حسب الله يحيى
تحية طبية..
عزّ عليّ الصمت، مثلما عزّ عليّ تجاوز ثقل الكلام الذي زاحم انفاسي.. عليه، ألتمس من جنابكم الكريم اعطائي فرصة البوح الصادق.. ما دمنا (ننعم) بديمقراطية الفم المفتوح.ولأن هذا الفم ما خلق إلا للبوح، وجدتني اتكلم واكتب إليكم.
أنا اعرف وقرائي يعرفون كذلك، وبكل تأكيد انكم مصدر هذه المعرفة، ذلك ان مهمة مجلس النواب، مهمة تتعلق بسن القوانين، ومن يسن قانوناً، او يرسخ عرفاً و.. حتى في حال يعطي رأياً، فأن مهمته الاساس، تكمن في تنفيذ ما سنه ورسخه وقال فيه رأياً، حتى ما وعد به.. وعداً، لابد ان يلتزم به.
أليس كذلك؟
القانون.. سيد النظم والاعراف، انه اللبنة الاولى الاساسية لبناء أركان الدولة العادلة.
وما دمنا نحتكم الى القوانين، فكل خطواتنا واختلافاتنا على القوانين، وهذا يلزمنا ان نحترم ما يقر ويرسخ ويصبح نافذ المفعول من القوانين.
القوانين تحترم.. لانها تعني المساواة واللاتمييز واللاتفريق بين الناس، مهما كانت مقاماتهم واعرافهم والوانهم وطوائفهم ومناطقهم وعشائرهم.. و.. أنتم القدوة الحسنة في تنفيذ القوانين بوصفكم مجلساً، ما كان ليجتمع إلا لسن القوانين ومراقبة من يخالفها..
أليس كذلك؟
ونحن واياكم نتفق على القوانين.. بوصفها حضارة ووعي وحقوق و.. جمال كذلك. من هنا.. نستاء عندما تشق سيارة او دراجة شرطي المرور، بطريقة مخالفة لخط السير بوصفه هو بالذات من يتولى تنفيذ ما يصدر من قوانين وأوامر وتعليمات بهذا الجهاز المسؤول عن أمن وسلامة الناس.. عن طريق الالتزام بقوانين المرور المرسومة بشكل فعال ودقيق.
فلماذا لا نستاء عندما لا يكون شرطي المرور عادلاً مع نفسه أولاً ومع ان الناس ثانياً؟
ولماذا نسكت عن مخالفات شرطي المرور، ونغفر له ونسامحه وهو المعني بمرور الناس والاليات معاً؟
إذن.. شرطي المرور، شرطي مهمته ووظيفته ووجوده الاساسي في الشارع، قائم على تنفيذ القوانين..
إذن.. لماذا نؤاخذه، ونحاسبه ونحاكمه وندينه.. ان هو تعامل مع الناس بالعدل والاستقامة ومن دون تمييز ولا تفريق؟
وعضو مجلس النواب، مواطن شأنه شأن اي مواطن آخر، والقانون لا يميزه ولا يضعه في خانة (الحصانة) عندما يخالف القانون.
الحصانة.. لا تقر ابداً امتياز مواطن عن آخر، وبالعكس ان النائب مواطن لا يناط به اصدار القوانين من دون العمل بموجبها.. وإلا سادت الفوضى، وترسخت المحسوبية، وصار النائب مواطناً أول، فيما كل الشعب أصبحوا مواطنون من الدرجة الثانية..
النائب.. ممثل الشعب ومنتخب من قبل الشعب ـ إذا سلمنا بسلامة الانتخابات ـ وما دام (ممثلاً) و (منتخباً) فأن هذا يعني انه (مقبول) من قبل الناس.. فلماذا لا يكون مثلهم ولا يميز نفسه عنهم، ولماذا لا يكون بينهم ويراعي حقوقهم ويراقب بدوره شرطي المرور إن هو تعامل معه بامتياز وليس اسوة بغيره من المواطنين؟
كيف يرضى نائب محترم لنفسه ان يكون طائراً غريباً بين الناس.. له السيادة والحصانة والامتياز والمكانة المستثناة عن كل القوانين والاعراف والتقاليد؟
أهذا مسار دولة تتعامل بـ (الحصانة)؟
لكل مواطن الحق بالحصانة.. ألا يظلم ولا تسلب حقوقه ولا تهان كرامته ولا يهدر دمه ولا يسلب ماله وعرضه وسكنه.. والاهم من ذلك ان لا تهان انسانيته..
أليس كذلك؟
الحصانة.. ليست ملك يمين النائب او الوزير او (اصحاب الدرجات الخاصة) فكلنا مواطنون.. وكلنا أمام القوانين سواء، وما يسري عليّ كمواطن، يسري عليكم بوصفكم (مواطناً)، له حقوقه وعليه واجباته.. فلماذا يراد من شرطي المرور ان يؤدي التحية لمن يخالف القوانين.. لمجرد انه مواطن وموظف وظيفته (عضو في مجلس النواب)؟
الحصانة ـ كما هو مفهوم ـ لا تقر أبداً التجاوز على حقوق الاخرين، سواء كان الامر يتعلق في السير في الشارع خلافاً للمألوف والمقبول، أو سلب حقوق الناس في كل الميادين.
لست معلماً ولا مرشداً ولا موجهاً ولا ألزم الاخرين برأي قد لا يستقبل الاستقبال الحسن.. فأنتم من يعلم ويرشد ويوجه ويلزم الناس بالتوجيهات، بوصفكم من يسن القوانين لكي تكون عدلاً وانصافاً ونظاماً يجمع عليه كل الناس.
من هنا.. أرجو مخلصاً ان لا تعد رسالتي هذه رسالة (مسيسة) تقف الى جانب السيد وزير الداخلية، ولا مدير عام المرور، ولا عمليات بغداد، ولا شرطي المرور.. وإنما هي رسالة مواطن يعرف حقه وحق سواه من خلق الله، ويسعى جاهداً ان تكون قوانين العدل هي الاساس الذي يعلي مكانة الدولة ومكانتي بوصفي مواطناً صالحاً.
ختاماً تقبلوا وافر الاحترام.










