اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > عبد الستار البيضاني: التحقيب محاولة تبناها جيل الستينيات لتمييز أنفسهم عن جيل الرواد

عبد الستار البيضاني: التحقيب محاولة تبناها جيل الستينيات لتمييز أنفسهم عن جيل الرواد

نشر في: 17 يوليو, 2023: 11:44 م

يرى أن هنالك في الأدب من أرخ للحرب، وهنالك من ناقشوا الخفايا الاجتماعية وتأثيرها على الواقع الاجتماعي

حاوره/ علاء المفرجي

الأديب والكاتب عبد الستار البيضاني من الأسماء الفاعلة في الثقافة والأدب في العراق، من خلال ما أنجزه خلال أربعة عقود من مسيرته الإبداعية.

ولد في بغداد عام 1958 نال البكالوريوس في الإعلام من جامعة بغداد، عمل في الصحافة فترة طويلة، وشغل رئيس تحرير مجلة الأقلام، والمحرر الثقافي في مجلة ألف باء، ورئيس تحرير مجلتي والمزمار.

فازت روايته "دفوف رابعة العدوية" "2022" بأبرز جائزة في العراق، وهي جائزة الإبداع التي أطلقتها وزارة الثقافة بالبلاد، وترجمت بعض نصوصه إلى اللغات الأجنبية. وبدأ الكتابة والنشر عام1977 حيث صدر له أول مجموعة مشتركة بعنوان "أصوات عالية 1983"، أصدر قصصا منها "الثنائيات 1993" و"مآتم تنكرية 2000" و"تحت خط الحب 2011" ومن الروايات "عطش على ضفاف الدانوب 2001" و"لجوء عاطفي 2004" و"لن يأتي الصباح هذه الليلة 2022" وله "الزاوية والمنظور حوارات في القصة 2002" و"المسلات نصوص سردية 2016".

 ما الذي بقي من جيل الثمانينات، كأثر ابداعي؟

- جيل الثمانينات هو ذائقة الحرب من خلال عدد من النصوص الابداعية وخاصة القصة القصيرة والرواية، حيث تزامن ظهوره مع الحرب العراقية الايرانية التي أثرت فيه كثيراً، فقد هيمن السرد الثمانيني الذي وظف للحرب على النسق الثقافي في العراق وتعرض هذا الجيل إلى محنة الحرب وكذلك محنة توظيف الادب والقصة العراقية من الطابع الفني لصالح الحرب، لهذا كانت هناك مهمة شاقة امام النقاد رغم ظهور بعض الاسماء التي حققت بصمة فنية بجيل الثمانيات، ولاتزال هذه الاسماء مستمرة حتى الآن، لسوء الحظ بعد الثمانيات جاء الحصار وأدى لتراجع الاقتصاد العراقي ما أثر على امكانية النشر، ويعدّ هذا الجيل اخر جيل في التعقيب الزمني، ونقصد أنه اخر جيل تعقبه النقاد ثقافيا وادبيا وفنيا "جيل الخمسينات والستينات والسبعينات والثمانينات". بعد هذا الجيل لم يتمكن النقد من تعقب اية فترة زمنية للادب العراقي، ورغم محاولات الاشارة الى جيل التسعينات إلا أن الظروف لم تساعد، وخاصة بسبب تقلص مساحات النشر في الصحف واعداد المطبوعات على عكس ما شهده جيل الثمانيات.

 ما أثر هذا الجيل على المشهد الروائي والقصصي في العراق، وهل ترى أن الرواية العراقية شهدت انطلاقتها الجديدة في تلك الحقبة؟

- مع تحفظي على التحقيب الزمني للأجيال، كونه محاولة تبناها جيل الستينيات لتمييز انفسهم عن جيل الرواد، لكني سنستعمل هذه المصطلحات أجرائيا، لقد ولد هذا الجيل في ظروف ومناخات ثقافية محلية وعربية وعالمية فرضت على نتاجاته ورؤاه سمات مغايرة عن سمات الاجيال السابقة وخاصة جيل الستينيات الذي كان مهيمن على المشهد الثقافي مدعوما بمجموعة من النقاد الذي تبنوا رؤاه ونتاجاته، وهي رؤى غلب عليها الطابع الفكري أكثر من الطابع الفني حيث عدو نتاجاته رد فعل على نكسة العرب في هزيمة حزيران 1967، وقد تأثرت فنيا بالتيارات الوجودية والعبثية ولعلك تذكر تأثيرات سارتر وكولن ولسن في تلك الفترة، وحاول جيلنا ان يخرج من هذه التأثيرات بما فيها التأثيرات الايديولوجية التي حاولت السلطات فرضها آنذاك سوى بالتبني المؤسساتي أو بالتنظير مثل اطلاق تسميات (جيل ما بعد النكسة)، أو (جيل الواقعية النضالية) وغيرها من التسميات التي كانت تطلق مثل الفقاعات، ولعل من محاسن الصدف ان تشهد بداياتنا في الخروج من تأثيرات جيل الستينيات، هو موجة الترجمات الكبيرة لأدباء اميركا اللاتينية واليابان، التي اعادتنا الى الواقع بالتقاط سحره واعادة انتاجه على طريقة الواقعية السحرية ن وليس الواقعية الكاربونية لجيل الخمسينيات، وفعلا كانت بدايات أغلبنا متأثرة بهذه الموجة قبل تجتاحنا الحرب وهيمنة السلطة على النتاج الثقافي لجعله في خدمة المعركة، اي ان القصة والرواية سيقت الى التجنيد الاجباري مثلما جندونا في جبهات الحرب، ففقدت نتاجات جيلنا ممن كتب للحرب من الجانب الفني الى الجانب التعبوي، اي ان الأدب كان في خدمة إعلام المعركة وكانت تقام مسابقة نصف سوية للقصة والرواية وكانت تطبع كميات كبيرة جدا من المجاميع والقصص الخاصة بالمعركة، وفعلا الرواية العراقية شهدت انطلاقة كبيرة في تلك الفترة ولكن بمواصفات تعبوية وليست فنية، لذلك لا تجد لها آثر الان.

 أنتم من جيل تلظى بالحروب ومآسيها، هل تعتقد أن الابداع الثمانيني استطاع أن يختصر هذه المأساة؟

- مازالت هذه المأساة مؤثرة في النتاج الثمانيني، ففي فترة النظام السابق وبسبب الحالة التعبوية لم يستطع هذا الجيل قول ما يريد، فأنا شخصيا وفي عام 2016 فقط استطعت أن انشر مجموعتي "مسلات" وهي مجموعة حرب كاملة ولأول مرة انشر قصة حرب كاملة، ولم اشترك في مسابقات سابقة، ولم اشارك في أي نشاط، وعدد ما نشرته عن الحرب في تلك السنوات لم يتجاوز اصابع اليد الواحدة وذلك لأننا لا نستطيع قول كل شيء، وذلك بسبب التأثير على البنية الاجتماعية ونفسية الفرد، وأشرت في مسلات إلى أن الحرب حالة وليست تاريخا، وأشرت في مسلات إلى أن هنالك من أرخ لهذه الحرب، وهنالك من ناقشوا الخفايا الاجتماعية وتأثير الحرب على الواقع الاجتماعي.

 أرى أن الحرب ما زالت ملازمة لهذا الجيل كثيمات في أعمالهم الأدبية؟

- الجيل الثمانيني كان يمكن له يُحدث منعطفا في شكل القصة العراقية واتجاهاتها، وقد بانت ملامح ذلك في نتاجات بواكيره في عامي 1979 و1980، لكن وقوع الحرب أنهى ذلك الأمل حيث تحولت انشغالات القصاصين من الهم الفني والإبداعي إلى الهم التعبوي بضغط من الحكومة التي جندت الأدب لخدمة المعركة وصار قرين الإعلام.

شخصيا أحرص على الابتعاد عن أجواء الحرب، لكني لا إراديا أجد نفسي في خضمها مهما كانت ثيمة العمل الذي أنوي كتابته، ويبدو أن أكثر من 10 سنوات في جبهات القتال، واجهت الموت فيها عدة مرات وما زالت شظايا القنابل في جسدي، لن أتخلص من تأثيرها على كتاباتي بسهولة.

 تداخل عملك بين الصحافة والادب، ما تأثير كل منها على الاخر؟ وهل كانت الصحافة ممرا للأدب أم العكس؟

- مع أن الصحافة مهنة والأدب إبداع شخصي، لكن للإبداع مساحة في كل نشاط حياتي، مساحته تضيق وتتسع حسب قدراتنا الإبداعية، أما على وجه الخصوص، فالصحافة وسيلة للعيش وهي أقرب مهنة للأدب، لذلك تسللت لها من دون تخطيط مسبق، وعندما صرت في الخضم تعاملت معها بنفس روحية تعاملي مع الأدب لتحقيق خصوصيتي المهنية والإبداعية، ووظفت قدراتي القصصية لتحقيق تميز فيها، خاصة في كتابة التحقيقات التي استثمرت فيها الأسلوب السردي والحكائي، وتجسد ذلك في كتابة "تحقيقات المدن" حيث كتبتُ عن 55 مدينة عراقية، وجوبه هذا الأسلوب بالرفض في البداية قبل أن يصبح أحد مميزاتي، وسأكشف سرا أنني في روايتي "دفوف رابعة العدوية" أدخلت عدة تحقيقات ضمن الرواية من دون أن يلمس القراء والنقاد فرقا في ذلك.

