بغداد/ تميم الحسن
حرص رئيس الوزراء محمد السوداني في الذكرى السنوية لتأسيس الحشد، على التأكيد بان الاخير يخضع لأوامره وكذلك قال فالح الفياض رئيس الهيئة، ان الحشد «ليس له رأي سياسي».
وتبدو هذه الرسائل، وفق مصادر سياسية، موجهة الى الولايات المتحدة التي تتردد بدعم الحكومة بسبب شكوك بتغلغل الحشد داخل منظومة الحكم.
وفي نفس السياق يأتي الحديث عن الغاء الاستعراضات العسكرية السنوية بذكرى تأسيس الحشد والاكتفاء بـ»القاعات المغلقة» لعدم استفزاز واشنطن.
وهذه المرة الاولى منذ تشكيل الحشد قبل 9 سنوات التي يتم فيها تنظيم احتفالات محدودة وعدم عرض الحشد – كما كان يفعل كل عام- أحدث ترسانته العسكرية.
وتستغرب الاوساط السياسية وحتى تلك القريبة من الحشد الغاء الاستعراض هذا العام رغم ان الإطار التنسيقي الذي يضم اغلب الفصائل هو من يقود الحكومة.
وبحسب ما يتداول في مكاتب الاحزاب ان “الإطار” ترك ملف تنظيم علاقة بغداد مع واشنطن الى رئيس الوزراء.
وترى تلك المكاتب ان تخفيف التوتر مع الولايات المتحدة هو رؤية السوداني التي قد تكون وراء عدم تنظيم احتفال كبير كما جرت العادة كل عام.
وخلال احتفال بالذكرى التاسعة لتأسيس الحشد داخل احدى القاعات الحكومية في بغداد قال السوداني إن “الحشد الشعبي يخضع لإشراف القائد العام للقوات المسلحة”.
واضاف السوداني ان حكومته تعمل: “على إنشاء معسكرات ومقارّ وقواعد خاصة بالحشدِ الشعبي خارج المدن”.
وفي نفس الاحتفالية قال فالح الفياض إن “الحشد الشعبي هو مؤسسة عسكرية وله ميزة عقائدية”، مشيرا الى أن “الحشد الشعبي ليس له رأي سياسي”.
وكان “الإطار” لا يأبه بتقديم رسائل الى واشنطن بشأن الحشد، على الاقل في العامين الاخيرين من فترة حكم مصطفى الكاظمي الذي كان يتهمه التحالف الشيعي بانه يعمل لصالح امريكا.
وخلال تلك الفترة نظم “الحشد” أكبر استعراضين للفصائل في معسكر أشرف في ديالى، وعرض طائرات مسيرة واسلحة حديثة.
وكان التحالف الشيعي قد برر لقاءات محمد السوداني رئيس الحكومة مع السفيرة الامريكية في بغداد ومواقفه التي تبدو قريبة من واشنطن بانها “براغماتية حكومية” ولا تمس فكرة “استمرار المقاومة”.
وأدرك “الإطار” بعد استلامه الحكم العام الماضي، بان عليه التفاهم مع واشنطن وان استفزازها سيكلفه الكثير مثل قضية تحويلات الدولار التي كادت ان تعصف بالحكومة.
وتحدثت أطراف من التحالف الشيعي خلال تلك الازمة عن ان الولايات المتحدة لن تتعامل مع حكومة تضم جهات مسلحة.
وقالت ألينا رومانوسكي السفيرة الأميركية في بغداد في وقت سابق، إن الشعب العراقي لا يريد دولة تسيطر عليها “ميليشيات”.
واضافت حينها في مقابلة مع قناة عربية أنه “عندما أخرج وأتحدث إلى العراقيين، يتبين لي بوضوح شديد أنهم لا يريدون دولة تسيطر عليها الميليشيات، بل يريدون نزع السلاح من أيدي الميليشيات وإعادتها للدولة”.
وأكدت أن استقرار العراق سيفيد حتما الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، مشيرة الى أنه لا يمكن جلب الأعمال والانخراط على نطاق أوسع إذا لم يكن هناك استقرار وأمن في العراق.
من جهته يعتقد عصام حسين الباحث والمراقب للشأن السياسي، ان الغاء الاحتفالية وتصريحات المسؤولين بهذا الشان “تبدو وكأن هناك اتفاق مع الولايات المتحدة على تخفيف التوتر”.
واضاف في حديث مع (المدى): “هناك تقارير غربية تحدثت مؤخرا عن تغلغل الحشد في مفاصل الدولة وهو خلاف ما يريده التحالف الشيعي بالتهدئة مع واشنطن”.
ويرى حسين ان “أطرافا في الإطار التنسيقي مستعدة للتنازل مقابل البقاء في السلطة”.
وكان مدونون مقربون من الحشد تساءلوا قبل ايام عن اسباب الغاء الاستعراض العسكري السنوي، وطالبوا زعماء الفصائل بالتوضيح لو كانت وراءه اسباب مالية او سياسية؟!
وزعمت تقارير غربية وجود صراع داخل هيئة الحشد التي يقودها الفياض وتدافع بسبب مشاريع شركة المهندس التابعة للحشد والتي انشئت مؤخرا.
ويتحدث عصام حسين عن رغبة قيس الخزعلي (زعيم العصائب) بالحصول على منصب رفيع داخل الهيئة او استبدال الفياض.
ويقول في هذا الصدد ان الخزعلي قدم قبل فترة شقيقه ليث الخزعلي لحجز منصب رفيع في هيئة الحشد، بعد ان اتم الاخير دورة اركان.
ويشير حسين الى ان “التدافع داخل الحشد اضطر الفياض قبل فترة ان يقدم عبد الامير يارالله، رئيس اركان الجيش، والذي تربطه علاقة قرابة مع الاخير، بدلا عنه لكن السوداني رفض”.
ويتحدث الباحث في الشأن السياسي عن “الصراعات في الهيئة بين فريق ابو فدك (وهو عبد العزيز المحمداوي رئيس اركان الحشد) والقريب من السوداني والفياض”.