طالب عبد العزيز
يراهن محافظ البصرة أسعد العيداني مقدّم البرنامج التلفزيوني على أنَّ المرحلة الثانية من مشروع البنى التحتية في مدينة الزبير أفضل من البنى في بعض دول الخليج، يتحدث كمهندس مع إصراره على التبعيض في كلمة(بعض) ونظن بأنَّ الوقوف على جملة المشاريع التي نفذت في البصرة تستحق التقدير والاعجاب، لأنَّ من رأى ضواحي عديدة مثل القبلة وياسين خريبط والزبير وغيرها قبل الشروع بتنفيذ البنى تلك وبعده لا يملك إلا أن يقف مع العيداني وإصراره.
ولسنا في وارد تقريظ جهد الرجل وفريقه، لكنَّ استعادة ثقة المواطن بحكومته واحد من براهين النجاح، وما أنجز في البصرة من مشاريع خدمية يستحق الثناء والمفاخرة، على الرغم من الصعوبات التي تواجه لجنة رفع التجاوزات وتهديد المتجاوزين لهم، أولئك الذين تحولوا الى ورقة بيد السياسيين، منذ أنْ سمحت لهم حكومة المالكي الثانية بالبقاء في الاراضي التي تجاوزوا عليها، لضمان أصواتهم في الانتخابات، القضية التي إذ مازال البعض من البرلمانيين يستعملونها في حملاتهم الانتخابية، بغض النظر عن الواقع المزري الذي يعيشه هؤلاء، والمشهد القبيح الذي يتشكل بالعشوائيات، فضلاً عن كون المنطقة تلك واحدة من أخطر ملاذات الخارجين على القانون، الوافدين من خارج المدينة.
وفي العودة الى رهان العيداني مع مقدّم البرنامج نرى أنه من الظلم مقارنة البصرة بأيِّ مدينة خليجية! إذ نحن في مدينة تنتج أكثر من ثلاثة مليون برميل نفط يومياً، وتنتج من الغاز 200 مليون قدم مكعب، وفيها من مقومات النهوض ما ليس في أيِّ مدينة خليجية وغير خليجية، لذا، فكل حديث هنا يجب ألّا يتوقف على المراهنات، إنما على القدرة والعزيمة والمواطنة الحق بناء على الوفرة الكبيرة في المال والاهمية التاريخية والحالية للمدينة.
نعم، أشهد أنني رأيتُ أرصفة في أكثر من شارع بالكويت كانت الاسوأ في ما رايت، وربما رأى غيري مثل ذلك في مدن أخرى، ولا جديد، فالكويتيون يتحدثون عن فساد في مؤسساتهم، وهناك تراجع في صورة الإمارة العجوز التي كانت واحدة من أجمل إمارات الخليج، لكننا، وبعيداً عن عقد المقارنات بحاجة الى خطط عمرانية أكبر، تُعتمد من قبل مراكز استشارية واستشاريين عالميين، ومن أسباب نجاح الخطط هذه هو إيقاف التجاوزات على الاراضي، ومنع تدفق الوافدين على المدينة، فضلاً عن التفكير الجاد والملزِم بوجوب تنظيم الاسرة. الوفرة في المال لا يعني الوفرة في الولادات. إنَّ نسبة النمو تقدر بـ 2.6% وبموجب هذه النسبة فإن عدد سكان العراق يزداد بنحو 850 ألفاً سنوياً... التكاثر في الأحياء الشعبية بخاصة أمرٌ مرعب، وسيأتي اليوم الذي لن تجد الحكومة فيه المال لتأمين الخبز للـ 42 مليون نسمة.
التخطيط هو الاهم في كل مشروع يقام. إذا كانت البنى التحتية لمدينة الزبير قد أقيمت على اساس عدد سكان المدينة اليوم فستأخذ طريقها الى الفشل، لأنَّ عدد سكان الزبير وحدها ربما تجاوز المليون، وهو رقم قابل للزيادة سنويا، إذا لم تفلح حكومة العيداني بإيقاف تدفق الوافدين من المحافظات الشمالية أولاً، والشروع بتثقيف الناس بوجوب تنظيم الاسرة، وتقنين الولادات.