نينوى/ سيف الدين العبيدي
ليلة العاشر من حزيران في عام 2014، كانت أسوأ ليلة تمر على تاريخ الموصل خلال العصر الحديث، ليلة لم ينم فيها اهالي ام الربيعين في وقتها وهم يتابعون الاحداث لحظة بلحظة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية مع تقدم عناصر داعش الإرهابي في شوارع المدينة.
نكبة الموصل التي تعد هي الاكبر في تاريخ العراق الحديث، ادخلت البلاد في أزمات اجتماعية واقتصادية وسياسية وعادت بالمدينة سنوات طويلة إلى الوراء وكتبت قصصا وحكايات سجلت في صفحات سوداء، الليلة التي ولدت تهجيرا لكافة المكونات في نينوى وراح بسببها 40 ألف شهيد خلال الأعوام مابين 2014 و2017، دمرت فيها اغلب آثار المدينة ومعالمها منها جامعي النوري الكبير والنبي يونس ومنارة الحدباء والكنائس ايضا ابرزها كنيستي الساعة والطاهرة وآثار مملكة الحضر ومتحف الموصل الحضاري وغيرها من معالم المدينة.
ابناء ام الربيعين عبروا عن شعورهم وذكرياتهم مع ذلك اليوم، اولهم محمد المولى تكلم لـ(المدى) عن ما حصل معه في تلك الليلة بقوله "كنت في ذلك الوقت طالباً في المرحلة الثانية قسم التاريخ بجامعة الموصل وكنا في طور الامتحانات النهائية، كنت اتابع الاحداث عبر القنوات الموجهة او المحليتين اللتين بقيتا تبثان الاحداث إلى غاية الساعة الحادية عشرة ليلاً حيث انقطع إرسال القناتين فعلمت ان شيئاً كبيراً يحدث في شوارع المدينة".
وأشار المولى، إلى أن "ساعات الليل مرت سريعة إلى ان دقت الساعة السادسة صباحاً وام الربيعين خارج سيطرة القوات الامنية، كانت صدمة كبيرة لم انسها إلى اليوم".
من جانبها، وصفت الإعلامية آلاء الصوفي في حديث مع (المدى) تلك الاحداث بأنها "فاقت العقل من ظلم واستبداد، واختفت فيها النظرة إلى المستقبل وغادرت معها الكثير من الطموحات التي رسمت وأصبحنا في مصير مجهول".
وتابعت الصوفي، ان "الناس كانت تظن ان تلك الاحداث ستمضي خلال ساعات او ايام قليلة الا انها اصبحت حياة استمرت لثلاث سنوات.. فترة مظلمة جداً".
واستدركت الصوفي، "بفضل الله عز وجل والاجهزة الأمنية بشتى صنوفها وتضحياتهم غادرناها، وجهود ابناء ام الربيعين التي مازالت تتظافر على ارض الواقع للعبور ونسيان تلك الحقبة والوصول إلى مرحلة ربما ستكون مرضية للموصليين".
محمود السليفاني يستذكر ذلك اليوم بكلمات عبر بها عن حرقة قلبه بقوله "قبل تسع سنوات غادرت المدينة التي ترعرعت فيها ومن دون وداع ومجبرا على ذلك والدموع في عيني بسبب دخول تنظيم داعش الارهابي الى محافظة نينوى الذي دمر كل شيء".
ويكمل السليفاني بقوله إن هذا اليوم يعتبر هو الاسود في تاريخ وحياة اهل الموصل قضى بسببه ثلاث سنوات وستة أشهر بالنزوح في مدينة دهوك مع عائلته إلى ان عاد اليها مع بداية عام 2018.
فيما تتذكر الناشطة زينة العبادي تلك الأيام التي كانت تخوض فيها امتحانات السادس الإعدادي وهي في عمر الـ18 عاما، آنذاك، وقبل ساعات من سيطرة التنظيم على الجانب الايمن بالكامل نزحت إلى الجانب الايسر مع اهلها بعد ان نادت الجوامع مطالبة السكان بالهروب إلى مناطق الايسر الذي كان أقل خطورة على الاهالي، إلى جانب حظر التجوال الذي فرض منذ بداية ايام المعركة.
تقول العبادي انها نزحت بعد ذلك إلى مدينة اربيل ومن ثم إلى تركيا، إلى ان عادت إلى الموصل بعد عام من التحرير، ورأت منزلها الذي كان قد أصبح ركاماً، إلى ان اعادوا بناءه من جديد.
اما اياد الراوي، وهو كاتب، فقد وصف هذه الذكرى قائلاً "لم يعلم الموصليون وهم يسمعون اصوات المدافع تدك، والرصاص يتهاوى من على الضفة اليمنى من نهر دجلة، في مشهد كان يؤثث للموت القادم الذي اجتاح مدينتي الجميلة، هذه الذكرى قتل فيها الشباب وسبيت النساء وسممت افكار الأطفال، شردت العوائل، فككت النسيج المجتمعي، روعت الكبار، فجرت الآثار، وهدمت الرموز الموصلية".