اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: إحياء موسيقى باخ

موسيقى الاحد: إحياء موسيقى باخ

نشر في: 17 يونيو, 2023: 10:37 م

ثائر صالح

انحصرت سمعة باخ كعازف أورغن كبير وموسيقى مرموق في حياته في المناطق التي عمل فيها، ولم تتعد سمعته حدود تورينجيا وما يجاورها كثيراً. توفي باخ سنة 1750 وسرعان ما نسيت أعماله التي اعتبرتها الأجيال الجديدة تنتمي إلى عصور سابقة، فقد تغيرت الموسيقى كثيراً في العقود التي تلت وفاته.

بقي اسم عائلة باخ مرموقا عبر نشاط أبنائه، على الخصوص كارل فيليب إيمانويل (1714 - 1788) الذي قال عنه موتسارت "هو الأب ونحن الأبناء" لكنه في نفس الوقت اعتبر موسيقى كارل فيليب قديمة.

لكن اهتمام عدد محدود من الموسيقيين والمتخصصين بموسيقى يوهان سيباستيان باخ تواصل رغم ذلك. مثلاً نلمس بعض التغير في طبيعة موسيقى موتسارت بعد قدومه إلى فيينا في 1781 واطلاعه على مدونات أعمال باخ وهندل في مكتبة الدبلوماسي غوتفريد فان زفيتن (1733 - 1803)، وتأثره بهما. إلى جانب مدونات فان زفيتن، أمتلكت ساره إيتسيغ ليفي (1761 - 1854) اخت جدة فيلكس مندلسون لأمه مجموعة من أعمال باخ وأبنائه في مكتبتها في برلين. كانت ليفي موسيقية وعازفة جيدة درست عند أكبر أبناء باخ وأكثرهم موهبة، فيلهلم فريدمان (1710 - 1784). اهتمت ليفي بموسيقى باخ وأبنائه وأسهمت في التعريف بها في محيطها ونشطت في ما اسمي بأكاديمية الغناء في برلين (Sing-Akademie zu Berlin) التي أسسها الموسيقي كارل فيليب كريستيان فاش (1736 - 1800) سنة 1791 لتقديم التراث الكورالي الألماني وبضمنه تراث أبيه يوهان فريدريش فاش (1688 - 1758) وكذلك باخ الكبير وغيره من أساطين الكورال الألماني. أدار الأكاديمية بعد وفاته كارل فريدريش تسلتر (1758 - 1832) الذي كان متحمساً لباخ وموسيقاه، وهو ما نقله إلى تلميذه اليافع فيلكس مندلسون الذي بدأ بتدريسه سنة 1819 (وقتها كان مندلسون في العاشرة من عمره). يتوضح هذا التأثير في أعمال الفتى مندلسون (بالخصوص سيمفونياته للأوركسترا الوترية) بشكل جلي، ورافقه هذا التأثير طوال حياته. وقد انظم مندلسون واخته فانّي إلى أكاديمية الغناء حيث نفض تستلر الغبار عن بعض أعمال باخ المنسية مثل القداس في سي الصغير. وكان تستلر قد استلم في سنة 1811 ثلاثة وأربعين مدونة مخطوطة من أعمال باخ اشتراها المصرفي الثري أبو مندلسون من مزادٍ في هامبورغ سنة 1805.

القصة المثيرة بدأت لاحقاً، عندما استلم مندلسون الشاب في سنة 1823 أو 1824 هدية من جدته لأمه هي نسخة من عمل باخ آلام المسيح حسب إنجيل متّى. كان هذا العمل نقطة تحول عند مندلسون الذي درسه بعناية وقرر تقديمه. أجرى مندلسون بعض التعديلات الطفيفة على العمل أملاً في تقريبه من الذوق السائد في ذلك الوقت وقاد أكاديمية الغناء يوم 29 آذار 1829 ليعيد العالم من جديد اكتشاف هذا العمل الدرامي الكبير الذي كتبه باخ قبل قرابة قرن كامل، ومنه بدأت رحلة مندلسون وآخرين في إحياء أعمال باخ الذي أصبح نجم القرن التاسع عشر وأحيط بهالة من العظمة تقرب من القدسية، الأمر الذي استمر حتى هذا اليوم.

السؤال هو هل يستحق باخ بالفعل كل هذا التمجيد الذي وصل حد التقديس؟ لا جواب على ذلك! هذا الموقع الذي احتله باخ منذ 1829 لا يزال ثابتا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram