TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > استقلالية في القرار السياسي العراقي

استقلالية في القرار السياسي العراقي

نشر في: 24 يوليو, 2023: 11:25 م

محمد حسن الساعدي

يبدو من غير الواضح إذا كان الاميركان سيعتبرون الصفقة التي أبرمها العراق مع الجمهورية الإسلامية أنتهاكاً وخروجاً على العقوبات المفروضة على طهران، وبالتالي السعي من واشنطن لمحاولة منع هذا الاتفاق،كما أن العراق أتخذ موقفاً رسمياً في هذا الاتفاق دون الرجوع إلى واشنطن،ما يعد استقلالية في القرار وخروجاً على الإرادة الأمريكية التي تحاول إركاع الشعوب وإخضاعها.

الاتفاق ينص على إرسال العراق 250 ألف برميل يومياً إلى إيران مقابل تزويد الأخير العراق بالغاز الطبيعي الإيراني والذي يعتمد عليه العراق بحوالي 40% من إنتاج الكهرباء،وجاء هذا الاتفاق بعد الديون المترتبة على العراق لإيران والتي بلغت 11 مليار دولار مودعة في البنك التجارة العراقي،والتي منعت فيها واشنطن إرسالها إلى طهران لقاء تزويد العراق للغاز الطبيعي.

العراق من جهته يؤكد على أن لاحاجة للحصول على موافقة الولايات المتحدة لان الاتفاق ليس مالياً،لذلك لجأ العراق إلى أسلوب المقايضة والتي هي شكل من أشكال الدفع لاتخضع للعقوبات الأمريكية المفروضة على طهران،حيث يستخدم الأمريكان سيطرتهم الفعلية على الأموال العراقية،ومنع بغداد من تسديد ديونها لإيران بالدولار،وبهذا الإجراء يمكن لطهران أن تزود العراق بالغاز الطبيعي لقاء النفط الخام العراقي.

إدارة بايدن تسعى إلى الحصول على مزيد من التفاصيل حول هذا الاتفاق،وكيفية إجراء المقايضة للنفط مقابل الغاز من الناحية العملية،وما إذا كان هذا الاتفاق يؤثر على العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، في حين تأخر تسديد الديون العراقية لإيران سبب نقصاً في الكهرباء المنتجة من المحطات الكهربائية لإيقاف تزويدها بالغاز الطبيعي،ويأتي هذا بسبب رفض واشنطن تسديد العراق ديونه بالدولار.

الاتفاق يرمي إلى طمأنة الرأي العام الإيراني بشأن حصول طهران على مستحقاتها عن صادرات الغاز، بانتظار الوصول إلى حل عملي تتمكن عبره إيران من إعادة أموالها أو سداد المستحقات المرتبة عليها جراء استيراد الدواء والسلع الأساسية،وأن سبب قبول طهران بمقايضة غازها بالنفط العراقي هو حرصها على مساعدة الحكومة العراقية على توفير خدمة الكهرباء للشعب العراقي في هذا الصيف الحار الجاف، حيث أن الاتفاق يمثل الحل الأمثل في ظل عدم موافقة واشنطن على تحويل المبالغ لإيران.

أعتقد وكما يرى الكثير من المراقبين للمشهد السياسي العام في المنطقة،أن من الأجدر على الحكومتين أن ترسخ هذا الاتفاق من خلال مد أنبوب نفطي يربط الدولتين الجارتين،وبامد طويل لمنع أي تلكؤ في استيراد الغاز الطبيعي الإيراني،وقطع الطريق أمام أي محاولة للتأثير على العلاقات الاقتصادية التي تربط الجارين والسعي الجاد من اجل أستقلال القرار العراقي بعيداً عن الضغوط الاميركية التي تحاول جعل العراق تابعاً لها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: ذهب نور وجاء زيد

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

 علي حسين الحزن والكآبة والتعوّد على طقوسهما، موضوع كتاب صدر قبل سنوات بعنوان "ضدّ السعادة"، حشد فيه مؤلفه إيريك جي. ويلسون جميع الشواهد التي ينبغي أن تردعنا عن الإحساس بأي معنى للتفاؤل، فالمؤلف...
علي حسين

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي (الحلقة 3)التجربة الكوريةتجربة كوريا الجنوبية في التعليم تعتبر واحدة من أنجح التجارب العالمية فقد استطاعت أن تحقق قفزة نوعية في مسارها التنموي، فحوّلت نفسها من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية عظمى في...
د. محمد الربيعي

مركزية الوهم العربي: بين الشعور بالتفوق ونظريات المؤامرة

قحطان الفرج الله مفهوم "المركزية" الذي يقوم على نزعة الشعور الجارف بتفوق الأنا (سواء كانت غربية أو إسلامية) وصفاء هويتها ونقاء أصلها. بحسب الدكتور عبد الله ابراهيم الناقد والمفكر العراقي، الذي قدم تحليلًا معمقًا...
قحطان الفرج الله

تفاسير فظيعة في تفخيذ الرضيعة

حسين سميسم وجد الفقهاء أن موقفهم ضعيف في تشريع سن الزواج، نظرا لضعف الروايات التي اعتمدوا عليها، اضافة الى خلو القرآن من نص صريح يوضح ذلك، فذهبوا إلى التفسير بحثا عن ضالتهم، ووجدوا في...
حسين سميسم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram