ترجمة: عدوية الهلالي
يُعرض في دور السينما العالمية حاليا فيلم (على الطرقات المظلمة) المقتبس من رواية بالاسم نفسه للكاتب سيلفان تيسون. وتدور احداثه حول رحلة غريبة يقوم بها تيسون. والكتاب ليس رواية، بل قصة سيرة ذاتية كتبها سيلفان تيسون واقتبسها المخرج دينيس إمبرت وشريكه في كتابة السيناريو دياستيم لتحويلها الى فيلم يؤدي شخصية بيير الرئيسية فيه الممثل جان دوجاردان.
كان بطل الرواية والفيلم بيير كاتبا ومستكشفا ناجحا، وكان يحب المغامرة لدرجة أن يعرض نفسه للخطر. وذات مساء، كان ثملا، وتسلق الشرفة، فسقط من ارتفاع ثمانية أمتار،وعندما افاق من الغيبوبة في غرفته بالمستشفى، ووجهه مغطى بالندوب، وجسده مليء بالكسور، قطع وعدا على نفسه بأنه إذا تمكن من الحركة مرة أخرى، فإنه سيقوم بعبور فرنسا سيرًا على الأقدام من الشرق إلى الغرب. مايعني أن يقوم برحلة طولها 1800 كيلومتر من مينتون (ألب ماريتيمز)الى شيربورج (مانشي) ويعيش تحدياً مجنوناً.. وتتجاوز قصة الفيلم حدود الحياة العادية في محاولة لاكتشاف الشعور بالأولويات، والهروب من تفاهات العالم الحديث واعادة الاتصال بجمال الطبيعة.
وحتى لو رتب السيناريو أن يلتقي بيير بعدد قليل من الأشخاص خلال رحلته الطويلة، فإن جوهر الفيلم يركز على قصة رجل يمشي بمفرده ويكتب أفكاره في دفتر صغير، وكأنه يخوض رحلة داخلية. وقد اراد الممثل دوجاردان أن يتصرف ويشترك في إخراج هذا الفيلم الحميم من خلال محاولته الخروج عن النص الأصلي.
يقول جان دوجاردان: "هذا الفيلم يشبه طريقا إلى الخلاص. فهناك رغبة البطل في الشفاء، ومحاولة التصالح مع النفس، والمضي قدمًا، وتغيير حياته". انها تجربة نجح سيلفان تيسون في نقلها إلى جان دوجاردان أثناء التصوير فقد ولد تواطؤ كبير بين الكاتب والممثل. ويقول الكاتب عن ذلك: "إنه أمر رائع بالنسبة لي. أشعر أن هناك استمرارًا لما مررت به فقد نجح المخرج دينيس امبرت في تصوير الاندماج مع الطبيعة ونجح الممثل دوجاردان في تقديم حالة نادرة في السينما".
لقد اعتاد المخرج دينيس إمبرت على الاقتراب من الشخصيات في أفلامه، وهو يتعامل مع شخصية قوية من خلال تحويل رواية (على الطرقات المظلمة) للكاتب سيلفان تيسون الى فيلم ملحمي مؤثر. وبعد تحويلها للمسرح من قبل الممثل والمخرج لورنت سوفياتي، يتم اقتباسها في السينما في فيلم ملحمي عن التواضع والتحمل،من خلال اختيار المشي واكتشاف المناظر الطبيعية حيث يعمد المخرج امبرت لاستخدام اللغة الخيميائية التي تقود المشاهد من الظلام إلى النور.
فعلى هذه الطرق الريفية المليئة بالسهول والتلال في فرنسا وعبر المواجهات مع آخرين يجسد أدوارهم (آني دوبري، جوناثان زاكاي)، يتأمل البطل حالة العالم أكثر من رغبته في التنزه حيث يستنكر بيير عولمة الإنسانية على حساب الفرد والمسؤولية الذاتية، المتمثلة في السير بمفرده. كما تساهم لقاءاته مع الاخرين في زيادة وعيه بحالة العالم.
يقول الممثل جان دوجاردان: "عمري خمسون عاما وأشعر أن هناك أدوارا شيقة بالنسبة لي، وهذا الفيلم هو رحلة خالدة وفريدة من نوعها لاكتشاف المشاعر الروحانية السامية وجمال فرنسا وانبعاث الذات.