ترجمة:عدوية الهلالي

هل يمكن لزواج شبه كامل أن يصمد أمام اختبار الزمن وتأثيرالأسرة والتقاليد؟ حول هذا السؤال تم بناء أحداث رواية الطاهر بن جلون الجديدة " عشاق كازابلانكا" التي صدرت خلال الشهر الفائت في الرباط.

وقال الروائي والشاعر الفرنسي المغربي بن جلون خلال ندوة نظمها نادي الكتاب لو ماتان، إنه أراد من خلال قصة نبيل ولمياء، الزوجين البرجوازيين، اللذين كان زواجهما على وشك الانهيار، أن ينتقد " التأثير الهائل "للعائلة والمظاهر الاجتماعية التي تحكم بالفشل على العديد من العلاقات التي سيكون لديها مع ذلك كل شيء لتحقيق النجاح.

ويصف كتاب (عشاق كازابلانكا)الصادر عن دار غاليمار للنشر كيف ينتهي الأمر بالزواج الى الروتين وخيبة الأمل، إلى جانب التدخل الأسري، مايدمر علاقة لمياء، الصيدلانية اللامعة والطموحة، ونبيل، وهو رجل إنساني وطبيب ملتزم.، يحب زوجته كثيرًا، ومولع أيضًا بالأدب والسينما، وهما شغفان يحاولان نقلهما إلى زوجته. بينما يجب أن يقال إنها على العكس من ذلك فهي امرأة مغربية متحررة نشأت في شرنقة مريحة، وهي صيدلانية ورائدة أعمال وتدير مصنعًا للأدوية، ولديهما معًا طفلان.

لقد شعرت لمياء بخيبة أمل لرؤية زوجها يعتني بمرضاه المحرومين أكثر من اهتمامه بشريكة حياته،وتعيش الزوجة المحبطة في صمت وجفاف يقودها إلى طريق الخيانة الشائك.وهنا يترك الطاهر بن جلون الأمر لقلمه الماهروخبرته كطبيب نفساني لوصف الحالة المزاجية للمياء ونبيل بكل تناقضاتها وتعقيدها، مع الحرص على عدم الانحياز لأحد الطرفين.

كان لمياء ونبيل شابين عاشقين وكانت الحياة سهلة، وبعد زواجهما ساد الصفاء والهدوء حياتهما واستمرت متانة علاقتهما لاكثر من عشر سنوات حتى اليوم الذي وقعت فيه في حب دانيال، وهو رجل ذو سمعة متوهجة. وبعد ستة أشهر من العلاقة، طلبت الطلاق من نبيل.. أي مستقبل ينتظر امرأة طموحة في عالم ابوي حيث تنال المرأة الحرية بثمن باهظ وتعيش "بين عالمين".؟

ومابين اللوحات الاجتماعية الجامدة والرواية النفسية، تستكشف رواية (عشاق كازابلانكا)، وهي قصة حب رائعة، المغامرة الكبرى للزواج، وتذبذبات الرغبة، والعلاقة مع الدين، وقدرة البشر على احتضان تناقضاتهم.

ويقول الكاتب رداًعلى سؤال حول موقف " الحياد" الذي تبناه طوال القصة: "أنا روائي ولست قاضٍ. الروائي مراقب وشاهد في نفس الوقت"..ويستخدم بن جلون مدينة كازابلانكا (الدار البيضاء) التي تضم آلاف الوجوه والهويات، بمثابة خلفية لهذه القصة التي تتحدث عن كارثة زوجين شابين يبدوان وكأنهما نموذجيان لكنهما مبتليان من الداخل بتناقضاتهما وموانعهما التي، بحسب المؤلف،يمر بها العديد من الأزواج المعاصرين الممزقين بين الحداثة والتقاليد.

يقول بن جلون: "إنها قصة حب، وفي أي قصة حب، هناك خيانة تأتي من حيث تتوقعها.وفوق كل شيء،أردت في الرواية أن أشيد بالمرأة المغربية العصرية الجديدة التي تقاتل وتتولى السلطة وتقدم الانجازات فمن الواضح أن القوة الاقتصادية تساعد كثيرًا،وهناك رغبة في أن تعيش المرأة حياتها كما تريد، بما في ذلك في الخيانة ".

أخيرًا فإن هذه الرواية هي أيضًا رحلة جميلة جدًا إلى المغرب حيث ننتقل من الدار البيضاء "المتجددة" إلى "فاس" التقليدية، مرورا بطنجة "الرومانسية"وكل هذه المدن يصفها الطاهر بن جلون بشكل جيد.وقد أوضح طاهر بن جلون، في تصريح تلفزيوني قائلا أن "الدار البيضاء تلعب دورًا مهمًا جدًا في الرواية لأنها الرئة وقلب الوطن ومكان للمال، والسلطة، ولكن أيضا للفقر والتناقضات ". ويقول الكاتب إنه استغل هذه القضية لتصوير كل تناقضات مجتمعنا التي لها قدم في الحداثة وأخرى في التقاليد"،مضيفًا أنها "قصة خيالية تضم شخصيات من الحياة اليومية وقصة حبهم التي من خلالها اتحدث عن المغرب اليوم ".

وفي هذه الرواية الجديدة، اختار الطاهر بن جلون استخدام موسيقى الجاز التي يحبها بها ويقول عنها: " هذه هي الموسيقى التي أستمع إليها طوال الوقت، والتي ترشدني، لأنه في موسيقى الجاز، هناك ارتجال، وأنا، في الصباح، عندما أبدأ في الكتابة، لا أعرف ما سأكتبه".

لقد ألف الروائي والشاعر والرسام وعضو أكاديمية غونكور والحائز على جائزة غونكور عام 1987 عن رواية "الليلة المقدسة" طاهر بن جلون العديد من الروايات التي نشرتها دار غاليمار،بما في ذلك "العسل والمرارة "، "العقوبة"، أو حتى "زواج المتعة".وتحظى الأعمال الأدبية والفنية لمواطن مدينة فاس المولود عام 1944 بالتقدير في جميع أنحاء العالم، كما اشتهر طاهر بن جلون بروايته الحائزة على جائزة جونكور "الليلة المقدسة " والعديد من المقالات التربوية، بما في ذلك "العنصرية كما شرحتها لابنتي"، المترجمة إلى أكثر من 25 لغة، وآخر كتاب له "العسل والمرارة"الصادر عام 2021عن دارنشر لاناف دي تيسيو.