TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > لا لاستخدام قذائف اليورانيوم من جديد!

لا لاستخدام قذائف اليورانيوم من جديد!

نشر في: 17 إبريل, 2023: 12:09 ص

د.كاظم المقدادي

اَلاف اطنان اليورانيوم أُلقيت على العراق خلال حربين مدمرتين على العراق، في عامي 1991 و 2003، استخدمت القوات الأمريكية والبريطانية قذائف اليورانيوم "المنضب" بما يزيد عن 3200 طنا مترياً- الطن المتري = 1000 كيلوغرام.

في التفاصيل المسربة، أطلق الجيش الأمريكي وحده عام 1991 نحو 500 قذيفة كبيرة عيار 105 مم، و 9000 قذيفة 120 مم، تحتوي كل قذيفة على 4.2 و 5.3 كغم من اليورانيوم " المنضب" على التوالي. واستخدمت القوة الجوية 800 ألف قذيفة عيار 30 مم، والقوة البحرية- 67,500 قذيفة عيار 25 مم، يحتوي كل منها على 300 غرام من.

وأكد البرفسور عصام الحناوي، وهو خبير بيئي دولي، ومدير سابق لدائرة التوقعات البيئية في برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، تحويل الولايات المتحدة لأرض العراق الى حقل تجارب لأسلحتها الجديدة، مستخدمة 4000 قذيفة دبابة، تحتوي كل منها على 4 -5 كيلوغرامات من DU، وأطلقت طائرات A-10، المعروفة باسم "صائدة الدبابات"، نحو 900 ألف طلقة من عيار 30 مليمتراً.

ووفقاً لخبير عسكري أمريكي: يقدر أن ما لا يقل عن 600 قنبلة وصاروخ وقذيفة مدفعية أُسقطت أو أُطلقت يومياً أثناء حرب الخليج ولم تنفجر، وتشكل خطراً مستمراً في مكان ما في منطقة القتال السابقة.

وبحسب البرفسورة منى الخماس- أستاذة علم الأورام الخبيثة بجامعة بغداد –استخدمت قوات الحلفاء عام 1991 نحو 142 ألف طن من المتفجرات ضد العراق، ويعادل هذا 7 قنابل ذرية مشابهة لتلك التي أسقطت على هيروشيما وناغازاكي. وأكد تقرير أجنبي أن ما إستُخدِمَ من كميات DU عام 1991 تُقدرُ انعكاساتها الإشعاعية والغازية السامة بـ 700 ألف مرة أكثر من تلك التي أطلقت من المصنع الوطني في كولوني قرب نيويورك،والذي كان يصنع إطلاقات اليورانيوم "المنضب " وإضطرت الحكومة الأميركية إلى إغلاقه فورا.

وأكدت الخماس تلوث بيئة المنطقة وتهديد صحة السكلن من خلال الإشعاع والمواد الكيميائية العالية فيها.

وتشير الإحصاءات الرسميّة العراقية إلى أن عدد الأهداف المدرعة في عام 1991 كان 3700 هدفاً، منها 1400 دمرت بقذائف اليورانيوم "المُنضّب"، التي استخدمت على نطاق واسع مرّة أخرى في حرب عام 2003 [5]، حيث فاقت كميته 3- 6 أمثال ما استخدم في عام 1991. وأكد "معهد بحوث السياسات النووية" في نيويورك بأن الولايات المتحدة أطلقت قذائف تحتوي علي ما يقدر بنحو 2000 طن من الـDU. وحث المعهد قادة الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا علي تطهير العراق منها.

وأكد علماء وعسكريون متخصصون،من بينهم العالم ديوراكوفيتش Asaf Durakovic، ان القذائف التي إستخدمت في حرب عام 2003 تميزت بتطويرها أكثر، وزيدت شدتها الإشعاعية بنحو 400 مرة، وأصبحت قدرتها التدميرية أشد بـ 800 مرة مقارنة بأسلحة عام 1991. فتحولت الى أخطر مصادر التلوث الأشعاعي في العصر الراهن.

إنتشار التلوث الإشعاعي

أثبتت دراسات عديدة ميدانية،عراقية وأجنبية، إنتشار التلوث الأشعاعي في أرجاء العراق مباشرة عقب حربي 1991 و 2003، لضيق المجال نشير الى بضعة أمثلة:

في عام 1994،أنجز فريق بحثي عراقي متخصص، بإشراف الأستاذ الدكتور بهاء الدين حسين معروف، دراسة موسعة، شملت قاطع العمليات الجنوبي، حقلي نفط الرميلة الشمالي والجنوبي، منطقة مطار ارطاوي، المنطقة منزوعة السلاح والمناطق الحدودية الأخرى، وجبل سنام، وأظهرت إرتفاع معدلات التعرض داخل الدروع المدمرة وحولها 14 ضعفاً، مقارنة بالمناطق الخالية من التلوث الإشعاعي. ووجدت تراكيز عالية جدا من النويدات المشعة التابعة لسلسلة U-238، التي تنبعث منها أشعة (غاما)، وعلى الأخص: الثوريوم - 234، البروتكتونيوم - 234، والراديوم – 226ـ.

وعقب توقف حرب عام 2003, أجرى فريق علمي دولي للمركز الطبي لأبحاث اليورانيوم (UMRC) وهو مركز دولي مستقل، متخص، ويضم علماء متخصصين بالطب الذري والإشعاع والفيزياء النووية والبيولوجيا الإشعاعية، أول وأوسع دراسة إشعاعية ميدانية علمية تنفذ عقب الحرب.وقد شمل المسح الميداني الإشعاعي لمسارح العمليات العسكرية في 10 مدن في وسط العراق وجنوبه,هي: بغداد وضواحيها, والصويرة، والكوت، والناصرية، والشطرة، والبصرة، وأم قصر، والفاو، وكربلاء، والنجف.وركزت الدراسة بالدرجة الأولى على الركام الحربي المضروب، وما حوله, والتأثير الصحي في الاشخاص الساكنين بالقرب منه. كما أخذ الفريق 100 عينة من التربة والماء والهواء، ومن أنسجة جثث الجنود العراقيين، ومن بول الاشخاص الذين يُشك في حملهم لاعراض التعرض الاشعاعي.

وقد وجد الفريق إنتشار التلوث الإشعاعي في كافة المناطق التي تم مسحها، وتجاوزت نسب التلوث 10- 30 ألف مرة الحدود المسموح بها دولياً.

أعد البرفسور محمد الشيخلي،أحد أعضاء الفريق (متخصص في الفيزياء الحيوية الاشعاعية والطب الذري، وعميد سابق لكلية العلوم في جامعة بغداد) تقريراً عن الدراسة ونتائجها الأولية باللغة العربية، خصّ به مجلة "البيئة والتنمية"،وتساءل في ختامه بحق: اذا كان استخدام قرابة مليار قذيفة (320 طناً) من اليورانيوم "المنضب" في حرب الخليج الثانية سبب تدميراً لبيئة جنوب العراق ومواقع العمليات في الكويت, وتأثر بموجبه 100 ألف جندي حليف، ومئات الآلاف من العراقيين, فماذا ستكون مضاعفات استخدام ضعفي هذه الكمية من الاسلحة في الحرب الأخيرة- كما يقدر الخبراء العسكريون؟ وما هي آثارها في صحة السكان وسلامة البيئة في العراق؟

وفي عام 2004،أثبتت قياسات الباحث البيئي خاجاك وارتانيان الإشعاعية التي شملت 1187 عينة وجود التلوث الإشعاعي بـ DU وبنسب عالية في الهواء والتربة والمياه والنبات والخضرة، في البصرة وأبي الخصيب والمدَينة والزبير والقرنة وشط العرب، وغيرها. وكشف النقاب عن أكثر من 100 موقع ملوّث، من ضمنها مناطق سكنية وحقول نفطية. وحذر من خطورة بقائها، والاقتراب منها، أو استخدام المعدات المضروبة بالصواريخ كخردة (سكراب)، لكونها ملوّثة إشعاعيا.

وفي عام 2010،كشف مسح إشعاعي جوي،أجراه فريق علمي أجنبي، وجود اكثر من 143 موقعاً ملوثاً باليورانيوم في 7 محافظات، منها: 16 موقعاً ملوثاً باليورانيوم في محافظة ديالى، واكثر من 20 موقعاً في بابل،و 11 موقعاً ملوثاً في واسط، و 14 موقعاً ملوثاً في ميسان، و 22 موقعاً ملوثاً في البصرة، و 20 موقعاً ملوثاً في الناصرية،وأكثر من 40 موقعاً ملوثاً في بغداد.

عشرون عاماً ولم تنفذ خطة وطنية

المفارقة الفاضحة لسوء الإدارة والتخبط المهني وحتى التواطئ، ان تنفي مديرة مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة البيئة بشرى علي أحمد، طيلة 15 عاماً، وجود تلوث إشعاعي في العراق، رغم مشاركة المركز في دراسة علمية أجرتها وزارات: العلوم والتكنولوجيا والصحة والبيئة،عام 2010،أثبتت وجود 42 موقعًا في البلاد ملوثة بمستويات عالية من الإشعاع والديوكسينات، تقع في نينوى والسليمانية والأنبار وبغداد والنجف وميسان وذي قار والمثنى والبصرة. وأقرت المديرة انه " لم يتم مسح اكثر من 80 في المائة من العراق حتى الان. وقد ركزنا على المواقع التي اصيبت بالتلوث بسبب الحرب. والمشكلة الكبرى التي تواجهنا هي عند سحب الدبابة المدمرة نجد اثار اشعاع جلية. ويتطلب التخلص من التلوث في هذه المواقع وقتا غير قصير". وقالت الغارديان:ثمة قلق واسع بشأن مواقع الخردة، التي تكثر في بغداد ومدن اخرى بين العاصمة ومدينة البصرة.

وحتى يومنا هذا يتم الكشف،بين اَونة وأخرى، عن مناطق ومخلفات ملوثة بالإشعاع، اَخرها قبل أسابيع، حيث تم العثور على 21 قطعة حربية ملوثة بإشعاع اليورانيوم في ذي قار. وأكد المدير الجديد لمركز الوقاية من الإشعاعي صباح الحسيني، في مقابلة مع "سبوتنيك" الروسية، إستخدام القوات الأمريكية اليورانيوم "المنضب" خلال غزو العراق، ما أدى لتزايد حالات الإصابة بالسرطان في مناطق استخدامه المفرط.

وبينما لا يزال العراق يعاني من وطئة التلوث الإشعاعي الخطير، تواصل الجهات المسؤولة الحديث عن "خطة وطنية لإزالة التلوث الإشعاعي" وان وزارة البيئة "حددت مصادر الإشعاع والطرق المناسبة للتعامل معها "..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

 علي حسين إذن، وبوضوحٍ شديدٍ، ومن غير لفٍّ أو دوران، لا تنتظروا إصلاحات ديمقراطية ولا حلاً للأزمات السياسية التي ما أن تنتهي واحدة حتى تحاصرنا واحدة جديدة ، ولا تطمئنوا لأن الإعلام يزعج...
علي حسين

قناطر: السَّرّاجي: القرية والنهر والجسر

طالب عبد العزيز " ثمة قليل من الاغريق في سان بطرسبورغ "جوزيف برودسكيكثيراً ما أسأل نفسي: أيمكن أنْ يكون الشاعر مؤرخاً، أو كاتباً لسيرة مدينته؟ فأجيبُ: أنْ نعمْ. ولعلي الى الثانية أقربَ، فأنا ممسوس...
طالب عبد العزيز

في طبيعة المجتمع المدني في الدولة الديمقراطية ومهامه

د. فالح الحمـراني تطرح قضية تفعيل المجتمع المدني في العراق اليوم نفسها بصورة حادة، لا سيما على خلفية تقصير المؤسسات المنتخبة وأجهزة الدولة في أداء دورها المطلوب حتى في إطار القوانين المتعارف عليها في...
د. فالح الحمراني

الاقتصاد الهندي من التخلف إلى القوة الاقتصادية

موهيت أناند ترجمة: عدوية الهلالي منذ أن بدأت الإصلاحات الاقتصادية في عام 1991، عندما تخلت عن نموذجها الاقتصادي الحمائي والاشتراكي، أصبحت الهند ثالث أكبر اقتصاد (بعد الصين والولايات المتحدة) من حيث الناتج المحلي الإجمالي.،...
موهيت أناند
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram