عمـار سـاطع
لا أريد أن اعتبرها أزمة تتكرّر في كلّ موسم ، بقدر ما أتمنّى أن يُسدَل الستار على واقع أصبح يُشكّل هاجساً مُظلماً على الطواقم التحكيميّة في كلّ مباراة.. مثلما لا أرغب أبداً أن اتصوّر حجم تلك المشاكل والضغوطات التي يواجهها أهل الصفّارة بأنها مُفتعلة ، بقدر ما هو إلقاء باللائمة ، أو توقّع غير دقيق لقرارات تظهر في لحظات.
نعم.. تلك هي باختصار شديد ، قصّة الطواقم التحكيميّة لمباريات الدوري المُمتاز وغيرها من مسابقات محليّة ، تظهر دائماً مع اقتراب المنافسات من المرحلة النهائيّة وجولات الحسم ، إذ تصبح الهجمات على أسياد الساحة العنوان الأبرز من قبل الجماهير من جهة والكوادر الإدارية والتدريبيّة غير المسبوقة من جهة أخرى واللاعبين واعتراضاتهم غير المُبرّرة داخل المستطيل الأخضر وبطرق سلبيّة غير لائقة في أحيان كثيرة.
وفي تصوّرنا أن هذا كلّه سببهُ التفاعل الحاصل وربّما مُلخّص نابع من الواقع الكروي ، بل أنه الواقع الذي أصبح مُرتبطاً بمساحة الدوري وعمره الذي يشكّل حديث الشارع الرياضي نتيجة المؤازرة والتشجيع المُتعلّق والمرتبط بالولع في حُبّ الأندية المحليّة ، وربّما أن ذلك كلّه بات من ضمن أسباب الإثارة الفعليّة لمنافسات الدوري الذي يمرُّ في فترة انتعاش واضحة.
وفي الحقيقة أن هناك من ذهب بشكل أو بآخر الى ميدان التربّص لقرارات الحُكّام وراح ينتقص من امكانيّات حُكّامنا ومساعديهم ، بل يتّهم الكثير منهم ، وخاصّة الدوليين منهم ، بمجاملة ومُحابّاة فرق على حساب أخرى ، في وقت واجه البعض من حُكّامنا أسلوباً غير مقبول في التقليل من شأنهم والتنمُّر عليهم ، وكأنّ هناك اتفاقاً على ذلك من قبل الفرق التي تفقد النقاط أو تواجه الخسارة وربّما بسبب ركلة جزاء غير مُحتسبة أو بطاقة ملوّنة للاعب مهم أو احتساب حالة تسلّل يختلف عليهم نصف المشجّعين ويتّفق عليهم النصف الآخر!
أيها الإخوة.. أن تصل الحالة الى المُطالبة بطواقم تحكيميّة من خارج البلاد ، فهذا أعتبرهُ تأسيس غير مقبول لردود أفعال خاطِئة ، وكذلك الحال مع الدفع باتجاه مُعاقبة حُكّام يجتهدون خارجيّاً يتعرّضون لحملات داخليّة تُفقدهم التركيز وتُشتّت أذهانهم وتُسيء لسُمعتهم التحكيمّية ، في ظلّ وجود مجاميع تتعامل بعاطفتها ولا ترضى إلا بالفوز ، وتُسخِّر من مواد القانون وتُفسِّر حسب الأمزجة التي تراها قريبة من مصلحة فرقها.
بدلاً من أن يكون هناك صوتاً للقانون ، ومكاناً للحياد ، ومنطقاً للمساواة، يصبح الحُكّام الهدف الأسهل للنيل منهم ، كونهم الأداة الأقرب في إلقاء اللوم عليهم، ويصبح الحكم المُتسبّب في خسارة الفريق ـ أي فريق ـ بتعمّدٍ ، وأكثر من ذلك ، فإن هناك من يضع أسباب هزيمة فريقه على شمّاعة الحُكّام ومساعديهم نتيجة القرارات الظالِمة أو المُجحفة.
لا يُمكننا أن ننكر أبداً أنه لا توجد قرارات تحكيميّة خاطِئة ، ولكن علينا أن نعترف أن الحُكّام بشر ، والبشر مُعرّض للخطأ، خاصّة وأن القرارات تُتّخَذ بأجزاء الثانية وفي لحظات ملؤها الضغوطات ، وعليه فإن كرة القدم ، هي في الأصل لُعبة أخطاء ، أخطاء تدريبيّة فنيّة ، وأخطاء تقديرات تحكيميّة بقرارات ، وأخطاء لاعبين في الأديم الأخضر ، بينما ينتظر الجمهور فوز فريقه وتحقيق الانتصار بأي شكل من الأشكال.