TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: قط درامي

العمود الثامن: قط درامي

نشر في: 11 إبريل, 2023: 12:42 ص

 علي حسين

هل أنت مستغرب من الدعوى التي أقامها المحامي "نبيه الوحش"، أعتذر أقصد المحامي أحمد شهيد الشمري ضد الفنان أحمد وحيد؟، أنا من جانبي لم استغرب حيث شاهدنا كيف تكاتفت العشائر مع الأحزاب ضد مسلسل يقدم شيخ عشيرة يدير عصابة،

وشاهدنا كيف تصرخ نقابة المعلمين إذا ما تم تقديم نقد للمعلم ومثلها تولول نقابة الأطباء والمحامين،. هذه المسلسلات اعتبرها البعض إساءة لمجتمعنا، فنحن مجتمع يخلو من الأخطاء ومحصن ضد الفساد والقتل والسرقة، فمن شاهد منكم موظفاً عراقياً يرتشي؟،أو مسؤولاً يسرق او يحرض على القتل ؟، أو حتى شيخ عشيرة يستولي على أملاك الدولة ويثير النزاعات القبلية ؟ .هذه مشاهد لاتوجد سوى في مخيلة كتاب الدراما " العملاء " . وأنا أقرأ ردود الأفعال على الدعوى التي أقامها السيد المحامي تذكرت ما جرى في مصر قبل أشهر حين اعترض نائب في البرلمان على تقديم مسرحية "المومس الفاضلة" لسارتر لأنها حسب رأيه تنشر الرذيلة ولان اسمها المومس الفاضلة .

طبعا لا أحد يستطيع أن يصادر حرية البعض في الدفاع عن قيم المجتمع، كما يسمونها، كما لا يحق لأحد أن يطلب منهم أن يكفكفوا دموعهم الصناعية وهم يرون المسلسلات العراقية تقدم واقعاً مغايراً للواقع الوردي الذي يعيشه المواطن العراقي، فالدراما العراقية العميلة تريد أن تسيء للتجربة الديمقراطية العراقية التي يشهد لها العالم، ولا نلوم البعض الذي يعتقد أن الدراما تقف حجر عثرة في طريق حل مشاكل العراق، وأنها في الفتنة الطائفية وأنها تعمل على انتشار المخدرات والبطالة وأنها تسببت بمقتل شباب تشرين، وأن الحياة كان يمكن أن يكون لونها "بمبي" لولا إصرار أحمد وحيد على الظهور في شهر رمضان وتقديمه مسلسل "قط أحمر".

يدرك المعترضون على الدراما العراقية بأن العراقيين لا يعيشون عصور الرفاهية وأن ما تقدمه الدراما لا يعادل واحد بالمئة من المأساة التي عاشها المواطن العراقي،. ولهذا فان المواطن ربما يختنق من الضحك وهو يستمع لاحاديث عن الأخطار المحدقة بالعراقيين لو شاهدوا هذه المسلسلات على نحو يجعلك تتخيل أننا نعيش في جزيرة معزولة، وأن جيوش الرذيلة وعصابات الضلال تقف على الحدود فى حالة تأهب لافتراسنا وتدميرنا.

للاسف صار الحديث بشأن الدفاع عن القيم والفضيلة في هذه البلاد الغريبة والعجيبة نوعاً من العبث للتغطية على الفشل ، مثله مثل الحديث عن الإصلاح والنزاهة ، وهكذا اكتشفنا أن المسلسلات العراقية لا تريد لنا الاستقرار وتبث أكاذيب تنشرها البلدان الإمبريالية التي دائماً ما تقف في وجه التجربة السياسية الرائدة في العراق . للاسف يعتقد البعض ان تصوير الاخطاء اشبه بارتكاب المعاصي

فليعترض البعض على الدراما وهذا حقهم ، لكن دون أن يشكلوا محاكم تفتيش تنزع عن الفنانيين وطنيتهم وانتماءهم لهذا البلد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram