علاء المفرجي
بعد تسع دورات من دورات مهرجان السعودية للأفلام، الذي حقق تطور واضح في كل دورة من دوراته. فالذين عاصروا دوراته الأولى من السينمائيين تحتفظ ذاكرتهم بالتفاصيل التي حكمتها شروط المحاولة الأولى، ليقارنوها بالإنجاز الذي تحقق بعد دورات تسع، والذي شكل التنظيم الرفيع ونوعية الأفلام التي تطورت كثيرا بفعل تأثير هذا المهرجان وإصراره على الاستمرار، العلامة الأبرز لنجاحه.
وتسع دورات من المهرجان، كان لا بد من أن تكسب القائمين عليه، خبرة كبيرة ودراية في تنظيم المهرجانات.. ولعل نظرة فاحصة لبرنامج هذه الدورة يؤكد نتائج هذه الخيرة التي اكتسبوها عبر هذه السنوات.
ولعل دورة هذا العام التي كانت تحت محور "الكوميديا"، لم تشمل فقط ما يعرض من أفلام كانت الكوميديا محورا لها، بل امتدت لطبيعة المطبوعات التي صدرت عن دورة هذا العام، والتي وصل عددها الى 17 مطبوعاً، وهي سمة لا تكون إلا حصيلة مهرجان كبير وذي تاريخ يمتد الى عشرات السنين.
فمن بين هذه المجموعة من الكتب الصادرة عن مهرجان أفلام السعودية، ثلاثة من الكتب كان موضوعها الكوميديا أو الضحك من خلال الأفلام، تناولت الكوميدية كمفهوم، وكنوع سينمائي مهم، وكأحصاء لهذا النوع من الأفلام الذي يركز بصفة أساسية على الفكاهة. وهذه النوعية من الأفلام غرضها الأساسي إضحاك المشاهد. وتعتمد على طريقة حديث البطل أو مظهره أو المواقف التي يؤديها.
وهذه الكتب الثلاث، كتاب الناقد محمد رضا (قطار الكوميديا.. أسس وأنواع ومئة فيلم لا بد منه) يختار مئة فيلم كوميدي على مدى تاريخ السينما، ليشير في كتابه أن الكوميديا ليست مجرد كائن واحد، فهناك كوميديات ذات العنصر الوحيد (النكتة كيفما ألقيت) والكوميديا المنتزعة من رحم المأساة.. بينما يتناول الناقد والمخرج عرفان رشيد في كتابه (ضحكات إيطالية) يقدم سرداً مختصراً لتأريخ وأصول "الكوميديا الإيطالية".. فالكوميديا الإيطالية ليست إلا التعامل مع موضوعات درامية بمفردات ساخرة، مسلية، وبروح الدعابة؛ وهذا بالذات ما يميز الكوميديا الإيطالية عن أي نوع من الكوميديات الأخرى.
ويتوقف الناقد أمير العمري في كتابه (وودي آلن.. ضحك وفلسفة)، أمام فلسفة وودي آلن، وملامح مدرسته الخاصة في الكوميديا الأميركية، واختلافها عن غيرها، من خلال تناول أهم أفلامه التي تعبر عن هواجسه وأفكاره وتعكس رؤيته كأفضل ما يكون خلال مراحل مسيرته الجمالية، وتجسد أسلوبه الخاص ولغته السينمائية.
هذه السلسلة المعرفية التي أصدرها المهرجان، وانفرد قسم منها في الانسجام مع محور المهرجان هذه الدورة وهو (الكوميديا)، جاءت لتعبر عن الأهمية التي ينطوي عليها الكتاب، في دعم الثقافة البصرية، وخاصة لجيل شباب السينما والذي يهيمن على الجزء الأعظم من الأفلام المشاركة، من خلال الاطلاع على ثقافات وأساليب، ورؤى... ستهض بتجربتهم الى الأفضل. وتنمي وعيهم وذائقتهم السينمائية.