ربما أنا من القلائل الذين أتيحت لهم الفرصة لممارسة أنواع الصحافة وبموقع المسؤولية، الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة والإلكترونية والثقافية والسياسية وصحافة الأطفال، وهذا أكل من جرف الأدب، لأن الشحنات التي كان يجب أن تنتج أدبا كانت تتفرغ في الصحافة، لذلك أميل إلى القول: الصحافة مقبرة الأدباء.

 الرواية العراقية بشكل عام، لم تنل حظها من التناول النقدي، هذا اذا سلمنا ان الحركة النقدية في العراق بالأصل قاصرة عن معاينة النتاج الإبداعي؟.

- أنا ارى عكس ذلك، يكاد يكرس المشهد النقدي كل مشاغله للرواية، ونظرة سريعة للصحف اليومية والمجلات الدورية العامة والمتخصصة تؤكد كلامي – وهنا اتحدث عن العقدين الأخيرين تحديداً-لكن ما هو نوع هذا النقد؟.. هنا هو السؤال. يمكن تحديد نوعين من هذا النوع الأول نقد انطباعي هو اقرب الى عروض الكتب والمقالات النقدية منه الى الدراسات النقدية، ساهمت بانتشاره كثرة الصحف وقلة المجلات المتخصصة التي تعطي مساحات مناسبة لنشر الدراسات، والنوع الثاني هو الدراسات الاكاديمية الجامعية (الماجستير والدكتوراه) التي انتشرت في العراق بشكل لافت – ربما لكثرة الجامعات والكليات، حنى لا يكاد يوم يخلو من نشر خبر عن مناقشة رسالة ماجستير أو اطروحة دكتوراه عن الرواية، وهو ايضا في الغالب دراسات لأعمال كتاب يختارهم المشرف الاكاديمي من دون معايير واضحة، وكلا النوعين الصحفي والاكاديمي لم يقدم لنا دراسات وتحليلات لظواهر فنية أو فكرية في النتاج الروائي لذلك لو انك قرات الآن جميع الدراسات والمقالات لن تخرج بصورة واضحة عن المشهد الروائي في العراق ن كما سبق وان قدمه عبدالقادر حسن أمين وعلي جواد الطاهر وعبدالاله احمد ونجم عبدالله كاظم وغيرهم من الأكاديميين في عقود الستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينات. لذلك أستطيع القول ان نقد الرواية موجود بشكل مناسب لكنه غير مؤثر باستثناء عدد قليل من النقاد والدراسات.

 قرأت قبل اشهر في مجلة (الفيصل) السعودية دراسة مطولة عن روايتك الأخيرة (لن يأتي الصباح هذه الليلة)، حيث وصفت الدراسة الرواية بـ(الأدب المضموم)..ليتك تحدثنا عن خصوصية هذه التجربة ومصطلح (الأدب المضموم)؟

- هذه دراسة كتبها الناقد الدكتور حمزة عليوي وقد استعمل هذا المصطلح (الأدب المضموم) أو (أدب الأدراج)، كما في بعض البلدان التي عانت من الأنظمة الشمولية والدكتاتورية التي قيدت النتاج الادبي بشروطها، وقد وجد الدكتور عليوي روايتي (لن يأتي الصباح هذه الليل) التي صدرت العام الماضي عن وزارة الثقافة العراقية، تنضوي تحت هذا المصطلح لكونها كتبت في زمن النظام السابق وقد كتبتها في العام 1993 ولم يطلع عليها غير الناقد الراحل الدكتور عبدالآله أحمد المعروف بقسوة احكامه، ومن ثم اطلع عليها بعد سنوات الشاعر الراحل يوسف الصائغ الذي كتبت لي على أثرها رسالة خاصة نشرتها على ظهر غلاف الرواية بخطه، هذه الخصوصية الأولى للرواية، الخصوصية الثانية هو أنني كتبتها بكامل حريتي من دون ان أضع اعتبارا للرقيب، لأنني ببساطة لم أفكر في نشرها، لأنني حاولت ان اجعل منها شهادة حية عن ما جرى في حرب الخليج الثانية، خاصة وقت انسحاب الجيش العراقي من الكويت الذي وصفته من خلال جريح يرصد اهوال الحرب، وهو رصد ميداني حقيقي من دون اية موجهات سياسية، وبعد نشرها تفاجأ الكثير بتفاصيل هذه الاهوال التي أخفها الادب التعبوي والشعارات السياسية، وعرفت الآن ان الدكتور حمزة عليوي مطلع على هذه التفاصيل من استاذه د عبدالآله احمد قبل الاحتلال ن وانه حمل رسالة بها الخصوص من د عبدالآله الى الناقد المصري جابر عصفور اثناء زياة عليوي للقاهرة.

 أرى انك لم تحسن توقيت اصدار هذه الرواية في نفس وقت صدور روايتك (دفوف رابعة العدوية)؟.

- معك حق تماما والأمر غير مقصود، فقد كان يفترض ان تصدر رواية (لن يأتي الصباح هذه الليلة) في العام 2021، و(دفوف رابعة العدوية) في العام 2022، لكن تأخر اصدار الأولى جعلها تزحف على وقد صدور الثانية، والأمر لم كله كان بيد الناشرين ولم أستطع تغييره.

 هل تعتقد ان احدى الروايتين أكلت من جرف الثانية؟

- نعم فالاهتمام النقدي برواية (دفوف رابعة العدوية) التي صدرت قبل (لن يأتي الصباح هذه الليلة) بشهرين غطى على أثر الرواية الثانية، فقد كُتبت عنها أكثر من عشرين دراسة ومقالة خلال أشهر قليلة، ومن ثم جاء فوزها بجائزة وزارة الثقافة العراقية بجائزة الابداع العراقي ليسرق الاضواء عن الثانية، لذلك قرر الناشر وهو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين اصدار طبعة ثانية من الرواية خلال هذه الايام.

 اين تكمن خصوصية رواية (دفوف رابعة العدوية)؟ .

- سير الرواية على محوري، الأول فكري صوفي، يرى في ان الإحساس بالجمال الروحي والبصري والحسين هو أحد طرق الوصول الى الله، والثاني تاريخي غير خاضع لاشتراطات الزمن، يمتد من سنوات العقوبات الاقتصادية على العراق وأثرها في تهشيم بنية المجتمع وانهيار الطبقة الوسطى نزولا الى تأسيس البصرة القديم على يد عتبة بن غزوان والتأسيس الحديث بظهور ميناء المعقل. واعتقد ان الجانب الفني المتميز في الرواية هو انني استطعت نسج خيوط هذه (الأزمان) بنسيج واحد بالرغم من تباين أطوالها، ونساج القماش يعرف صعوبة ان تستعمل خيوط باطوال مختلفة في النسج، إذ من خلال هذا النسج جعلت هذين المحورين يلتقيان في مناطق حيوية من المتن السردي.

 قرات اكثر من دراسة نقدية وجدت في الرواية كشوفات جديدة عن الغناء والموسيقى في البصرة، هل خططت لهذه الكشوفات إن صح وجودها وكيف؟

- الروائي مثل الأريكيولوجي، فهو يحدد مساحة التنقيب لغرض معين لكن حسب ادواته تظهر له اكتشافات جديد لا تنتمي لهدف التنقيب لكنها لا تقل اهمية عن هدف التنقيب فتضيف له منجز آخر، لذلك يمكنني القول ان رواية (دفوف رابعة العدوية) هي رواية طبقات سواء في تناولها المجتمع النسوي البغدادي من خلال اقامة (القبولات) في بيوتات بغداد العريقة في الافراح والاحزان والتي لم يتم تناولها من قبل، او في المجتمع البصري من خلال فرق الخشابة، وارتباط غناء الخشابة في حياة البصريين، فقد اكدت الرواية ان جذور غناء الخشابة جذور دينية وحاولت ربطها بدلالة المكان بالمتعبدة الصوفية البصرية رابعة العدوية، وهذه من كشوفات وتفسيرات الرواية، لأن صورة رابعة العدوية لدى اغلب الجمهور العربي ترتبط بصورة الممثلة نبيلة عبيد من خلال فيلمها الشهير الذي مثلت فيه شخصية رابعة العدوية، الرواية حاولت ان تعزل هذه الشخصية عن الفيلم.

 هل يمكن عد روايتك هذه رواية تاريخية؟

- ابدا. هي رواية الحاضر، لكنها تناولت ظواهر اجتماعية بحث عن جذورها بأدوات الروائي وليس بأدوات المؤرخ، ولا اريد أُفصّل أكثر في هذا الموضوع لان مساحة النشر لا تسمح.

 عملت فترة طويلة من الزمن في رئاسة تحرير مجلتي والمزمار، وقد شهدت هذه الفترة إعادة لمجد صحف الأطفال هذه، لماذا لم يظهر جيل جديد من كتاب، ولماذا انحسر الاهتمام بأدب الأطفال؟

- في اي مجال ابداعي هنالك عوامل معروفة لظهور جيل، واهم العوامل هو توفر مناخ ابداعي والمقصود به وجود اهتمام جماعي من قبل المؤسسات الثقافية، فحين يأتي شاب لديه امكانية في مجال ثقافة الطفل ويجد أمامه رموزا تنتج وتنشر، فبالتأكيد هنا ستتحفز موهبته ويعمل على تطويرها، ونجد تطورا بوعيه او بنصائح الجيل الذي يرافقه، غياب النشر في هذه المؤسسات أدى بدوره الى عدم ظهور هذه الاسماء الجديدة رغم تواجدها، ولكن عدم وجود لوامس استمرارية في نتاج ادب الاطفال لهذا نشهد هذا التراجع، فنحن على سبيل المثال بحاجة الى رسامي اطفال، ومهتمين بهذا الادب ولكن الظرف الاقتصادي لا يسمح خاصة بعد ظهور التقنيات الجديدة في الرسم، ونضيف هذا إلى الظرف العام أي تشتت اهتمامات الشباب، أما بالنسبة للدورات التطويرية للمختصين بجانب ادب الاطفال فهي موجودة ومستمرة رغم انها دون المستوى المطلوب ولكن ما فائدة هذه الدورات دون وجود نتاج ثقافي، فثقافة الطفل الان مرتبطة بالتقنيات الحديثة التي نفتقر لها نحن، حتى الرسم اليدوي اختفى، وظهر الرسم على آلة الكومبيوتر، فسابقا كان الفنان يتميز بقدرته على التلوين وتميز خطوطه اما الان فأصبح بالإمكان رسم اية لوحة من خلال برامج معينة وهذا أمر كافٍ لقتل التميز، وهذا واحد من الاسباب التي ادت لعدم ظهور الشباب بملامح مميزة تجعلهم يتنافسون في المجال الادبي والفني المختص بثقافة الطفل.

 إذن ما سبب انعدام أو قلة إصدار المجلات وكتب الاطفال عدا البعض التي تعود إلى المؤسسات الثقافية الحكومية؟

- على العكس، الآن نشهد ظهور مؤسسات تهتم بمجال ادب الاطفال أكثر من السابق، فكان سابقا صدور مثل هكذا كتب او مجلات حكراً على دار ثقافة الاطفال، الآن ظهرت مؤسسات عديدة خاصة ذات الطابع الديني، مثل تلك التي تصدرها العتبتان الحسينية والكاظمية وغيرها، كما ظهرت مؤسسات ذات جهد شخصي غير دينية وخاصة بعد أن أصبح من السهل التواصل مع دار طبع خارجية، وسهولة الاتصال بهم وارسال المجاميع المراد طبعها عبر الانترنت، وهذا مقابل غياب وتراجع كبير في دار ثقافة الاطفال واصداراتها كماً ونوعاً، بحيث تشهد هذه الدار تراجعا بسبب قلة التخصيصات المالية.

 شاعت في العقدين الأخيرين الجوائز للأعمال الروائية، ما الذي تعنية الجوائز للروائي البيضاني؟

- هذه المرة الأولى في حياتي التي أشارك فيها، شيء جميل أن تختار مؤسسة أحد أعمالك أو تجربتك بالمجمل لتمنحك جائزة، لكني أتحفّظ على طريقة التقديم بنفسك وكأنك تدخل في سباق رياضي.

الجوائز تعطي الحياة الثقافية حيوية ونشاط. ولا يكاد يخلو إعلان نتائج جائزة عالمية أو محلية من اتهامات وتشكيك بالنتائج، خاصة بعد أن طالت الفضائح بعض الجوائز العربية، وعلى العموم هذا أمر طبيعي يحصل في مختلف المسابقات غير الأدبية، أما الأسباب فأغلب المشاركين يعتقدون أنهم الأحق بالفوز حتى من دون قراءة بقية الأعمال، أو الاعتراض على لجنة التحكيم وإدارة الجائزة، بصرف النظر عن صحة هذا الاعتقاد أو تنزيه اللجان والنتائج.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram