TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كاتب بطران

العمود الثامن: كاتب بطران

نشر في: 28 مايو, 2023: 11:52 م

 علي حسين

عندما تجد كاتباً "بطراناً" مثل جنابي يتحدث عن بلدان العالم التي تسود فيها قيم القانون والتنمية والازدهار، فعليك أن تتيقّن أنه محتار ماذا يكتب وهو يتفرّج على قوة المؤسسات الأمنية لبلاد الرافدين في فرض شعارها "السلاح بيد الدولة"، والذي أصبح أقصى ما تتمناه الرئاسات الثلاث، وأقصى ما نُفرح به هذا الشعب الذي يراد منه يومياً أن يبقى ساهراً ليعرف نتيجة مباريات دوري "السلاح بيد الدولة".

منذ سنوات وبدافع الحسد فقط لاغير، أتابع أخبار سنغافورة وماليزيا وفيتنام ورواندا، وفي كل مرة أسأل نفسي: كيف استطاعت هذه البلدان أن تحقق الرفاهية لشعوبها؟، وأن تجعل المواطن يعرف جيداً أن هناك مؤسسات مهمتها تقديم أقصى الخدمات له؟، وكنت أعجب كلما أسمع من أحد أن بلاداً مثل تايلند، تحولت من العوز إلى واحدة من أسرع اقتصاديات آسيا نمواً.. فعلى الرغم من أن هذه البلاد تفتقر إلى الموارد الطبيعية، إلا أن دخل الفرد فيها يدخل كل عام في منافسة على المراكز الأولى مع سنغافورة وبروناي وماليزيا .

استطاعت تايلند أن تفعل في نصف قرن، ما عجزت عن فعله أنظمة ثورية ترفع شعار نموت نموت ويحيا القائد، فقد عملت على اجتذاب رؤوس الأموال من كل بقاع الأرض وشجعت على الزراعة والصناعة، وأصبحت السياحة فيها في المراكز الأولى عالمياً، ولا أريد أن أخبركم أن تايلند يدخلها سنوياً أكثر من 40 مليون سائح، وقبل أعوام حصلت العاصمة بانكوك على لقب المدينة الأكثر استقبالاً للسياح، تلتها باريس ولندن، ورغم كل هذا فأن تايلند خرجت منذ أشهر في احتجاجات ضخمة تطالب بتشكيل حكومة جديدة، ودستور جديد، وإصلاح النظام الملكي، الذي يرون أنه سبب المشكلات السياسية في البلاد.

وربما يجد البعض في حديثي عن تظاهرات تايلند نوعاً من البطر، لأنه في هذه البلاد أصرت أحزاب السلطة على أن تؤكد للعالم بأن الذي سرق البلاد وخربها وأشاع الطائفية والمحاصصة وباع المناصب إنما هم الشباب الذين تظاهروا في ساحات الوطن ضد الفساد والانتهازية.

سيقول قارئ عزيز؛ يارجل لماذا لا تريد أن تدرك أن مسؤولينا الأفاضل أبدلوا ملفات مهمة مثل الخدمات والتنمية والصحة والتعليم والبطالة والسكن بملف واحد هو "الصراع على السلطة ومنافعها"؟، ففي كل يوم يصحو العراقيون على سؤال جديد هل الحديث اليومي عن الدستور يمكن أن يعوضهم، سنوات من التخبط والارتجالية والمحسوبية والانتهازية التي مارسها العديد من السياسيين، فبدلاً من أن يكون سعي الساسة إلى يكون العراق تاريخاً من الاستقرار والازدهار، تحول على أيديهم إلى سلسلة طويلة من التجارب الفاشلة في الحكم، مرة في الحديث عن أخطاء الدستور، ومرات عدة في السعي إلى إقصاء الآخرين بكل الوسائل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram