اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > عاصم عبد الأمير: الجماعات الفنية لها دور أساس في دفع هوية الفن العراقي للواجهة

عاصم عبد الأمير: الجماعات الفنية لها دور أساس في دفع هوية الفن العراقي للواجهة

نشر في: 11 إبريل, 2023: 12:41 ص

انتفاضة تشرين مثلت لي بركاناً شعبياً فاض غيضاً مما يحدث من هرج سياسي

حاوره/ علاء المفرجي

- 2 -

ولد الفنان والناقد عاصم عبد الأمير في مدينة الديوانية عام 1954، أكمل دراسته فيها عام 1971، درس في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد وتخرج منها في عام 1979،

حصل على شهادة الماجستير في الرسم من جامعة بغداد، وعلى شهادة الدكتوراه في الفن الحديث من كلية الفنون - جامعة بغداد، عام 1997، حائز على جائزة الإبداع للدراسات الفنية من وزارة الثقافة العراقية، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بغداد، وحائز على جائزة الإبداع العراقية المقدمة من وزارة الثقافة عام 2011، يعمل أستاذاً في كلية الفنون الجميلة في جامعة بابل. شارك في العديد من المعارض التشكيلية في العراق، والأردن، والقاهرة، والامارات، والكويت، وسويسرا، وفرنسا وبعض الدول الأخرى.

أحد فرسان جماعة الأربعة، شارك في الكثير من المعارض التشكيلية المحلية والدولية، وله مؤلفات نقدية في الفن والتشكيل.

 ما رايك بالجماعات الفنية.. وكنت قد انتميت كعضو مؤسس لجماعة الأربعة.. ما جدوى هذه الجماعات الفنية التي اكتظ بها تاريخ التشكيل بالعراق، والى أي مدى تسهم في الابداع التشكيلي برأيك؟

للجماعات الفنية شأن في إدامة زخم الحوار الابداعي، والكشف عن المواقف والأساليب التي يراد لها اعلان عن مبدأ من نوع ما، وقد كان لها دور أساس في دفع هوية الفن العراقي للواجهة، مع تنامي جدل الأساليب، وحيويتها وحضورها الفعال، لخصت (جماعة الأربعة) هواجس جيل خاض غمار الحروب والحصار والقطيعة، ولديها ما تريد قوله مع اشتداد العروض التشكيلية في العراق، وتراجع تجارب أخرى لأسباب شتى، لقد دشنت الجماعة العقد الثمانيني بمعرض مشترك ثم تلاه سلسلة من المعارض في قاعات الرواق، وحوار، وأبو ظبي، وكان حضورها لافتاً، لأسباب عدة منها:

أن هذا الجيل حمل معه مشروعاً على مبدأ الاختلاف لا الائتلاف مما انعكس بقوة على حرية التناول للموضوعات، أو الأشكال الفنية المراد تصوريها.

ثم أنها اتخذت من نزعة التعبير مناخاً لخوض غمار مواضيع ذات بعد تراجيدي، كارتداد لما جلبته الحروب من كوارث، وأيضاً لم تنظر للأسلوب على أنه وثن ينبغي الطواف حوله، فالرسوم مع كل معرض تشهد قيماً جديدة، واشكال تعبير جديدة، زد على تنوع مصادر التجربة لكل فنان بالشكل الذي لم يكن مألوفاً مثل رسم ما هو خليقي وربطه بوحدة الوجود كما في رسوم فاخر محمد، ومشاهد الطفولة والحرب كما في رسوم كاتب السطور، والموقف الرابط بين مشاهد الوجد والمرأة وعند حسن عبود، والاغتراب وهواجس الحرية عند الراحل محمد صبري.

تأسيس الجماعة إذن لم يكن عفوا الخاطر، ثمة شعور مشترك وقوي أسهم في اشهار الجماعة لخطابها، في فترة عصيبة من تاريخ العراق، وسط تلاحق صور الموت والانكسار النفسي. وقد خاض أعضاء جماعة الأربعة الحرب جسدياً ورسموا من وحيها مزيداً من الأعمال التي تدين الموت، وكانت الرسوم يومئذ تسبب حرجاً لنا، في وقت ضاقت فيه الحريات، والرأي الآخر.. شجاعة ما فعله رسامو الجماعة كانت سبباً مضافاً للإشهار الذي حصلوا عليه.

شخصياً أرى أن استمرار أي جماعة من عدمه شأن يقرره أوار الحوارات المشتركة وضروراتها الداخلية، والقوى الدافعة، وعند انحسار شيء من هذا لا أجد مسوغاً لاستمرارها، فالجماعات تشبه الظواهر الطبيعية التي تفاجئنا بصدماتها المزلزلة، وعند خمود عوالمها الداخلية يصبح استمرارها شيء لا معنى له.

قدمت جماعة الأربعة للآن تسعة معارض، وضيفت نخبة من المبدعين كضيوف شرف بعد أن رحل عنا الفنان محمد صبري ومع كل معرض لها يجد المشاهد تصورات جديدة، وصياغات بنائية أمضى. في معرضها الخامس على قاعة الرواق / بغداد، قال فائق حسن قبيل انتهاء زيارته للمعرض.. الآن لم أعد أخشى على الفن العراقي، تزكية مهمة كهذه مثلت قوة دفع للمجموعة لأن تمضي قدماً في عرض مشروعها الابداعي المشترك.

 في مؤلفاتك النقدية كتبت عن رموز فاعلة في التشكيل العراقي وأيضا عن مسيرة هذا الفن في العراق. ولكن برؤية نقدية.. الى مدى ترى أن النقد يسهم في تعزيز المشهد التشكيلي؟ وما المنهج الذي تتبعه في نشاطك النقدي؟

جذبني النقد بشكل متوازٍ مع شغفي للرسم، ومنذ أوائل السبعينات وللآن لم يفتر هذا الهوس، بعد أن نشرت المئات من الدراسات والمقالات في الصحف العراقية والعربية، ومن ثم تأليفي لأكثر من (14) كتاب حول شؤون المفاهيم الجمالية، ومسيرة الفن العراقي والعربي والعالمي، أيقنت أن النقد يشكل ضرورة لا مناص منها لكبح التجارب غير ذات شأن، في مقابل تحليل التجارب ذات الأهمية والوقف على مظاهر النبوغ والخلق الجمالي فيها. فبيئة الفن والأدب تضج بمظاهر التزييف والادعاء التي تتصدر الواجهة دون وجه حق في حال غياب الناقد، فهو الذي يضبط المسارات، ويعين اختلالاتها، والمواطن المؤثرة فيها، أتحدث هنا عن الناقد الرصين وليس كتبة النقد الذين يغالوا في تضليل القارئ، بآراء بعيدة عن روح الفن والابداع ودوافعه ومرجعياته، وانتصاراته وهزائمه.

هي مهمة شاقة بلا شك، وصناعة الناقد كثيراً ما يبدو أمراً متعذراً، فليس كل ما يكتب ينخرط في مجال النقد، مع علمنا أن للنقد مناهجه وحيثياته وسماته التي يبدو التخلي عنها نوعاً من التجديف في الفراغ ولا يصيب أهدافه بالضرورة.

شخصياً لا ادعي اكتمال أدواتي مع أني ممارس محترف له، ومطّلع بعمق على شؤونه وأساسيته النظرية، في مقالاتي ودراساتي القصيرة استميل إلى النقد الموضوعي، مع ميل إلى النقد الباطن الذي يخوض في جوهر النص وعلائقه، والضرورات المتحكمة في أصل البنية، وفي دراساتي الطويلة ومنها المؤلفات، تتراجع النزعة التأريخية، لصالح تحليل الأبنية الداخلية للرسوم موضع القراءة، مع تجنب التهويمات التي تخرج النص عن سياقه، يهمني في النقد أن أصيب أهدافي بلا مراوغة لغوية تعمق التشتت في ذهن القارئ، مع الحفاظ على جمالية الكتابة التي تسيل من منظومة الجنس الجمالي الذي يمنحني مزيداً من التأويل والتمحيص بالشكل يضبط مسار الحكم الجمالي الذي يهمني أن لا يظل أهدافه.

في الآونة الأخيرة وبعيد تسريحي من الخدمة الجامعية، ألفت خمس مؤلفات. منها في النقد التطبيقي، دراسات أسلوبية عن فنانين مشاهير منهم، محمد علي شاكر، ضياء العزاوي، شاكر حسن آل سعيد، خالد الجادر. وكتاب (حدائق البصر التشكيل العراقي / مختارات)، ويضم دراسات مطولة عن جدل التحديث في الرسم العراقي تناولت فيه (40) تجربة مؤثرة وهو بمثابة رد على كتاب ضياء العزاوي (الفن المعاصر في العراق الآن) الذي درس فيه عشرة تجارب فقط.

لا زلت أمارس الكتابة بشكل شبه يومي، مثلما أفعل في الرسم أيضاً، وهذا الجهد المشترك يوفر لي نوعاً من السعادة التي لا تضاهى.

 المتابع لأعمالك الفنية يجد صعوبة في تحديد الأسلوب والمنهج الذي تتبعه.. هل هذا بسبب قراءتك كل تيارات الفن كأستاذ وأكاديمي، أم تراك تميل الى راي أن ذلك يتم بشكل غير قصدي، أو ارتجالي إن صح التعبير؟

- هذا التشخيص جد صحيح، والسبب أن رسومي بالمجمل تنهل من مورد ذاتي محض، مع الخزين والخبرات المتراكمة تصبح متمنعة ولا حاجة لأن تنضوي تحت هذه المدرسة أو تلك.. لكن هذا لا يعفيني عن التلامس مع مناهج محددة، أو أنماط أدائية أرى فيها موحيات، وعوامل حث تدعم وجهة نظري إزاء المواقف والموضوعات، والأشكال التي تجد طريقها إلى الخطاب.

ثمة حصانة أسلوبية يجلبها العمل اليومي، والكفاح المشترك مع الخامات والقيم التي أراها محببة لي، وهي تسهم في زيادة الثقة فيما ارسم، مع علمي أن بعض المؤثرات لم تغب كلياً، وهذا أمر جد طبيعي ما دمنا نرى نلمس ونحس التجارب اللامعة فيما حولنا.

فالتجربة حين تسير نحو أهدافها، تزداد رصانة، واكتفاء ذاتي، وهوية شخصية تكسبها نوعاً من الاتزان بوجه المثيرات الأسلوبية لكبار المبدعين. كما أن الافادة من المناهج الفنية لا يعني شحوباً بالرؤية الاتية، فجواد سليم، وآل سعيد، وفائق حسن، ومهر الدين قد مارسوا الاحتكاك مع تجارب عالمية، منها بول كليه، بيكاسو، الفن البولوني، والواسطي، والفنون القديمة، لكن الارادة الحرة، ومتانة الأسس للتجربة الفردية تتيح المجال واسعاً للمناورة على المؤثرات، ثم هضمها وجعلها تستجيب لرؤية الفنان آنذاك.

أضع المدارس نصب عيني، الا أني لا اقتفي أثرها قدر المستطاع، وهكذا تأخذ رسومي طابعها الخاص معززاً ذلك بمزيد من المراقبة لما يحدث جراء تراكم الانجاز، ودائماً استعد للخطة تأمل، أو كشف يدفع الخطاب قدماً إلى أمام، قد يحدث أن أخفق، لكن كثيراً ما أرى الانجاز الفني وهو يخوض في مناطق أخرى، وهذا يبدو مريحاً للفنان.

تأثرت برسوم جواد سليم، والروح السرية في رسوم آل سعيد، وأحببت تجارب بول كليه، والفن المحيطي والشعبي، لكن ملامح هذه المثيرات لا تقوى على زحزحة أصالة الرسوم التي أعمل على انجازها جاهداً لجعل إيحاءاته محض صدى بعيد.

 هناك ثيمات فلكلورية وموروثات شعبية وحتى إشارات للحضارة البابلية وللحضارة الإسلامية في أعمالك.. الى ما تحيل ذلك؟

- لا يلد العمل الفني من فراغ، وإذا ما عرفنا أن الرسم بوصفه معرفة في عالم البصريات، فإن هناك حاجة لمرجعيات تغذي الخطاب، ولاشك أن تأريخ الفن الرافديني زاخر بالمعجزات التي لم تزل تعرض اغواءاتها لمن يقدر على استدعاءها، ثم إحداث ما يلزم من تحولات بنائية تصب في صميم التجربة الفنية.

عشت طويلاً قرب نفر عاصمة سومر المقدسة، ويحيط بي فضاء اجتماعي شعبي، وعلى سطوح وأسيجة المنازل تعلق البسط الشعبية مثيرة التراكيب والألوان، علاوة على الانتماء الجيني للحضارة الرافدينية وتدريسي لمادة فلسفة وجماليات الفن في الجامعة.. كل ذلك يمثل رواسب ثقافية من المتعذر الافلات من قبضتها. والمهم في رأي، طبيعة الاستثمار للعناصر الوافدة من رحم التأريخ والبناء عليها وأحاطتها بنزعة ذاتية تمنحها حضوراً مؤثراً.

أضف لذلك كله، سكني في الحلة إلى جوار بابل العظيمة لأكثر من

(40) عاماً، عوامل حث كهذه كافية لأن تحدث أثر في مسار الرؤية الجمالية. في الفن لا ينبغي للمبدع أن يشهر مرجعياته دون غطاء من حدس التجربة الذي يفعل فعله في قلب الموازين لصالح رؤية شخصية تسعى لرسم ملامح فارقة فيما بين التجارب النظيرة في سوق التداول الجمالي، ولعل الثيمات الفولكلورية والشعبية تمثل خزائن جمالية تمد البصر والروح إلى ما هو خارج فضاء التداول، شريطة أن يتمتع الفنان بإرادة حرة، وملكة خاصة تجعله يجوس في الما حول ويجلب من هناك أسرار وعجائب صنائع الفن.

رسمت الكثير من الرسوم التي فيها إفادة من نوع ما من المرموزات الشعبية، وأحاول قدر مستطاعي أن لا أترك لها مجالاً للاستحواذ على الروح السرية للتجربة، ومن خلالها ألمح لا أصف، أحذف واضيف بالشكل الذي يتماشى مع مرونة الأسلوب، وإمكانية الأخذ به إلى أشواط أكثر بعداً، ولا أحبذ استلال المرموزات لغرض دعائي، أو افتخار فهي بالنسبة لي ليست أكثر من عناصر تدخل طرفاً في لعبة مجريات العمل الفني وتنخرط مع بعضها في سياق الرؤية الشخصية التي توحدها وتظهرها للعين. فالعمل الابداعي وعاء يمتص ويحول المرجعيات في واحدة من امتع وأعقد عمليات التكرير للرؤية التي تقدم نفسها كرسالة حاملة لمواقف الفنان ومشروعه الابداعي.

كثر من الفنانين استثمروا الفولكلور الشعبي حد الاسراف الذي قضى على تجاربهم وجعل منها نسياً منسياً، وثلة من المغامرين استطاعوا تمثل لا تمثيل لتلك العناصر واخرجوا منها جواهر ابداعاتهم والمسألة ببساطة رهن المبدع، وكيفية استحضار لحظة الابداع، وتكثيف المعالجات بما يؤدي باللوحة لأن تستوفي شروط العرض وإبراز مفاتنها.

 نسالك كناقد، الا ترى أن هناك انحسارا واضحا للإسهامات النقدية الان في التشكيل العراقي.. وما رأيك في أن بعض من يمارسون النقد هم لا علاقة لهم بالفن التشكيلي كجنس معرفي له أصوله وثوابته؟

- ما تقوله صحيح، وبعد غياب أو انكفاء النقاد المؤسسين لحركة النقد، هرع الهواة وكتبة الخواطر الانشائية لملأ الفراغ، مع أنصاف الموهبين الذين أشاعوا العشوائية في الاحكام، والقراءات السطحية، في ظل غياب رابطة للنقد التشكيليين التي حلت فيما سبق، وتجاهل المؤسسات الفنية للمواهب النقدية التي تكافح بدوافع الشغف الفردي لهذا اللون من الكتابة، وحاجة المطبوع العراقي لإشغال الفراغات في الصفحات التي تعنى بالفنون، مما سهل كثر من دعاة النقد لأن يحطوا من شأن النقد الفني في العراق، بعد ان غرس الرياديون من النقاد كتاباتهم الخلاقة، منهم شاكر حسن آل سعيد، وسهيل سامي نادر، نوري الراوي، فاروق يوسف، عادل كامل، شوكت الربيعي.

والنقد شأنه شأن ظواهر الأدب والفن، فهو منطقة شديدة الهشاشة، لاسيما من مجتمع لا يقيم وزناً للآراء النقدية التي تعيد التوازن لمظاهر الانحراف، والادعاء في فضاء الابداع، بعد الانهيارات المتلاحقة في البيئة السياسية والاقتصادية، مما تركت ظلالها على الأدب والفن فيما يعرف بالبنى الفوقية التي تتأثر بشكل ميكانيكي بأي خلل اقتصادي.

رغم ذلك ثمة ثلة من متعاطي النقد، يجهدوا كلاً على وفق قدراته في ترميم الانهيار النقدي، لكن حضورهم وسط زحام الاسماء المتواضعة يضعف من وهج آراءهم ووهجهم النقدي، شخصياً لا القي بالاً لكثير مما يكتب، فقراءة اسطر قليلة كافية لتبيان ضحالة ما يكتب وفقر الخلفية المفاهيمية والثقافية، وركاكة البناء اللغوي.

 هل أثر فيك تدريس الفن كأكاديمي، على نشاطك الفني، أم تراه قد اغنى الكثير من أدواتك الفنية؟

- قبل تسريحي من الخدمة الجامعية ببضعة أشهر أكون قد خدمت ما يربو على (40) عام وكنت متخصصاً بالدراسات النظرية، فلسفة الجمال، والنقد وما إلى ذلك. التدريس بالجامعة متعب وملذ بذات الوقت، فقد أفادني كثيراً في قراءة الكثير من الكتب في الفلسفة المحضة، علم الجمال، تأريخ الفن، وعلم ظاهرات الفن.. الخ. سيما واني شغوف جداً في متابعة كل ما يحدث في سياق الفن والابداع والثقافة.. كنت أجهد في خلق التوازن الذي لا يفقدني لذة الرسم والكتابة، ولأجل ذلك، أنجزت الكثير في مضمار الكتابة والرسم على السواء حتى صنعت لنفسي طقساً خاصاً مع كل هذه السنوات، حيث اعتكف للكتابة والتأليف في الصيف، وأنجذب في الشتاء للرسم، وهكذا ترى كمية الجهد المبذول والمتواصل وهو ما يجلب لي إحساساً فريداً بسعادة شخصية لا تضاهى.

 أنجزت 40 لوحة توثق انتفاضة تشرين، أسألك الان ما دور المثقف في هذه الحركة؟ والى أي مدى أسهمت انتفاضة تشرين في وعي المثقفين بضرورة التغيير؟

- انتفاضة تشرين مثلت لي بركان شعبي فاض غيضاً مما يحدث من هرج سياسي غير مسبوق، وبعد ما يربو على عقدين من الزمن فشل ممن هو ممسك في السلطة في توجيه الارادة الشعبية، ومصالح الوطن نحو أهداف تقيم الوزن للعدالة، ودولة القانون، والانخراط في التنمية، واصبحنا مع هؤلاء في حيص وبيص كما يقال، وكانت الانتفاضة العظيمة التي كادت تعيد البلد إلى مساره الطبيعي مع ارتفاع منسوب الأمل، واستعادة الروح الوطنية التي اهينت بالهتاف الطائفي، وثقافة العزل، وكارثة المكونات التي ألحقت الضرر الفادح بالروح الوطنية.

لم يكن الفتية البواسل بشهدائهم وجرحاهم لوحدهم، كان يحيط بهم زخم شعبي لا نهاية له، لكن المصالح الدولية والاقليمية، وشراهة السلطة أسهمت في كبح أوار الثورة موقتاً، وإنّ شعلتها فيما أرى لن تنطفئ، ما دام هناك غياب للعدل، وضياع للحقوق، مع نهب غير مسبوق لأموال وآمال الشعب.

رسمت للانتفاضة أكثر من 40 لوحة، أظهرت فيها تضامني مع حقوق الشعب العراقي، وهذا نزر يسير مما ينبغي فعله تكريماً لوهج الرفض الذي حملته الأكف السلمية لهؤلاء الشباب ممن يلهجون باسم العراق.

لقد سبقت الانتفاضة، كل فصائل المثقفين الذي عجزوا في مجاراة هديرها، ووضعت المثقف العراقي في زوايا حرجة.

 ما الذي تقرأه كناقد في المشهد التشكيلي العراقي الان؟

- المشهد التشكيلي العراقي الآن، بعد كل الذي جرى، يبشر بخير، فلا زالت فضاءات العرض في داخل البلد وخارجه تسوق لنا مزيداً من الاسماء والأجيال الجديدة، وسوق الفن على انكماشه يحتمل كل ما هو جديد، ومن هذا الزحام تبرز من حين لآخر تجارب لافتة تحتاج إلى مساحة من الوقت ليعلو شأنها.

لقد خسر الفن العراقي العديد من الأسماء المؤثرة سواءً بالغياب الأبدي تارة، وبالهجرة تارة أخرى، لكن ذلك لا يعني انكفاء الفن العراقي، دائماً ثمة روح جديدة تديم زخم الأمل.

هناك تجارب مثيرة للاهتمام في فن الرسم، والسيراميك والنحت وفنون ما يعد الحداثة، وهي آخذة بالتشكل وسيصبح لها شأن وهي تخوض مهمة تأصيل الفن العراقي، وإعادته إلى رمزيته العالية بين الفنون في الاقليم والعالم الثالث ، والعالم إن شئت .

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram