TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > متى يمضي العراق على سكة الطاقة المتجددة ؟

متى يمضي العراق على سكة الطاقة المتجددة ؟

نشر في: 20 يوليو, 2023: 12:04 ص

رزاق عداي

ربما البعض لا يعرف ان الانتاج النفطي في العراق يعادل ضعف ما تنتجه الامارات العربية المتحدة ، وكذلك بالنسبة للكويت ولبقية امارات الخليج قاطبة ، باستثناء السعودية ، التي تتقدم على العراق ، بفضل ما ساهم استقرارها السياسي النسبي في بناء صناعة نفطية متطورة على مستوى العالم ونموذجها شركة (ارامكو) العملاقة ،

العراق استهلكته الحروب ودمرت ابنيته التحتية منذ عام 1980 ، وكان من الممكن ان ينهض في اعقاب 2003 لو ان استنارة لحكم رشيد تولت زمام الامور ، لكن الخيبة الكبيرة ان التخريب لهذا المرفق الاقتصادي الكبير جاء من صميم ادارة هذا القطاع الحيوي وجهات اخرى غير مسؤولة .

مصفى بيجي وملحقاته مثلاً كان من المؤسسات العملاقة التي يشار اليها على مستوى الشرق الاوسط انتاجاً ، الحرب على داعش دمرت اجزاءاً منه والباقي جرى تفكيكه من قبل جهات غير مسؤولة وطنياً ، وانتهى في سوق الخردة ، ليس في الافق ما يشير الى مستقبل منشود ينتظر العراق اذا ما استمرت موازناته السنوية تجري على غرار الموازنة الاخيرة التي تم التصويت عليها بالبرلمان قبل ايام قليلة ، فهي انفاقية ببذخ وبمصروفات جانبية ، وغير مجدية في نهاية المطاف ، ومما يزيد الطين بله، انها ستطبق لثلاث سنوات ، وبهذا نكون قد اهدرنا نصف عقد العشرينات من الالفية الثانية دون ان نحقق شيئاً للمستقبل ، وكل الدراسات الاقتصادية الاستراتيجة تتوقع متغيرات بنيوية في الاقتصاد العالمي ستجري في العقود القريبة القادمة ، تحتمها معطيا ت تقنية وسبرنيطقية والكترونية عالية المستوى ستؤثر على تشكيل علاقات انتاجية عولمية خارج الاقتصادات المحلية .

وعليه تترتب على العراق مسؤوليات كبيرة للعب دوره الاقليمي المناسب لمكانته الجيوبولوتيكة ، والطاقة المتجددة هي من تكون لها حصة الاسد في هذه المتغيرات ، وهاهي الدول المحيطة بالعراق تستعد في تهياْة البنى التحتية للتعامل مع هذة التحولات بما فيها بلدان الخليج العربي النفطية ، فالسعودية والامارات قطعت اشواطا متقدمة في هذا المضمار ، اما العراق فقد عاد يستعين بشركات من الامارات ، تمكنت من الحصول على عقود في جولات التراخيص الاخيرة في حقول واسط وميسان والبصرة ، اي ان العراق يعاني من تخلف في بنية القطاع النفطي في تشكيلتة التقليدية ، وهذا من ذنوب وخطايا من مسك بزامام السلطة بعد 2003 الذي نسى حتى ان يراعي ويصون مصدر تمويله وخبزه الاساسي ، الصفة الغالبة على التخطيط في العراق وعلى كل المستويات انه يفتقر الى البعد الاستراتيجي ، وهذه العقدة متاتية من بنية النظام ذاته ، كونه تاْسس وفقاٍ لمكونات متغانمة تضع مصالحها المكوناتية فوق المصلحة الوطنية العليا وبالتالي تكون الاموال المخطط لها للموازانات خاضع الى منطق المغانمة والمحاصصة .

ومن جانب اخر هناك انقطاعات تفصل بين اجندات الحكومات التي تشكلت تباعا ، اي ان الحكومة المتشكلة حديثاً تبداْمن درجة الصفر ، ولا تعتبر نفسها كمرحلة متواصلة مع من سبقتها ، فالحكومات المتعاقبة لا تتقدم بخط متصاعد وفقاًلما تحقق من الحكومات السابقة ، فهي مثلا تهمل المشاريع المتلكاْة والمعطلة الموروثة مما سبقها من انجاز سابق ، لتكفل اكبر مخصصات ممكنة لها في مشاريع جديدة ربما قابلة للتلكوء ثانية ، وهكذا ، اغلب الدراسات تتوقع ان النفط الاحفوري سيفقد الشئ الكثير من مكانته في هرم مصادر الطاقة العالمية ، بفضل السيارات الكهربائية اولاً التي باتت تنتج في الصين على نطاق واسع وامريكا وبعض دول اوربا ، كما ان العالم كله بات يصرف سنويا مئات كثيرة من المليارات على الطاقة الذرية والشمسية وطاقة الرياح كمصادر بديلة للطاقة ، والواقع تتوفر في العراق الظروف المثالية للانتقال التدريجي الرصين إلى الطاقة المتجددة والنظيفة، خاصة أن التغير المناخي قد رفع من درجات الحرارة إلى مديات غير مسبوقة والتي تجعله أحد أكثر مستويات الإشعاع الشمسي جاذبية، خاصة في محافظات الجنوب والمثنى والأنبار، خاصة أن الطلب على الكهرباء يزداد في فصل الصيف بما يجعله بيئة مثالية لاستخدام الطاقة الشمسية. وتتوفر في العراق إمكانات جيدة لإيجاد مصادر للطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والمائية والريح، بينما يفتح العلم حالياً مجالات أوسع خاصة بالاهتمام بغاز الهيدروجين كمصدر للطاقة النظيفة. مصدر آخر مهم في العراق غير مستغل هو حرق وتحويل النفايات المنزلية والصناعية إلى طاقة كهربائية وحرارية نظيفة، الأمر الذي تقوم به العديد من البلدان. فلكي تكون الحكومة الحالية جادة في قطع اشواطاً متقدمة في هذا المضمار ، تبقى النوايا والمخرجات والمنتجات هي الحاكم الحقيقي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: ذهب نور وجاء زيد

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

 علي حسين الحزن والكآبة والتعوّد على طقوسهما، موضوع كتاب صدر قبل سنوات بعنوان "ضدّ السعادة"، حشد فيه مؤلفه إيريك جي. ويلسون جميع الشواهد التي ينبغي أن تردعنا عن الإحساس بأي معنى للتفاؤل، فالمؤلف...
علي حسين

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي (الحلقة 3)التجربة الكوريةتجربة كوريا الجنوبية في التعليم تعتبر واحدة من أنجح التجارب العالمية فقد استطاعت أن تحقق قفزة نوعية في مسارها التنموي، فحوّلت نفسها من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية عظمى في...
د. محمد الربيعي

مركزية الوهم العربي: بين الشعور بالتفوق ونظريات المؤامرة

قحطان الفرج الله مفهوم "المركزية" الذي يقوم على نزعة الشعور الجارف بتفوق الأنا (سواء كانت غربية أو إسلامية) وصفاء هويتها ونقاء أصلها. بحسب الدكتور عبد الله ابراهيم الناقد والمفكر العراقي، الذي قدم تحليلًا معمقًا...
قحطان الفرج الله

تفاسير فظيعة في تفخيذ الرضيعة

حسين سميسم وجد الفقهاء أن موقفهم ضعيف في تشريع سن الزواج، نظرا لضعف الروايات التي اعتمدوا عليها، اضافة الى خلو القرآن من نص صريح يوضح ذلك، فذهبوا إلى التفسير بحثا عن ضالتهم، ووجدوا في...
حسين سميسم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram