بغداد/ تميم الحسن
تبدو صافرة التنافس الانتخابي قد بدأت بالفعل خاصة داخل البيت السُني الذي سبق التحالف الشيعي بإعلان بداية الشوط. وسيحاول الفريقان مبكرا ضمان إحداث تغييرات في منصبي رئيسي البرلمان والحكومة كأحد ادوات التفوق لحسم الاشواط.
في الجانب الشيعي يستمر صراع الاجنحة داخل الإطار التنسيقي، بين العصائب ودولة القانون من جهة ومحمد السوداني رئيس الحكومة من جهة اخرى.
ويصل القلق في "الإطار" من تصاعد شعبية السوداني، بحسب مجسات التحالف الشيعي، الى ان يطلب منه عدم الترشح لولاية اخرى.
بالمقابل ان مكاتب حزبية تابعة لـ"الإطار" تتحدث عن تمدد لحزب السوداني "تيار الفراتين" في المحافظات وتهيئة مبكرة للانتخابات المحلية التي يفترض ان تجري قبل نهاية العام.
وظهرت ادوات التنافس الشيعي من خلال اصرار السوداني على اجراء تعديل وزاري وهو ما ينكره نوري المالكي زعيم دولة القانون، كما لم يصرح به اي زعيم شيعي حتى الان.
ويصف محما خليل النائب عن الحزب الديمقراطي الكلام عن تعديل وزاري مرتقب بانه "بدعة".
حزب خليل هو ضمن ما يعرف بـ"ائتلاف ادارة الدولة" الذي يضم كل القوى المهيمنة على البرلمان، يقول في مقابلة على قناة تابعة لزعيم العصائب قيس الخزعلي: "لا يوجد في برنامج السوداني تغيير الوزراء".
ويضيف: "هناك تغيير للمدراء العامين والوكلاء". وحتى التغييرات الاخيرة للمدراء (الوجبة الاولى) يبدو السوداني تعرض للضغط لإيقافها وهو ما دفع أحد مستشاريه لنفي ذلك.
كما تنظر القوى الشيعية بعين الريبة لنوايا رئيس الحكومة من وراء ارسال موازنة لأول مرة لـ3 سنوات قادمة خوفا من استخدامها انتخابيا.
بالمقابل فضحت بعض تصريحات نواب الخزعلي الخلاف بين الاخير والمالكي، حين أعلنوا قرب استجواب وزير النفط التابع لدولة القانون داخل البرلمان لـ"هدره المال العام".
وبحسب ما يتردد ان السوداني يحضّر للنزول منفردا في الانتخابات المحلية او متحالفا مع العصائب، مقابل قائمة منفردة للمالكي. وفي الملعب الاخر فان أشواط القوى السنية بدأت بتصويبات باتجاه مرمى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الذي يبدو انه يحضّر هو الاخر لهجوم مباغت.
مشعان الجبوري المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل قال قبل ايام إن خالد العبيدي النائب ووزير الدفاع السابق وسالم العيساوي النائب المنشق مؤخرا عن الحلبوسي قد يكون أحدهما بدل رئيس البرلمان.
الجبوري وفيما بدا وكأنه فضح خطة رفاقه في تحالف عزم المنافس للحلبوسي، قال في مقابلة مصورة: "يوم الجمعة المقبلة (غدا) سيكون هناك اجتماع جديد لتحالف السيادة بدون الحلبوسي".
و"السيادة" هو تحالف تشكل بعد الانتخابات الاخيرة وضم الحلبوسي وخميس الخنجر فيما انشق عنهم "عزم" بزعامة مثنى السامرائي.
وبحسب ما باح به مشعان ان الخنجر سيكون قد غادر الحلبوسي وينضم الى الفريق الاخر الذي سيمهد لتغيير رئيس البرلمان. ويقدم التحالف الجديد بحسب زعم الجبوري النائب المفصول من البرلمان، اغراءً للتحالف الشيعي ليكون بديلا عن الحلبوسي بانه "سيتفهم كل المطالب التي لا يستطيع الإطار التنسيقي تنفيذها حتى عودة نازحي جرف الصخر".
وكان أبرز خلاف تم الحديث عنه مؤخرا بين الحلبوسي و"الإطار" هو تهرب الاول من تنفيذ مايعرف بورقة المطالب السنية التي تشمل نازحي الجرف، والعفو العام ومطالب اخرى.
كما يزيل التحالف الجديد، بحسب ما قاله الجبوري، أكبر عقبة سياسية الان وهي تمرير الموازنة، حيث اتهم الاخير الحلبوسي بانه يضغط على الحكومة من خلال رفض تشريع الموازنة.
بدوره يرجح احسان الشمري الباحث ورئيس مركز التفكير السياسي قيام تحالفات جديدة في المرحلة المقبلة بسبب شدة التصادم بين الاحزاب.
الشمري في حديث لـ(المدى) قال ان "تركيز الإطار التنسيقي على ستراتيجية الضد النوعي (في اشارة الى عزم او التحالف الجديد المرتقب) يتيح له الضغط واللعب على ورقة سحب الثقة عن الحلبوسي".
ويضيف: "حينها سيكون الإطار الشيعي قد حقق اختراقا كبيرا جدا على مستوى القوى السنية بإعادة فرز اولا ومن ثم صياغة اتفاقيات قد لا تكون منظورة الان". بالمقابل ان تحالف عزم، بحسب الشمري، يبدو انه يتهيأ لأخذ استحقاقاته او "اثمان اصطفافه مع التحالف الشيعي". ويبدو ان الثمن الاكبر هو رئاسة البرلمان، حيث يقوم الحلبوسي من جانبه بما اعتبره مراقبون بانه "محاولة انقاذ" اخيرة عقب لقاء جرى مؤخرا مع السوداني بعد تسرب معلومات عن خلافات بين الطرفين دعت الى تدخل وساطات شيعية بين الاثنين.
ويقول إحسان الشمري تعليقا على الزيارة الاخيرة: "لا اعتقد ان رئيس الحكومة لديه القدرة او الثقل للتأثير على قرار الشيعة في بقاء او تغيير الحلبوسي".
ويشير الباحث الى ان اللقاء "يتعلق بتفاصيل الموازنة والاستحقاقات التنفيذية بسبب سلسلة التغييرات الاخيرة في المنصب لكن صاحب التأثير الاكبر في قضية الحلبوسي هو الإطار الشيعي".
اما الأكاديمي والباحث في الشأن السياسي زياد العرار فيقول انه "حسنا فعل الحلبوسي بلقائه السوداني لإيقاف الحملات ضدهم".
يؤكد العرار في حديث مع (المدى) وجود اختلافات بين الطرفين "لكنها لم تصل الى مرحلة الخلافات"، مبينا ان "هناك قراءة مختلفة للرجلين بشأن ورقة المطالب السنية".
ويشير الباحث الى ان كل مايجري بين القوى السياسية هو ما يزال تحت "بند الخلافات"، مؤكدا ان "التحالفات السنية الحالية او المستقبلية لن تتخلى عن تطبيق هذه الورقة لإنهاء مركبة العبور باتجاه جمهورها".
وعما يدور داخل البيت السني، يصف العرار ما يجري بانه "تنافس انتخابي محموم وقد بدأ مبكرا حتى ان بعض الاحزاب حسمت اسماء المرشحين لمجالس المحافظات المقبلة".
ولذلك يرى الباحث انه من الطبيعي ان ترافق هذا التنافس "حملات تسقيط ستتصاعد شيئا فشيئا ولن ينجو منها اي حزب او طرف سياسي".
ويقول العرار ان هناك عدة لاعبين في الجانب السني يتفاوضون فيما بينهم ويحاول كل طرف ان يجذب الشيعة الى جانبه. ويتحدث الباحث عن السيادة وتحالف عزم وعن لاعب جديد وهو ثابت العباسي وزير الدفاع، الذي يقول ان تأثيره قد يتعدى الموصل (مسقط رأسه) الى بغداد ومدن سنية اخرى.