا كبيرا قارب بينه وبين شعوب الخليج في خليجي البصرة المبهر في عكس صورة العراقي من يوم جلجامش وعشتار وعظمة تاريخه.فضلا عن ان هذه الضجة حققت عكس ما كان يتوقع اصحابها..فهي اعطت مسلسل الكاتبة دفعة انتشار ما كانت تحلم بها، معتبرة الهجوم عليها دليلا على ان العمل الدرامي الجيد هو ذلك الذي يثير جدلا يستقطب مشاهدين ما كان لهم ان يشاهدوه لولا ان الجدل وصل الى صعيد اكاديميين مقروئين.