اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باليت المدى: البداية الصحيحة، نصف الإنجاز

باليت المدى: البداية الصحيحة، نصف الإنجاز

نشر في: 2 إبريل, 2023: 09:09 م

 ستار كاووش

لايكاد يوجد فنان لم يتأثر قليلاً أو كثيراً ببعض الفنانين الآخرين وأعمالهم الابداعية، وهذا بشكله العمومي دليل صحة وعافية. لكن هناك الكثير من الفنانين يذهبون بعيداً في هذا التأثر، ويتماهون تماماً مع أعمال الآخرين دون أن يرف لهم جفن.

حتى إنك لا تستطيع من أول وهلة التمييز بين الأثنين . الإتكاء المتقصد والمبالغ فيه على تجارب الآخرين ورؤاهم لا يمنحك أية خصوصية، والسير فوق خطوات الآخرين ومزاحمتهم على طريقهم الخاص الذي أسسوه لأنفسهم بشق الأنفس، يُحيلُنا الى ما يشبه الأعشاب الضارة في حديقة الفن. ليس هناك فنان لم يتأثر بفنانين آخرين، والوحيدون الذي يمكن ان نستثنيهم من ذلك هم الفنانين الفطريين أو البدائيين، وما عدا ذلك فنحن جميعاً نتأثر بشكل أو آخر، وهذا بحد ذاته دليل جيد على ذائقتنا الجمالية وحساسيتنا أزاء الأعمال الفنية التي نراها جميلة ومؤثرة، ومحاولتنا أنجاز أعمال بقوتها وأهميتها، لا أن ننسخها هي ذاتها، ففي الفن علينا أن نكون أسياداً لا عبيداً. وكفنان عليكَ أن تفتح نافذة تطل على عالمك الخاص، تُحاول النظر بطريقتك الخاصة وستنجح بالتأكيد، فالخطوة الأولى إن كانت صحيحة هي بمثابة نصف الإنجاز. وتبقى النتائج الصغيرة التي تحصل عليها من خلال بحثك الشخصي هي أفضل بكثير من نتائج كبيرة إستعرتها من الآخرين.

وبالعودة الى إنتحال تجارب الآخرين، والموجودة بدرجات متفاوتة طبعاً، فما أن يشير البعض الى أن عمل فلان قريب جداً من هذا أو ذاك من الفنانين، حتى يستشيط الشخص المعني غضباً واستياءً ويقيم الدنيا ولا يُقعدها، والأحرى به أن يتساءل مع نفسه حول الحلول التي عليه إيجادها للخروج من هذا الطريق المغلق. درجة الكمال لن يبلغها أحد، وهنا يكمن السر والعظمة في ذات الوقت، هنا يكمن البحث المشوّق في الفن. ونحن كلنا كفنانين، علينا أن نواجه آراء الآخرين حول أعمالنا بصدر مفتوح وروح محبة للجمال والعدل أيضاً. في النهاية يبقى التأثر بكل درجاته شيئاً مشروعاً في الفن، أما السطو على أعمال الآخرين فهو علَّة تتلف أصالة التجربة وتحدد آفاق تطورها.

في وقتنا الحاضر وبوجود الانترنَت وسرعة التواصل وإيجاد المعلومات والصور، بات الكثيرون يستسهلون العمل الفني مع الأسف، حيث ينسخون من هذا ويأخذون من ذاك. وهكذا ما أن يجعل فنان ما ألوانه تسيل على القماشة من الأعلى الى الأسفل لتترك خطوط اعتباطية لغرض تقني أو تجريبي، حتى ينبري عشرات وربما مئات الفنانين لفعل ذات الشيء، وما أن دَعَكَ فنان آخر تفاصيل او ملامح الشخصيات التي يرسمها وجعلها مبهمة لغرض نفسي يمر به، حتى إنتقلتْ عدوى الدعك لآخرين لا حدود لهم. وهكذا يتكرر الأمر في حالات وتفاصيل كثيرة جداً. الانفتاح على تجارب الآخرين في هذا العالم الواسع أو حتى في ذات المدينة التي نعيش فيها، هو أمر رائع ومذهل، لكن كيف نستثمره بشكل صحيح؟ وكيف نجعله يقوي تجاربنا ويمنحنا الخبرة والثقة ايضاً؟ الفن في عمومه شيئاً فردياً، مثل الابداعات العظيمة التي مَرَّتْ وتَمُرُّ على الانسان، وإن فقد الفنان هذه اللمحة والبريق الشخصي، يكون مثل ترديد شعارات حزب معين دون فهم أو تمحيص. فلا الصور المطبوعة التي يرسم فوقها البعض تصنع فناناً متفرداً، ولا التلصص على أعمال فنان آخر تأتي بإنجاز مثمر ومؤثر. ويبقى السطو على أعمال الآخرين مثل نزع ريشة من جناح هذا العصفور وأخرى من جناح ذاك الطائر، لكنها تبقى في النهاية مجموعة من الريش لا تصنع جناحاً قابلاً للطيران.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram