علي حسين
في خطبة "ثورية" طالب رئيس حزب بابليون ريان الكلداني بأن تقام مناظرة بينه وبين رجل الدين الكاردينال لويس ساكو، ولأنني متضامن مع الأشقاء المسيحيين، فقد كتبت في هذا المكان عن ما تعرضوا له من تهجير وخطاب إقصائي تزعمه بعض شيوخ الفتاوى من عينة الشيخ مهدي الصميدعي الذي طالب المسلمين بعدم تهنئة المسيحيين العراقيين في أعيادهم، لأنّ هذا "حرام " .
بعد أيام سنجد بوادر الترجمة العملية لعبارة السيد ريان الكلداني، فقد قرر أن يخرج بتظاهرات تسخر من الكاردينال وتشتمه وتطالب بطرده، وتنصيب السيد ريان ولياً على أمور المسيحيين في العراق،وفي منظر معيب شنت مجموعة من رعايا ريان الكلداني هجوما بالالفاظ النابية والشتائم على مجموعة من الراهبات خرجن للتضامن مع الكاردينال. صحيح أن التظاهر حق مشروع لجميع العراقيين، غير أن الاستئساد على رهبان وراهبات يعد أمراً مخالفاً للقانون وإساءة لرمز ديني. للأسف ما جرى في ساحة التحرير يدل على أن البعض يريد لمنطق "الشقاوات" أن يسود في المجتمع العراقي، وأن يتم فرض الأمر الواقع على المكون المسيحي، وأن السيد ريان الكلداني مصمم على المضي قدماً في إهانة رجال الدين المسيحيين.
لم يثبت حتى الآن أن الكاردينال ساكو شكل تهديداً للأمن الوطني حتى تقرر كتلة بابيلون ومواقعهم الإلكترونية وفضائيتهم شن حملة افتراءات ضده، لكن المؤكد بالصورة والصوت أن الفاسدين الذين يتستر عليهم بعض المسؤولين أهلكوا البلد وشكلوا ويشكلون أخطر تهديد ضد الوطن والمواطنين، ففي ظل انهيار تام ضد فايروس الفساد، وصل الحال بنا إلى أن نصبح في طليعة البلاد الأكثر نهباً للمال العام، إلى الحد الذي يعجز معه المرء عن تقديم بيان حقيقي وواقعي بحجم الأموال التي نهبت من خزينة الدولة خلال السنوات القليلة الماضية.
إن ما يجري من استباحة لسمعة الكاردينال ساكو واسترخاص حياة مجموعة كبيرة من المسيحيين وامتهان حقوقهم، ليس له تعريف سوى أنه محاولة لفرض الأمر الواقع بقوة السلاح والمال، ونشر خطب التضليل والتزييف وقلب الحقائق، لينعم البعض بما حققه من مكاسب مالية واستثمارات، في الوقت الذي لم تتوقف فيه هجرة المسيحيين عن ديارهم.
هل حضرتك عزيزي المتفرج متفاجئ مما يعرض أمامك؟ هل السيد ريان الكلداني وهو يصارع الكاردينال لويس ساكو على كرسي الكنيسة، كان يعرف جيداً أن ما يقوله امر خارج حدود القانون ؟.
للأسف هناك من يعتقد أن الظهور الإعلامي، يكفي لكي يحول أي شخص إلى سياسي، وهذا ما وقع به الكثير من الذين تصوروا أن الفشل في الحياة يمكن أن يفتح لهم أبواباً في مجالات أخرى ولتكن السياسة. .انها ليست محنة الكاردينال ساكو .. انها محنة وطن بأكمله .