TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أفلاطون في البرلمان

العمود الثامن: أفلاطون في البرلمان

نشر في: 11 إبريل, 2023: 10:51 م

 علي حسين

لا تزال دور النشر تصدر كل يوم كتباً تتحدث عن بناء الدول، وكيف تكون الدولة العادلة، ورغم أن المرحوم "أفلاطون" حاول قبل 2500 عام أن يخصص للموضوع كتاباً بعنوان "الجمهورية" تاركاً المهمة لتلميذه النجيب أرسطو الذي كتب مجلداً ضخماً أطلق عليه "علم السياسة" .

 

عندما أصر أفلاطون على أن يعلم طلبته أن المدن لا يمكن أن تكون أفضل من حكامها، وقف أرسطو ليقول له: الحاكم الحق هو الذي يبني دولته على خصلتين، العقل والعدل.. في مرات عديدة وأنا أسترجع ما قرأته أتذكر دوماً ما كتبه جان جاك روسو في اعترافاته: "العدالة، ليست علاقة بين إنسان وإنسان، بل بين دولة ومواطنين، شرط ألا يحول الحاكم الأفراد إلى أعداء بمحض الصدفة".

أرجو من القراء الأعزاء إعادة قراءة "جمهورية" أفلاطون، ليكتشفوا كيف أن الحياة يمكن أن يصنعها كتاب واحد.

جرت عادة مؤرخي الفلسفة على أن يصفوا المدينة التي صورها افلاطون في الجمهورية، بأنها أول ما عرف العالم من مدن فاضلة، وكانت غايته الأساسية في محاورة "الجمهورية"، هي البحث عن العدالة وشروط تحقيقها، ثم يعرض لنا مصادر الفساد التي تصيب الدولة والمواطنين وكيف تتدهور الدول فتتحول إلى صورة فاسدة من الحكم.

كلمات افلاطون التي أضاءت أوروبا منذ مئات السنين رسمت خارطة طريق لبلدان قررت أن تتقدم، فيما نحن ومنذ عشرات السنين قررنا أن نتفرج ونعيش في سبات تقطعه بين الحين والآخر خطابات لساسة انتهازيين يرفعون شعار "نحن أو الفوضى"، نعيش معهم وسط أكوام من الخطب والشعارات الفارغة وأعوام سبات في الجهل والتخلّف.

ما الذي علينا أن نتعلمه من أفلاطون؟ يرشدنا صاحب " المحاورات " إلى أن الأمم لا تزدهر في ظل ساسة يعتقدون أنهم فوق القانون.. فالازدهار والتنمية والعدالة لا مكان لها في ظل رجال يخططون من أجل الوصول إلى درجة من الإيمان بأنه لا خيارأمام الناس سواهم.. لأنهم وحدهم يملكون السلطة والمال وادوات القتل والتغييب ، يخيفون الناس، عادلون في توزيع العطايا والمنح على مقربيهم، وعادلون أيضا في توزيع الظلم على الناس.

أوهام كثيرة يصر البعض على ترويجها من أن العراق لا ينفع معه سوى ساسة يلعبون على الحبال ويعتقدون أن الاقتراب من قلاعهم جريمة،. أدركت الشعوب أن الحل في دولة مؤسسات يديرها حاكم إنسان وليس مسؤولاً "مقدساً" ، تعلمنا الكتب أن السياسي الفاشل لا ينتج سوى الخواء.

سيسخر البعض مني ويقول يارجل ما الذي ذكرك بأفلاطون؟، اعترف ان فكرة العمود الهمني اياها السيد محمد الحلبوسي مشكورا ، فقد كنت استمع اليه وهو يقول بكل اريحية : أن العراق لا يمكن أن يكون جمهورية فاضلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram