ترجمة: حامد أحمد
أصدر مجلس أساقفة نينوى، الذين يمثلون المسيحيين في الموصل وسهل نينوى، بيانا الجمعة أعلنوا فيه عن احتمالية مقاطعة المكون المسيحي في العراق جولات الانتخابات القادمة في حال عدم تلبية مطالبهم المتمثلة بضمان تمثيل سياسي عادل لمرشحيهم المسيحيين في البرلمان وفي المؤسسات السياسية الوطنية والمحلية بالاعتماد على نفس القوانين الانتخابية السارية حاليا التي لم تأخذ بنظر الاعتبار هذه المطالب.
وعبر الأساقفة الذين يشكلون ما يسمى بـ"مجلس نينوى" عن قلقهم في بيان مطول وصريح تناول بشكل خاص تمثيل المكون المسيحي الدستوري في البرلمان العراقي.
وركز المجلس بحسب تقرير نشره موقع (كاثوليك يونيان) وترجمته (المدى)، على مشكلة الكوتا المثيرة للجدل المتعلقة بحصة أعضاء الأقلية من العراقيين من مقاعد برلمانية.
وجاء في البيان الذي وقع عليه أساقفة من الكنيسة الكلدانية والسريانية والاشورية الكاثوليكية في الموصل وسهل نينوى، انه استنادا الى النظام الانتخابي الحالي فان غالبية مقاعد الكوتا المخصصة لمرشحين مسيحيين تنتهي بها الحال لنواب منتخبين من المكون لا يمثلون حقيقةً مطالب ومصالح المسيحيين الشرعية على مستوى سياسي.
وتأتي رسالة المجلس عقب ورود مزاعم من ان هناك أحزابا سياسية كبيرة متنفذة ستقوم بـ "بمصادرة" المقاعد المخصصة للأقليات من الطائفة المسيحية في العراق.
وأضاف الأساقفة في بيانهم أيضا بالقول إن "التصويت لانتخاب المرشحين الذين من المؤمل ان يشغلوا المقاعد المخصصة للمكون المسيحي لا تتم ممارسته من قبل ناخبين مسيحيين حصرا، حتى اشخاص غير مسيحيين بإمكانهم التصويت على المقاعد الخمسة التي من المفترض ان يشغلها المكون المسيحي. بهذه الطريقة سيكون بإمكان القوى السياسية الكبيرة مصادرة المقاعد المخصصة لأبناء الأقليات بضمنهم المسيحيين."
يذكر ان تسعة مقاعد من مجموع 329 مقعداً برلمانياً هي مخصصة للأقليات الدينية بضمنها خمسة مقاعد للمسيحيين موزعة على 83 منطقة انتخابية في البلد. وهذه المقاعد الخمسة مخصصة لمحافظات بغداد ونينوى وكركوك واربيل ودهوك حيث يعيش فيها غالبية المسيحيين المتبقين في البلد.
وقدم المجلس أيضا مقترحا من شأنه ان يخفف من المخاوف الحالية ويعطي شفافية أكثر في عملية التصويت، حيث اقترحوا انشاء سجل للناخبين والمصوتين المسيحيين المؤهلين لإعطاء أصواتهم للمقاعد الخمسة المخصصة للمسيحيين.
وقال الأساقفة في بيانهم، إن "إقامة مثل هكذا سجل ستكون متناغمة بشكل كامل مع الدستور العراقي وتوصيات المحكمة العليا بخصوص الإجراءات الانتخابية."
وحذر المجلس أيضا البرلمانيين في بيانه من انه إذا ما لم تكن هناك شفافية في العملية الانتخابية، بشكل او بآخر، فعندها سيضطر المكون المسيحي للدعوة الى إلغاء المقاعد المخصصة لمرشحيهم.
وقال أعضاء المجلس الموقعين على البيان في تحذيرهم، إن "طلب إلغاء المقاعد هو لمنع حتى المقاعد المخصصة لمرشحين مسيحيين من ان يتم شغلها من قبل اشخاص لا يمثلون مطالب ومصالح المسيحيين. إذا لم تتم تلبية مطلب الشفافية فعندها سيضطر أبناء المكون المسيحي في البلد الى اتباع مسلك مقاطعة الانتخابات."
وكانت انتخابات عالم 2021 التشريعية قد شابتها مزاعم مثيرة للجدل بخصوص أسلوب توزيع المقاعد المخصصة لمرشحين مسيحيين.
وكان النائب المسيحي السابق، جوزيف صليوة، قد ذكر بان الفائزين بالمقاعد الخمسة المخصصة للمسيحيين في انتخابات 2021 هم لا يمثلون مسيحيي العراق، وذهب بادعائه الى ان 90% من أصوات الناخبين لتلك المقاعد لم تأت من ناخبين مسيحيين.
وظهرت اتهامات مماثلة في انتخابات 2018 بالتلاعب بالأصوات من قبل أحزاب كبيرة ومجاميع سياسية أخرى، حيث تقوم هذه المجاميع بحث مناصريهم للتصويت على مرشحيهم ضمن مقاعد الكوتا المخصصة للمسيحيين ليكون لهم نواب يراعون مصالحهم في المنطقة.
خلال انتخابات 2021 أربعة من بين خمسة مقاعد فازت بها حركة بابليون المحسوبة على المسيحيين والمرتبطة تنظيميا بفصائل الحشد بزعامة رايان الكلداني.
يُذكر ان تعداد المسيحيين قبل الغزو الأميركي للعراق عام 2003 كان بحدود 1.5 مليون نسمة، مع ذلك فان موجات من عنف طائفي وتطهير عرقي حلت بالبلد بعد ذلك انتهت عام 2014 بغزو تنظيم داعش الإرهابي لمناطق مسيحية في الموصل وسهل نينوى أجبرت آلاف المسيحيين على النزوح ومغادرة البلاد. وفي العام 2021 قدر عدد المسيحيين الذين بقوا في العراق بحدود 300 ألف شخص فقط.
وكانت "الحركة الديمقراطية الآشورية" وهي إحدى الحركات السياسية المسيحية في العراق قد اعتبرت أن "تعديل القانون تم تشريعه بمنهجية تتفق مع مصلحة بعض الكتل السياسية المهيمنة"، وذكر بيان للحركة أن "هذه الكتل تجاهلت المنهجية التي تحقق العدل والشفافية والإنصاف واحترام إرادة الناخب، من خلال تبني القانون وفق نظام سانت ليغو لضمان إقصاء الكيانات السياسية الناشئة والمرشحين المستقلين ممن يرغبون بالترشح منفردين"، مبيناً أن "القانون ضد توجيهات المرجعية ومطالب الجماهير المنتفضة في احتجاجات تشرين".
ورأى بيان "الحركة الديمقراطية الآشورية" أن "القانون ألغى الحق الدستوري للمواطن العراقي في المهجر أو الاغتراب، وصادر حق المهجرين قسراً قبل عام 2013 في الداخل ومنعهم من التصويت في مناطق استقرارهم الجديدة"، عاداً القانون "مصادرة لإرادة المكون المسيحي في انتخاب ممثليه الشرعيين لمقاعد الكوتا سواء في مجلس النواب أو مجالس المحافظات والأقضية وألغى مقعد مجلس محافظة كركوك أيضاً".
عن: موقع (كاثوليك يونيان) الإخباري