اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: شومان والراين ودوسلدورف

موسيقى الاحد: شومان والراين ودوسلدورف

نشر في: 22 يوليو, 2023: 10:39 م

ثائر صالح

أدخل روبرت شومان (1810 - 1856) إلى مصح أندَنيخ للأمراض العقلية في بون يوم 4 آذار 1854 بطلب منه، بعد ستة أيام من محاولة الانتحار الفاشلة بإلقاء نفسه في نهر الراين،

وبقي فيه حتى وفاته في 29 تموز 1856. كان شومان في سنواته الأخيرة يعاني من حالة يسمع فيها أصواتا ويتخيل حوله أشباحاً تلقنه موسيقى في بعض الأحيان، منها ما وضعه في عمله الأخير، "تنويعات الشبح" الذي خاله روح شوبرت أو مندلسون (عمل غير مصنّف رقم 24) وكان قد بدأ بتأليفه قبل محاولته الانتحار، وأكمله في اليوم التالي لإعادته إلى بيته الذي تركته زوجته كلارا وفقاً لنصيحة الأطباء الذين عالجوه. ويصعب تشخيص المرض الذي عانى منه بسبب تخلف الطب وقتها، لكن هناك احتمال إصابته بالسفلس الذي كان يعالج بأبخرة الزئبق وهو علاج شائع لكثير من الأمراض آنئذ، مما يؤدي إلى الإصابة بتسمم الزئبق ونتائجه حالات عصبية شديدة الخطورة. وهناك فرضية اخرى تتحدث عن نوع من الأورام في الدماغ يمكن أن يؤدي إلى أعراض مشابهة.

انتقل شومان وعائلته خريف سنة 1850 إلى مدينة دوسلدورف ليكون مديراً للموسيقى فيها ويقود دار الأوبرا، لكن سرعان ما ثبت عجزه عن القيادة الموسيقية بسبب عدم قدرته على التواصل وسرعة إجهاده بسبب حالته الصحية. لكن عقده لم يفسخ، واستمر دفع مستحقاته حتى عام 1854. فقد تواصل اهتمام مثقفي مدينة دوسلدورف بشومان وزوجته كلارا عازفة البيانو الماهرة وعلاقتهم بهما، وجرى توفير البيئة الملائمة لنشاطهما الفني.

تقع مدينة دوسلدورف على نهر الراين الذي طالما ألهم الموسيقيين والفنانين والشعراء، منهم هاينريش هاينه (1797 - 1856) ابن مدينة دوسلدورف الذي لحّن شومان (وشوبرت وأخرين) الكثير من أشعاره. كان شومان يجد العزاء من مرضه المستفحل في اللجوء إلى الطبيعة والتجول على نهر الراين. ومن يزور المدن المطلة على الراين مثل دوسلدورف وكولونيا (كُلن) سيشعر بعظمة هذا النهر العريض الذي يجري بكل جلال في طريقه من سويسرا في الجنوب نحو المصب في هولندا عند بحر الشمال. يبلغ عرضه في دوسلدورف بضعة مئات الأمتار، لربما 400 متر. وسرعان ما ألف شومان بعد انتقاله إلى دوسلدورف سيمفونيته الثالثة المعروفة بالسيمفونية الراينية (نسبة إلى الراين) التي قدمها في 6 شباط 1851 بقيادته، في انعكاس واضح لتأثير هذا النهر عليه.

وقد سبق لمندلسون قيادة الحياة الموسيقية في دوسلدورف فترة عامين بين 1833 - 1835، ونرى تماثيله (وتماثيل شومان وزوجته كلارا) في بقاع مختلفة من المدينة. فنرى تماثيلهم عند مدخل مبنى قاعة الموسيقى المطلة على الراين، وعند دار الأوبرا والمتنزه الجميل خلفها. وكنت قد بحثت عند زيارتي المدينة مؤخراً عن الأماكن المرتبطة بهؤلاء الموسيقيين، وزرت البيت الذي سكن فيه شومان وألف آخر أعماله، وكذلك البيت الذي ولد فيه هاينريش هاينه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram