اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: في ذكرى عاشق بغداد

العمود الثامن: في ذكرى عاشق بغداد

نشر في: 3 أغسطس, 2023: 12:01 ص

 علي حسين

ليست ثمة فائدة ترتجى من متابعة أخبار السياسة في بلاد الرافدين ، والاستماع إلى الخطب التحريضية، لكن ظروف العمل تدفعنا مضطرين، لأن نغرق انفسنا مع التحذلق السياسي، ومع ساسة يعتقدون أن معركة العراق ليست مع الانتهازية وغياب الخدمات وسرقة مستقبل الناس، وإنما في إقرار قانون خاص للعطل، وقانون آخر للحصص الطائفية، وقانون جديد يحفظ للتوازن حقه .هكذا يبدو المشهد اليوم.

 

لقد أنجبت هذه البلاد الجواهري والرصافي والسياب وجواد سليم وعبد الله كوران وكوركيس عواد وعلي الوردي وطه باقر وجواد علي وهادي العلوي.. مصابيح للمعرفة، لم يكن أحد منهم جزءاً من لعبة السياسة، لكنهم صنعوا تاريخاً زاهراً لهذه البلاد، ومثلما لا يمكن أن تتخيل فرنسا من دون سارتر وروسو، واليونان من دون أفلاطون، وإيطاليا من دون دانتي، وألمانيا من دون ماركس، وتشيلي من دون نيرودا، وإسبانيا من دون لوركا، فإننا لا يمكن أن نتخيل بغداد من دون شاعر بأهمية عبد الوهاب البياتي الذي تمر اليوم -3 آب- ذكرى رحيله الرابعة والعشرين بصمت، أسوة بالإهمال والنسيان المتعمد الذي أصاب ذكرى رحيل الجواهري، علي الوردي، الأثري، جواد سليم، نكران لكل شيء قيم وجميل، والنسيان لشاعر كبير نتمنى عليه ألّا يغضب ولا يحزن لأننا اليوم نعيش عصر "عالية نصيف" والمحاصصة البغيضة والبحث عن الغنائم، والنواب الذين يهدون سيارات "تاهو"، عصر توزع فيه ثروات البلد بين سياسيين قلوبهم وعقولهم وأموالهم تصب في خدمة مصالح أحزابهم.

أيها الشاعر المكافح في سبيل عراق حر وديمقراطي، دعاة الديمقراطية اليوم تناسوك لأنهم مشغولون بمعارك المناصب والمنافع، كما أنك أيها الشاعر المتمرد لا تنتمي إلى حزب من أحزاب هذا الزمان، يجبر مؤسسات الدولة على استذكارك. ثم إن ذكرى رحيلك تحمل الرقم "24" وهذا رقم لا يهتم به مسؤولونا، فرقم الحظ عندهم يجب أن يتجاوز الأصفار الستة ، وإذا كانت بعض شعوب العالم تحتفل بمفكريها وأدبائها الكبار فهذا لأنهم شعوب عاطلة ، ويملكون وقت فراغ لا يعرفون ماذا يفعلون به. فلا تصدق أيها الشاعر الذي مات منفياً من أجل وطنه، أن هناك من يهتم بذكرى رحيلك، .

اليوم أيها الشاعر المنسي مدينتك الحبيبة "بغداد" يريد لها البعض أن تعيش زمن القرون الوسطى.. وأن تغرق في بحور من النسيان.. ، وبالتالي لا تحزن منا على هذا التجاهل، لكن بغداد التي تغنيت بها ستبقى مثلما وصفتها ذات يوم:-

مهما طال حوارُ الأبعاد

فستبقى بغداد

شمساً تتوهج

نبعاً يتجدد

ناراً أزلية

رؤيا كونية

وسنُعلم الأجيال أن في هذه المدينة عاش شاعر سيكتب له ولذكراه البقاء والاستمرار.. في وقت تمر على بغداد هياكل سيكون مصيرها الزوال .

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid muften

    رحم الله الشاعر عبدالوهاب البياتي الذي عاش ومات غريبا وقلبه ينبض بحب العراق.

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

 علي حسين انشغلنا في الأيام الماضية بأحوال وأخبار النواب الذين قرروا مقاطعة البرلمان ما لم يتم إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يعرف المواطن المغلوب على أمره : لماذا يصر بعض النواب...
علي حسين

قناديل: تشويه صورة تشومسكي

 لطفية الدليمي ماذا عساك تفعلُ عندما تسعى لتشويه صورة إنسان معروف بنزاهته واستقامته الفكرية والانسانية؟ ستبحث في التفاصيل الصغيرة من تاريخه البعيد والقريب علّك تجد مثلبة (أو ما يمكن تأويله على أنه مثلبة)....
لطفية الدليمي

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

محمد الربيعي هذه المقالة تتبنى ما طرحته في كتاباتي السابقة وتعيد ما اكدت عليه في سياقات مختلفة. اسأل القراء الأوفياء الذين يتابعون أعمالي مسامحتي ازاء الالحاح في التأكيد، فالحاجة تدعوني لاعادة النظر في هذه...
د. محمد الربيعي

ماذا تبقى من سيادة العراق بمواجهة تحديات عديدة؟

لينا اونجيلي ترجمة: عدوية الهلالي في أعقاب غزو العراق مباشرة، أصدر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الأمر التنفيذي رقم 13303 لحماية صندوق تنمية العراق (DFI) الذي كان بمثابة مستودع مركزي للإيرادات الناتجة عن مبيعات...
لينا اونجيلي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram