اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > التكوين المركَّز واختزال الشكل في رسومات أحمد المالكي

التكوين المركَّز واختزال الشكل في رسومات أحمد المالكي

نشر في: 18 يونيو, 2023: 10:44 م

كريم سعدون*

لعل الاحداث في العراق بعد سنة 2003 وفرت جواً من الحرية غير المسبوقة على الاقل في السنوات القليلة التي تبعتها

وهذا وفر الفرصة الى ظهور عدد كبير من الصحف المختلفة الاتجاهات ومعها توفرت الفرصة لعدد كبير نسبيا من رسامي الكاريكاتير فيها قياسا بعدد الرسامين الذي لايتجاوز اصابع اليد الواحدة قبلها ، وللمتابع لهذا النشاط الصحفي لابد ان يفرز بعض الاسماء التي تميزت بوعيها لطبيعة الرسم الكاريكاتيري واشتراطاته ومنهم الرسام احمد المالكي .

ولتفحص اعمال هذا الفنان في ميدان الكاريكاتير ، يمكن تصنيفها باعتباره يتجه بها باتجاه مايمكن تسميته بالكاريكاتير الحديث، حيث تجد الاختزال المثير للانتباه من خلال التقشف بالخط والتكوين، فالفكرة لديه هي في المقام الاول الذي يريد ايصالها بدون عوائق ممكنة قد تعترض سبيلها الى الوصول الى بصر المتلقي وذائقته وهذا الاجراء المتعمد الذي اجترحه الفنان والتزم به جاء موفقا لغرض مهم وهو ان يختط لنفسه اتجاها اسلوبيا يمكنه من خلاله التميز بين اقرانه من رسامي الكاريكاتير ويثبت وجوده ويرسخ حضوره الدائم في ذهن المتابعين ، وهذه تحسب له من جهة التفكير ببناء اسلوبه الشخصي في انجازه للرسم الكاريكاتيري، ومن خلال معاينة الرسومات التي انجزها الفنان المالكي فأن التقشف الواضح في الخط يكاد ان يكون سمة واضحة فيها وان هذا التقشف يتيح له التركيز على فكرة الرسم واضعا اولوية الوصول الى المتلقي وهذه تعدُّ من محاسن الرسم الكاريكاتيري التي ابتعدت به عن كل مايعيق قراءة هذا النوع الرسم ويتفاعل معه فالاختزالات التي يجريها الرسام يجب ان تكون في خدمة التكوين وتعزز ما يروم اليه من اراحة بصرية لعين المتلقي ويدعوه الى التركيز على مركز العمل وهي الفكرة فيه.

ان اول مايشد المتلقي والمهتم في الرسم الكاريكاتيري هو في حضوره المركَّز متخففا من اي تشويش يفسد متعة تلقيه ، ويعمل المالكي في سبيل ذلك الى انجاز رسوماته بالدراية به وكأنه تميمة تقود خطاه باتجاه ان يكون الرسم مختزلا سواء في الشكل او في التكوين العام معتمدا في ذلك خطاً نظيفاً وظيفته ومهمته تحديد شكل الشخصيات الحاضرة فيه ومن خلاله يمكَّنه من توزيع مشهده، وكأنه يعد ذلك باعتباره وعاء لاختبار الفكرة و بثها من خلاله. ففي رسوماته لاتجد حضورا للمكان بوصفه هوية وهذا جزء من السمات الاسلوبية فيها ، اذا انه يعتمد فضاءً مفتوحا تسبح فيه الشخصيات وتتفاعل فيما بينها لتؤدي الغرض المنشود الذي يعمل من أجله.

لابد لرسام الكاريكاتير ان يمتلك وعيا حادا بمجريات الاحداث اليومية التي يمر بها المواطن ومايتعرض له من احداث جسام تؤثر في مبنى حياته العامة وكذلك في ان يكون لديه وعيا بما يتهدد مصير الانسان بشكل عام لتكون معالجاته انسانية خالصة، لذا تجد في تنقّل الفنان المالكي في رسوماته بين معالجة الاحداث المؤثرة في المعيش اليومي للانسان أو تلك المتعلقة بما يتعرض له من قسر وقسوة بفعل الحروب والازمات وماتخلفه تلك من اضرار على الانسان والبيئة وهو ينغمس في الخوض بها باعتبارها مشكلة انسانية عامة لاتنتمي الى مكان معين .

يعمد الفنان كما نوهت الى التقشف الواضح في الخط وهو في استخدامة للالوان في رسوماته الا انه يضعها كعلامات مساعدة لا تتجاوز في وجودها الشكلي فقط كونها مساعد لتركيز عناصر المشاهدة وتفعيل ذلك للوصول الى الفكرة في الرسم وهو بهذا لايريد سوى ان يبرز حدود الشخصية وطبيعة وجودها وموقعها في حدود التكوين كمحسنات جمالية ليس الا، وكذلك نجد في رسوماته استخدام مدروس لتضادات اللونين الابيض والاسود فأن لجوءه الى ذلك ناجم عن دراية ووعي بصري بما سيكون عليه التكوين الفني للرسم، اذ يستغل قوة هذاالتضاد لعمل التأثير على مركز الرسم وتكوينه وليجعل عين المشاهد تقرأ الرسم وتخرج الفكرة مباشرة بدون عناء وهذا هو بالتأكيد محور الحوار البصري الذي يعمله الرسام ، بين خطوط الرسم المتقشفة والكتل المجتمعة في تكوين العمل والمدروسة بعناية التي تتيح ذلك وتوفر الفرصة المثالية للتفاعل اليسير مع العمل الكاريكاتيري وذلك بحق من اكثر الوسائل التي تشير الى نجاح الرسام الكاريكاتيري ومنجزه.

*فنان تشكيلي – السويد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram