بغداد/ تميم الحسن
تحاول طهران امساك خيوط اللعبة في العراق مع بداية ترتيبات الانتخابات المحلية المقبلة عبر «رعاية تحالفات» و»تنظيم احتجاجات».
وتأتي التظاهرات المحدودة الاخيرة التي جرت في محيط المنطقة الخضراء وسط بغداد، ضمن تلك التحركات، وهي احتجاجات لم تكن بعلم الإطار التنسيقي.
ويبدو ما تفعله إيران هذا ردا على ما وصف بانه «تمرد» تمارسه بعض الاحزاب الشيعية التي تسعى للتخلص من وصمة «صديقة الجمهورية الإسلامية» خلال الانتخابات على الاقل.
ووفق ذلك فان بعض التحالفات التقليدية التي ستتنافس في اقتراع مجالس المحافظات ستضم شخصيات «غير متوقعة»، وتتحالف مع احزاب معروفة بـ»نظافة اليد» وبعيدة عن المعسكر الايراني.
ويفترض بحسب ما اصدرته الحكومة الشهر الماضي، ان تنظم انتخابات مجالس المحافظات في 18 كانون الاول المقبل.
وفي هذا الشأن كشفت مفوضية الانتخابات، تسجيل «9 تحالفات بينها 7 جديدة» حتى الان، استعداداً للانتخابات.
وقالت جمانة غلاي المتحدثة باسم المفوضية في مقابلة تلفزيونية ان «هناك 179 حزبا قيد التأسيس بينها ما يقارب 20 حزبا انهت المراحل الأخيرة من شهادات التأسيس».
ولفتت غلاي الى ان المفوضية «ستجري عمليات محاكاة للعملية الانتخابية قبل أسابيع من موعد الاقتراع».
وفي اول انشقاق واضح لـ»الاطار التنسيقي» كشف المجلس الاعلى الاسلامي عن تحالفه الجديد الذي سيخوض خلاله الانتخابات.
وتجنب «المجلس» الاسماء الدينية واختار لتحالفه هذه المرة اسم «نصحح»، وهو تكتيك جديد قد تلجأ اليه اغلب القوى الاسلامية في الانتخابات.
وقال الحزب في بيان إنه: «سيشارك في الانتخابات تحت مظلة (تحالف نصحح) برئاسة همام حمودي، والذي يضم عددا من الاحزاب والقوى والرموز الوطنية التي تحظى بثقة الشعب».
ونفى البيان «ما يتداول عن دخوله مع تحالف آخر».
والمجلس الاعلى كان قد خاض انتخابات 2021 التشريعية الاخيرة ضمن تحالف الفتح بزعامة هادي العامري.
وتسربت انباء عن سعي إيران الى جمع بعض الاطراف الشيعية في طهران للإعداد لتحالف واسع.
وحتى الان لا يبدو ان الاخيرة قد نجحت خصوصا وان نوري المالكي زعيم دولة القانون، يرجح بشكل كبير بانه سيخوض الانتخابات منفردا دون «الإطار».
ووصف ما يجري بحسب تلك التسريبات بانه «تمرد على المشروع الايراني» بسبب رفض الشارع للاحزاب القريبة من الجمهورية الاسلامية.
ويقول أحد قيادات «الإطار» في حديث لـ(المدى) إن «هناك معارك طاحنة داخل التحالفات على قيادة القوائم الانتخابية المقبلة».
وبين القيادي الذي طلب عدم نشر اسمه ان «الاحزاب تعمل على تكتيك جديد وتحاول ان تغير جلدها عبر اختيار اسماء مدنية واختيار مرشحين مختلفين».
ويتابع: «هناك قوائم ستضم هذه المرة مدونين ومرشحين من احزاب معروفة بنظافة اليد ولم تتورط بالفساد».
واكد ان «نسبة المستقلين والشخصيات المعروفة على مواقع التواصل الاجتماعي ستكون 50% داخل القوائم والبقية متحزبين».
وتعتبر الاحزاب الانتخابات المحلية بمثابة خطوة اولى للامتحان الاهم وهو الانتخابات التشريعية المقبلة.
لذا يقول القيادي في «الإطار» ان «الصخب الانتخابي عال جدا، وهناك توظيف للخطابات والشعارات والاعلام واستخدام هائل للأموال من اجل الترويج».
ويؤكد ان «التظاهرات التي انطلقت يوم الجمعة قرب المنطقة الخضراء هي ضمن الضجيج الانتخابي».
وتجمع مساء الجمعة عدد من المحتجين قرب الجسر المعلق القريب من السفارة الامريكية، ورفعت رايات بعض الفصائل، منها ظهرت لأول مرة بشكل علني مثل اصحاب الكهف.
و»الكهف» كانت قد تبنت العام الماضي، هجمات على السفارة الامريكية في بغداد، وتفجير ارتال الدعم اللوجستي على الطرق السريعة.
وطالب المحتجون بمنع «تدخلات السفيرة الامريكية»، فيما منع «امن الحشد» تقدم المتظاهرين الى بوابات المنطقة الخضراء.
بالمقابل تجنب الاعلام الرسمي و»الاطاري» نقل التظاهرات التي شاركت فيها اعداد قليلة اغلبهم يرتدون الكمامات.
وعشية التظاهرات نفى حيدر البرزنجي، والمعروف بقربه من الإطار التنسيقي، وجود احتجاجات.
وقال الاخير في مقابلة على محطة محلية ان «تنسيقية المقاومة (تضم مجموعة من الفصائل المعروفة مثل العصائب وكتائب حزب الله) لم تعلن بشكل رسمي عن وجود اية تظاهرات».
وكانت قنوات تابعة للفصائل دعت يوم الاربعاء الماضي، الى «محاصرة السفارة» الامريكية عبر احتجاجات مساء الجمعة.
وكتب مدونون على تويتر محسوبون على «الإطار» مطالبين بإعادة سيناريو اقتحام السفارة الامريكية في طهران عام 1979 اثناء الثورة الايرانية، واحتجاز أكثر من 50 موظفا من السفارة كرهائن.
ونقلت قناة العالم الايرانية، في تقرير عن ان اسباب الاحتجاجات هو مقال نشرته احدى المواقع الامريكية بان جو بادين، الرئيس الامريكي، هدد بقتل أكرم الكعبي وهو زعيم فصيل النجباء المنضوي في الحشد.
والينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية قضت حتى الان أكثر من عام كسفيرة للولايات المتحدة في بغداد.
والاخيرة معروفة بنشاطها في المجال الدبلوماسي حيث لا يخلو جدول اعمالها من زيارات يومية سواء سياسية او اجتماعية او اقتصادية.
وتكاد جولات رومانوسكي التي لم تلتزم بحدود بغداد وانما زارت بعض المحافظات، ان تختتم جميع المسؤولين الكبار والنواب وقادة الجيش.
ولا تنكر السفيرة ذلك فان اغلب النشاطات والاجتماعات مع المسؤولين الرفيعين منهم رئيس الحكومة ووزراء «الإطار» منشورة على صفحتها في تويتر وموقع السفارة الالكتروني.
وعن رومانوسكي يتحدث غازي فيصل وهو دبلوماسي سابق قائلا ان السفيرة الامريكية «لم تتخط القواعد الدبلوماسية بحركتها في العراق».
وقال في حديث لـ(المدى) ان «رومانوسكي تلتقي مع كل المسؤولين واعضاء المجتمع المدني وفق الإطار القانوني واتفاقية الشراكة بين العراق والولايات المتحدة».
واضاف فيصل ان «هناك مصالح مشتركة كبرى بين الدولتين في مجال الطاقة، الصناعة، الزارعة والامن المتبادل».
وبين الدبلوماسي السابق وهو يرأس الان مركز العراق للدراسات الستراتيجية ان التظاهرات التي تجري ضد السفارات في بغداد هي «على الطريقة الايرانية كما حدث في عام 1979 في طهران».
ووصف الباحث في الشأن السياسي تلك الاحتجاجات التي تهدف الى اقتحام السفارة كما جرى في بغداد عام 2019، بانها «غير شرعية لان هناك حكومة شكلت بموافقة كل الاحزاب هي تقرر شكل العلاقات وتحدد حركة السفيرة».