طالب عبد العزيز
تأسست ثقافة العراقيين السياسية ومنذ 1958 وحكومة عبد الكريم قاسم على كراهية أمريكا وبريطانيا، وانهما دولتان مستعمرتان وعدوان لشعوب العالم والعربية بخاصة، وهناك تعطف وميل ملموس لصالح الاتحاد السوفيتي(روسيا) باعتباره المناصر لحركات التحرر في العالم، ومنها قضية فلسطين بالذات، وهكذا، وطوال نصف قرن ظلت أمريكا الوجه الاقبح في ذاكرة العراقيين، حتى جاءت لحظة 2003.
لدينا في البصرة مثل شعبي سأورده كما جاء على السنة الناس، على الرغم من قبحه(ما يعرفْ الخرا إلّا الليْ يشمَّه). الوطنيون العراقيون والعارفون المطلعون لم تتغير مواقفهم من أمريكا، لا قبل ولا بعد 2003 وسواء أسقطت نظام صدام حسين أو لم تسقطه؟ فأمريكا (الحكومة)هي العدو الحقيقي للشعب العربي، لكنَّ، يتضح بأنَّ الطارئين على السياسة، من الاسلاميين بخاصة، الذين فرحوا بما جاءهم، وصار بين ايديهم، غير معنيين بفهمي الوطنية والخيانة اليوم، فالمال الذي صُبَّ عليهم أنساهم الله ودين نبييه ومعاناة شعبهم، وكل ما وقع عليه، حتى صاروايشهرون أمامنا الآيات والاحاديث بما يبقيهم ويديم سلطتهم.
لا جديد في قول السياسة بأنَّ الحرب في اوكرينيا أصبحت المنقلب في التفكير والسياسة والاقتصاد، وأن من نتائجها انقسام العالم الى قديم وجديد، أو الى ما قبل وبعد هيمنة أمريكا، وهناك عالم سياسي يتأسس خارج الاحلاف، وأنَّ امريكا لم تعد مرتكز العالم، وسلطة الدولار باتت على المحك، وقدرات أمريكا وأوربا والاتحاد الاوربي لن تستمر طويلاً في سيادتها، لقد انقضى القرن الامريكي، فمجموعة بريكس المالية(البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب أفريقيا) العملة البديلة للدولار قادمة لا محالة، وهي تجتذب دولا أخرَ، وأمريكا تعاني من أزماتها، في الداخل والخارج والتي ليس أقلها فقدان ثقة أوربا بها.
لكن، أين العراق وسط هذا كله؟ وكيف ينظر ساسة البلاد الى العاصفة التي صموا آذانهم عنها؟ وهل من سبيل الى التخلص من القبضة الامريكية، التي تمسك بخناق الشعب؟ وهل بات العراق مستعمرة امريكية؟ نعتقد بأنْ لا أحد في حكومة السيد السوداني، ولا زعيم في مجموعة الاطار سأل السؤال هذا، ويبدو واضحاً أن القيود والمواثيق والاتفاقيات التي كبلت بها الحكومات منذ العام 2004 الى اليوم ستطوق العنق العراقية الى أمد بعيد، وأنَّ ما يحدث في العالم من انقسام لا يدخل العقل السياسي العراقي، وأنَّ ثقافة الشعب التي قامت طوال نصف قرن عن يقين ومعرفة على رفض وكراهية السياسة الامريكية أمست محض ذكرى.
الغريب أنَّ السياسي العراقي الحاكم يعلم وبثوابت قاطعة بأنَّ امريكا وراء كل ما حدث ويحدث من خراب وقتل وتفجيرات وفساد وسرقات ووو منذ ربيع 2003 الى اليوم، وأنَّ بن لادن والزرقاوي والبغدادي وداعش والمليشيات والجماعات المسلحة والارهابية بمختلف اهوائها وانتماتها صنيعة أمريكية، وأنَّها على علم بتحركات الجميع، فهي صانعهم ومحركهم الاول، لأنَّ بقاء العراق ممزقاً ومتفرقاً، ويقاتل بعضُه بعضَه، وباقتصاد خرب ووو هو قرار أمريكي، وهو ما وقر وتأبد في يقين الحاكمين جميعاً، لكنهم مقيدون، ولا قدرة لهم على فعل أي شيء بالضد منه، ترى إلى متى سيكون ذلك؟ ومتى سيشمُّ ساستنا الخراءَ الامريكي؟ ليتيقنوا بأنه خراء بالفعل؟