علي حسين
فقد العراقيون من ضمن جملة المفقودات في السنوات الأخيرة حاسة الفضول، ليس من عراقي يسأل ويتساءل: كم هم عدد المسؤولين الذين يحتفظون بعلاقات مودة مع الناس؟، كم نائباً يعرف قضايا مواطنيه وكيف يعيشون؟، كم مسؤولاً يذهب إلى الناس ويصغي إلى شكاواهم وآرائهم وانطباعاتهم؟، اتمنى أن لا تخدعكم بيانات المنجزات الوهمية التي يقول اصحابها اننا نعيش ازهى عصور الرفاهية والتنمية .
لا يتذكر المسؤول سوى نفسه، يضرب حوله سياجاً دائرياً من الحرس والعيون ولا يترك ثغرة في هذا الجدار تدخل منها هموم الناس.
قبل اكثر من " 800 " عام خصص "ابن الجوزي" كتاباً سرد فيه أخبار الحمقى والمغفلين ووضع فيه وصفاً للحمق قائلاً: "معنى الحمق والتغفيل هو الغلط في الوسيلة والطريق إلى المطلوب، بخلاف الجنون، فإنه عبارة عن الخلل في الوسيلة والمقصود جميعاً، فالأحمق، سلوكه الطريق فاسد ورؤيته في الوصول إلى الغرض غير صحيحة".
تذكرت ابن الجوزي وكتابه ، وأنا أشاهد على منصة تويتر فديو مثير لمجموعة من المواطنين يهتفون بحياة النائبة عالية نصيف ويقدمون الذبائح عند قدميها ، عرفانا وشكرا للمنجزات التي قدمتها للشعب العراقي .
سيقول البعض إنه فديو من معجبين بالسيدة النائبة لا يستحق أن تخصص له هذه الزاوية، وكان يفترض أن تكتب عن الانجازات الكبيرة التي تتحقق كل يوم ومنها بالتاكيد اجبار تركيا على اطلاق المياه .
من المدهش أن نقارن معنى الحماقة في المعاجم والقواميس، ولدينا نماذج كثيرة تفوق ما جاء في لسان العرب الذي فسر، الحُمُقَ بأنه وضع الشيء في غير موضعه.
ويبدو أن مفهوم الحماقة اليوم بدأ يشمل الشعوب التي تسلم أمرها بيد مسؤولين فاقدي الصلاحية والأهلية ويكفي أن نأخذ عينات من الحكومات السابقة كي نرى حجم الاستخفاف بالإنسان، فشراء الذمم وتزوير إرادة الناس وسرقة المال العام والمحسوبية والرشوة، جعلت من المواطن المسكين لا يملك إرادته ويعيش على هامش الحياة، وقد تكون إحدى دراسات المفكر المصري د.جلال أمين عن هذه المشاهد مدخلاً نموذجياً لفهم ما يجري في أنظمة "الحمقى". يقول أمين: "إن الحكومات الفاشلة دائماً ما تعتبر الناس مذنبين إلى أن يبرهنوا عكس ذلك، هذا هو أول سطر في ثقافة الحكومات الفاشلة التي تسعى إلى إفراغ الإنسان من مضمونه الآدمي، وتحوله إلى مجرد صدى أو رد فعل لما تريده هي".
بناءً عليه ندعو الله أن تكون النائبة عالية نصيف صادقة في نيتها الى تحويل العراق الى سنغافورة جديدة ، وأن تثبت الأيام أنّ أهالي بغداد مغرمون بها، وأنّ بعض الحاقدين من أمثالي مجرد "ثلة" تريد النيل من المنجزات التي تحققت في مدن العراق جميعاً.