TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: موسم الهجرة الى التلفزيون

كلاكيت: موسم الهجرة الى التلفزيون

نشر في: 26 إبريل, 2023: 10:47 م

 علاء المفرجي

- 1 -

الفرق بين السينما والتلفزيون كان على الدوام واضحا في جميع التفاصيل التي يعتمدها الوسيطان، بالكاميرات المستخدمة التي تتجلى عنها الصور. فكاميرات التلفزيون متخصصة ومختلفة، بينما السينما تنفرد بالـ (35 ملم). هذا إضافة الى الفروق الأخرى التي تتعلق بنوعية الموضوعات التي يتناولها الوسيطان، حيث الحرية المتاحة للسينما، لا تتوفر في التلفزيون، بسبب دخوله اليومي في البيوت، مثلما هي المؤثرات الخاصة بالاثنين.. وغيراها من الفروقات والتي جعلت السينما أعلى شأنا من التلفزيون.

ولعل أهم هذه الفروقات أن مخرج التلفزيون، ليس له حضور طاغٍ قياسا بمخرج السينما، فهو لم يكن بموجب الآلية الفنية التي يعمل بها، والأدوات التي يستخدمها، سوى منفذ، أمام سطوة الكاتب.

في السنوات القليلة الأخيرة، أصبح التنافس في أوجه بين السينما والتلفزيون، وكان من الطبيعي ان تكون الغلبة في هذا التنافس للتلفزيون. في ما خص ميدان الاخراج.. فقد تقدم التلفزيون شعبيا وبنسبة كبير على السينما، من حيث نسبة المشاهدة والايرادات المرتفعة، ويكفي هنا أن نشير الى مسلسل "لعبة العروش"، الذي وصلت تكاليف الحلقة الواحدة منه إلى 10 ملايين دولار أميركي. ومسلسل " Breaking Bad" الذي صنع بأجواء سينمائية، خاصة باعتماد تصويره بشريط خام 35 ملم، مما اعتبره البعض فيلم طويل جدا.

التلفزيون إذن استقطب مخرجين عالميين لهم أهميتهم في السينما، أو لنقل وللأسباب التي ذكرناها، أن هؤلاء المخرجين هم من قصد هذا القطاع، فصاحب فيلم (الفتاة المفقودة) ديفيد فيشر مولته "نتفليكس"، عام 2017، بميزانية ضخمة لعمل مسلسل "صائد الأفكار" الذي يتناول نشاط الـ (أف. بي. آي.). بل هذا الأمر شمل مخرج كبيرة من عينة مارتن سكوسيزي، الذي سينجز مسلسلا قصيرا هو الاخر.

اذاً وجد مخرجون السينما في التلفزيون ملاذا سينمائيا آخر.. وإن كان الأمر يتطلب وقفة فنية متفحصة، ذلك ان انتصار التلفزيون في منافسته يحتاج الى أمور فنية وفق ما تتطلبه الشاشة الصغيرة.

في الموسم الدرامي الجديد، ونعني به هنا عرض المسلسلات في رمضان، فوجئنا بعملين عربيين قدما خلاله، لمخرجين (مصري، وعراقي) هما خالد يوسف، ومهند حيال.. نالا ما يستحقان من حضور محترم في السينما، وربما يكون عملهما هذا تأسيسا لما سيُبنى عليه من دخول مخرجين سينمائيين أخرين سيدخلون حلبة التلفزيون. وإن كانت هناك تجارب لمخرجين عرب سبقوهم في هذا المجال. فمثلا المخرج المصري حسين كمال الذي قدم للتلفزيون مسلسلات مثل (نحن لا نزرع الشوك) و(أفواه وأرانب)، أما في العراق فمحمد شكري جميل قدم هو الآخر مسلسلا تلفزيونيا ناجحا هو (حكاية المدن الثلاث).

المخرج خالد يوسف قدم مسلسل (سره الباتع) بعد أن عمل مساعداً للمخرج الراحل يوسف شاهين، ثم أشرف على إخراج عدد من الأفلام التي أثارت جدلا كبيراً وكان أبرزها " هي فوضى" وفيلم "حين ميسرة" عامي 2007 و2008.

اما المخرج مهند حيال والذي قدم المسلسل المتميز (بغداد الجديدة) بعد أن قدم عددا من الأفلام القصيرة، قبل أن يخرج فيلمه الروائي الطويل (شارع حيفا) الذي انتزع جائزة أفضل عمل أول في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأربعين.

لم يكن عملا هذان المخرجان، مجرد رقم في الاعمال الدرامية الكثيرة التي عرضت، بل كانا من الأعمال المتميزة والتي لفتت الأنظار في موضوعها وإخراجها. وأستقطبا طيفا واسعا من المشاهدين العرب.

وستكون لنا وقفة مع طبيعة هذين العملين التلفزيونين المهمين في عمود مقبل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    فعلا مهند حيال و بغداد الجديدة يستحقان الإشارة

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram