بغداد/ تميم الحسن
تجري محاولات في داخل القوى الشيعية للتلميح بان ما يعرف بـ"اصحاب القضية" مدفوعين من مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، الذي أعلن سابقا براءته من تلك المجموعة التي تدعي ان الاخير هو الامام المهدي.
وترى بعض الاطراف الشيعية ان الصدر هو المستفيد من اثارة هذا الموضوع لإيجاد مبرر للخروج من حالة العزلة السياسية التي "تورط بها" العام الماضي، ورفضها مقربون منه ما دفعه بالنهاية الى تبني خطة لترميم انصاره عبر ما عرف بوثيقة "تعهد الدم".
لكن هذه الاتهامات ترفضها اوساط الصدر التي تؤكد بان هذه المجموعة "منحرفة عقائديا" وهي ذراع لتيارات سياسية معارضة للتيار تتحرك في هذا التوقيت بسبب اقتراب الانتخابات المحلية التي قد تشهد عودة الصدر مرة اخرى الى النشاط السياسي.
كما يرى بالمقابل مراقبون ان "اصحاب القضية" هو فريق يشكل خطراً على الصدر ليس سياسيا فقط، وانما قد تقوم هذه المجموعة بـ"تصفيته"، خصوصا وان هناك مشاريع من خصوم زعيم التيار تتبنى خطة ازاحة الصدر الى الابد.
وكانت هذه المجموعة قد صعدت من خطابها بعد اسبوع من الغاء الصدر حدثاً دينيا بسبب غضبه من "اصحاب القضية".
ودعت "اصحاب القضية" في مقطع فيديو جديد الى مبايعة الصدر أمام منزله، والثانية هي "الانقلاب على دولة بني العباس في بغداد"، بحسب ما قالت.
وتقول مصادر سياسية ان "تيارات شيعية تفترض ان اصحاب القضية هم مدفوعين من زعيم التيار الصدري للعودة الى النشاط السياسي مرة اخرى".
وتشير المصادر الى ان "الصدر قد يكون المستفيد من ظهور هذه المجموعة للترويج له وتكون ذريعة للدخول في الانتخابات المقبلة لمنع هذه الجهات".
وتتحدث هذه المصادر عن ارباك حدث داخل صفوف التيار بعد انسحاب الصدر من العملية السياسية والطلب من نوابه الـ72 نائبا الاستقالة من البرلمان في الصيف الماضي.
وتعتقد المصادر ان "الصدر بعد تورطه بالانسحاب قد يستخدم اصحاب القضية لإعادة ثقة انصاره به خصوصا وأنها تزامنت مع اطلاقه وثيقة التعهد بالدم" التي اعتبرت بمثابة احصاء للموالين الى التيار.
وكان الصدر قد اعتزل الحياة السياسية عقب اشتباكات المنطقة الخضراء في آب من العام الماضي، وأغلق قبل نحو شهر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تفاعل أحداث "اصحاب القضية".
ولا تستبعد المصادر ان ترويج بعض الاطراف الشيعية لعلاقة زعيم التيار الصدري مع هذه المجموعة قد "يكون مقصوداً للتأثير على شعبية التيار".
وفي تسجيل الفيديو الاخير لـ اصحاب القضية" ظهر ثلاثة ملثمين يحملون راية كتب عليها "نبايع الإمام المصلح الموعود مقتدى مهدي الأمم عليه السلام".
وقام أحد الثلاثة بقراءة بيان موجه لـ"أصحاب القضية" قال فيه: ستكون هناك خطوتان نصرة للمصلح الأمين، الخطوة الأولى: يجب أن نكون يداً واحدةً ونقف على دار المصلح الأمين (ويقصد مقتدى الصدر) ونبايعه ونهتف باسمه (يا مهدي الأمم جئناك لنبايعك بأرواحنا وأجسادنا وأموالنا وأهلنا وبكل شيء ونطالب بكسر عزلته والرجوع إلينا لقيم دولته وهي دولة العهد الإلهي)".
وأضاف المتحدث في المقطع القصير الذي بث على منصات الكترونية بالقول: "اما الخطوة الثانية وبعد مبايعة المصلح الأمين سنتجه إلى عاصمة الفساد والمفسدين بغداد للانقلاب على دولة بني العباس التي يترأسها الطاغية محمد شياع السوداني سفياني العصر، ونزيح دولة الفساد والإفساد، ونرجعها إلى صاحب الحق، وهو المصلح الأمين"، متابعا "ولا تكون دولة ولا قيادة إلا بيد المصلح الأمين".
ويسود غموض حول هذه المجموعة التي لم يظهر منها اي شخص بشكل علني دون غطاء للوجه، فيما لا يعرف حتى الان مصير الـ65 شخصا من أنصار "اصحاب القضية" التي أعلن القضاء قبل شهر توقيفهم.
وتقول اوساط مقربة من الصدر في الحنانة حيث مقر الاخير بالنجف في حديث مع (المدى) ان "اصرار هذه المجموعة على مبايعة الصدر رغم تحذيره لهم أكثر من مرة هو بسبب للتشويش على التيار في حال قرر دخول الانتخابات المحلية".
وسبق ان رجح مقربون من الصدر ان "اصحاب القضية" مدفوعين من أطراف سياسية شيعية وبدعم من إيران للتحول فيما بعد الى "فصيل مسلح او كتلة سياسية" كما جرى مع أطراف كانت قد انشقت قبل سنوات عن الصدر، كما لم يستبعدوا ان يستخدموا العنف.
وبحسب حيدر جليل الجابري مدير المكتب الخاص للصدر، فإن ما يعرف باسم اصحاب القضية، الذين كانوا سببا بتفجير غضب زعيم الحنانة، "هم طلاب ضالين في الحوزة".
وقال الجابري في تغريدة سابقة ان: "هدفهم تشويه سمعة الخط الصدري والنيل منه واظهاره بانه فاسد عقائديا، اضافة الى اشعال نار الفتنة والخلاف الداخلي بين ابناء التيار الصدري واشغاله بمشاكل جانبية لغرض تفتيته واضعافه".
وكان الصدر قد منع "اصحاب القضية" من حضور فعاليات التيار الدينية، قبل ان يغلق بعض المؤسسات التابعة له ويلغي حدثا سنويا لذكرى اغتيال والده محمد صادق الصدر.
ووفق بعض المعلومات ان هناك نحو 8 حركات كانت محسوبة على الجماعات التي تسمى بـ "المهدوية"، ظهرت عقب اغتيال والد مقتدى الصدر في عام 1999، من ضمنها "الصرخية" و"جند السماء" التي اشتهرت في حادثة الزركة في النجف في عام 2007.
و"اصحاب القضية" التي تنشط الان كانت تضم حركتين، الاولى اسمها "حركة روح الله" وتعتبر أن روح الله الخميني (المرشد السابق للثورة الايرانية) هو المهدي، وأنه لم يمت بل غاب وسيظهر، والثانية "حركة النبأ العظيم" والتي تعتبر أن مقتدى الصدر هو المهدي.
الى ذلك يعتبر محمد نعناع الباحث والمراقب للشأن السياسي ان "اصحاب القضية" هي مشروع سياسي ضد زعيم التيار الصدري "ولا يمكن إطلاق عليهم وصف مجموعة عقائدية".
ويشير نعناع في حديث مع (المدى) الى ان هذه المجموعة تعارض المذهب الشيعي الاثني عشري في قضية المهدي لسبين: "الاول السرية حيث تحرم الروايات والفتاوى حد اهدار الدم، من يبيح سر الامام المهدي او التحدث عن شخصيته ومكانه والا يعتبر مفسدا في الارض".
والامر الثاني هو ان "الامام المهدي كامل وزعيم التيار الصدري انسان ولديه اخطاء في مجال السياسة والاجتهاد، لذلك كل هذه المؤشرات تدل على ان المجموعة هي سياسية مدفوعة من خصوم الصدر".
ويعتقد الباحث في الشأن السياسي ان المعارضين لزعيم التيار الصدري رغم انسحابه وسكوته وحتى وان لم يشترك في الانتخابات المقبلة، "الا انه يشكل خطرا على الاحزاب الشيعية التي تعتقد بانه سيعود باي وقت".
وتابع: "مثلما عاد الصدر بعد ان أنهى حلم المالكي بالولاية الثالثة بعد 2014 قد يعود الان إذا تهيأت له الظروف لذلك يذكون (خصومه) حركة اصحاب القضية التي تتسرب معلومات عن انهم في النهاية قد يقومون بتصفية زعيم التيار الصدري إذا بقي مصراً على موقفه من رفض هذه الجماعة".
ويتحدث نعناع عن ان بعض التيارات الشيعية ترى ان خطر الصدر لن ينتهي "الا بالقضاء عليه نهائيا وقتله"، مبينا ان "الوقت الحالي قد يكون مناسبا لإثارة الفوضى والتخلص من زعيم التيار الصدري الى الابد".