بغداد/ تميم الحسن
يصل الاطار التنسيقي الى السقف الاعلى في محاولة جر مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري للخروج عن حالة الصمت السياسي من خلال التراجع عن الانتخابات المبكرة.
ويدعو سياسيون ومراقبون الاحزاب الى رفع دعاوى قضائية ضد تملص قوى السلطة عن تعهد الانتخابات المبكرة المنصوص عليه في برنامج الحكومة.
"الاطار" الذي بدأ يسدد لكمات ضد فكرة الانتخابات المبكرة، بحسب وصف احد السياسيين، يريد ان يحصل على اجابات فيما لو كان هذا التراجع سوف يغضب الصدر او الشارع.
وحتى الان ردود الفعل ضد تلك الضربات تقترب من الصفر وهو ما يبدو قد شجع التحالف الشعبي على التصريح العلني بان لا جدوى من الانتخابات المبكرة وفق احد زعامات "الاطار".
وكان التحالف الشيعي هو اول من رفع مطلب الانتخابات المبكرة في ايام اعتراضه على نتائج الانتخابات التشريعية في 2021.
في ذلك الوقت كان "الاطار" قد مني بخسارة زادت عن 50 مقعداُ عن انتخابات 2018، واعتبر التحالف الشيعي وقتذاك ان النتائج مزورة.
اعتصم انصار "الاطار" شهرين امام المنطقة الخضراء رفضا للنتائج، وساقت قيادات التحالف اتهامات ضد الخليج بالتلاعب بالنتائج.
وبعد مصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج أواخر 2021، ثم انسحاب الصدر بعد ذلك من العملية السياسية، اقترح "الاطار" ان يشكل حكومة بشرط ان تجري انتخابات بعد عام واحد.
يقول رحيم الدراجي وهو نائب سابق في حديث لـ(المدى): "في المحور التشريعي ضمن الاتفاق السياسي الذي أبرمه الاطار مع القوى السياسية نصت الفقرة الثالثة على إجراء الانتخابات بعد سنة من تشكيل الحكومة".
واضاف الدراجي: "وفي البرلمان صوت النواب على البرنامج الحكومي المبني على الاتفاق السياسي، وهذا يعني يجب اجراء انتخابات مبكرة في يوم 26 تشرين الاول 2023، والتخلي عنها حنث باليمين".
تراجع المالكي
في اب الماضي، وقبل اسبوعين من الاشتباكات المسلحة التي جرت حينها في المنطقة الخضراء، طالب الصدر وقتذاك باجراء انتخابات مبكرة.
ورد نوري المالكي زعيم دولة القانون حينها بانه لا يمكن اجراء انتخابات مبكرة قبل ان يعود البرلمان الى عمله.
انذاك كان انصار الصدر يسيطرون على المنطقة الحكومية ومن ضمنها البرلمان قبل ان ينسحبوا اواخر اب الماضي باوامر من زعيم التيار.
بعد شهر من ذلك الحادث استأنف البرلمان اعماله، لكن المالكي بالمقابل تراجع عن كلامه السابق حول قضية الانتخابات المبكرة.
وفي احدث لقاء مع زعيم التيار في احدى المحطات التابعة لـ"الاطار" قال ان "الوضع في العراق بات مستقراً ولا توجد حاجة لإجراء انتخابات مبكرة".
مقرب من التيار الصدري يرى ان المالكي وقيادات الاطار التنسيقي التي تفرض اعتبار هذه الحكومة "حكومة الفرصة الاخيرة"، يقومون بـ"اختبار الصدر".
المقرب وهو عضو في التيار يقول لـ(المدى) مشترطا عدم الاشارة الى اسمه: "بالتأكيد الاطار التنسيقي قلق من سكوت الصدر، ومع فقدان اي وسيلة لمعرفة ما يفكر فيه الاخير فليس لديه سوى ارسال اشارات من بعيد".
وكانت اخر محاولات ايرانية للتقريب بين المالكي والصدر واعادة الاول الى البيت الشيعي قد فشلت، بحسب اوساط التيار، ومنذ الصيف الماضي يلتزم زعيم التيار بالصمت السياسي.
ويضيف عضو التيار: "لا يوجد توجه الان بالتحرك السياسي او التظاهرات لكن زعيم التيار دائما يبعث رسائل بانه يراقب، وتسديد الاطاريين اللكمات ضد وعد الانتخابات المبكرة لم يستفز الصدر حتى الان".
وكان "الاطار" قد اعتبر حين قرر تشكيل الحكومة العام الماضي، عدم وجود الصدر في المعادلة السياسية أمرا طارئا لذلك كان يفترض ان يصحح الخطأ بانتخابات مبكرة خلال عام.
يقول رحيم الدراجي وهو زعيم حركة كفى: "ليس من مصلحة الاحزاب خسارة المناصب والمكاسب بإجراء انتخابات مبكرة".
ويتابع الدراجي: "عدم شعور الكتل السياسية بتهديد من الصدر او الشارع والمرجعية شجعهم على التملص من تعهد الانتخابات المبكرة".
وفي اللقاء الاخير لزعيم دولة القانون لوح بانه يقبل بما وصفه "تعرض الواقع السياسي لاهتزازات جديدة" في اشارة لما حدث في اشتباكات الخضراء العام الماضي.
وقال المالكي: "سأحمل السلاح كلما تكررت صورة التعرض للدولة وهيبتها ونظامها".
بدوره يعتقد احسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي ان تراجع الاطار التنسيقي عن اجراء انتخابات مبكرة "قد يزيد الاحتقان السياسي وربما يحدث تصعيد شعبي".
ويضيف الشمري في حديث مع (المدى): "هذا البند قانوني ووضع ضمن البرنامج الحكومي وصوت عليه البرلمان ويمكن لاي حزب سياسي ان يقيم دعاوى قضائية لعدم اجراء انتخابات مبكرة".
وكانت معلومات متضاربة قد تحدثت عن وجود نسختين عن البرنامج الحكومي الذي قدمه السوداني للبرلمان العام الماضي، بخصوص بند "الانتخابات المبكرة".
وتسربت معلومات عن الغاء هذه الفقرة في البرنامج والاستعاضة بكلام عائم عن دعم الانتخابات والمفوضية دون تحديد سقوف زمنية.
وكان السوداني قد تعهد امام البرلمان بانه سيعد لانتخابات خلال عام من تسلمه المنصب، وإجراء تعديل على القانون في غضون اول 3 أشهر (صوت البرلمان الاسبوع الماضي على قانون الانتخابات).
ويشير الباحث في الشأن السياسي انه مع هيمنة الاطار التنسيقي على القرار السياسي والبرلمان "تخلى عن ورقة الاتفاق السياسي التي ضمنت في البرنامج الحكومي، تحت ذريعة الاستقرار السياسي".
واضاف: "الاطار التنسيقي لا يريد تمكين التيار الصدري او الحركات الناشئة من الصعود الى الانتخابات لكن امام اي تصعيد شعبي سيتراجع الجميع ورئيس الحكومة لا يريد الاصطدام مع الشارع".
وكان محمد السوداني رئيس الحكومة، كرر اكثر من مرة استعداده لإجراء انتخابات مبكرة، لكنه قال بان "الامر متروك لقرار القوى السياسية".