إكرام زين العابدين
ظهرت العديد من المؤسّسات الإعلامية والصُحف بعد تغيير النظام السياسي في العراق نيسان 2003 في مختلف المُدن والمحافظات العراقيّة، بعد أن توفّرت مساحة لحريّة التعبير في ظلّ السعي لنشر الأفكار الديمقراطية.
هذه المساحة والانفتاح جعلا البعض يعتقد بأن مهمّة تأسيس مؤسّسة إعلامية أو اصدار مطبوع رصين عمليّة سهلة ومحسومه لصالح القائمين عليها طالما أنهم يمتلكون القليل من المال، وفي ظلّ وجود بعض الإعلاميين الذين أوهموهم بأن مشروعهم سينجح كما المثل المصري (حيكسر الدنيا) .
عملتُ في بعض الصحف التي صدرت في المقاهي والبيوت، وكان أغلبها لا يمتلك روحيّة الاستمرار، وكلّما نسأل عن صاحب هذه الصحيفة أو من أين تموّل، كان الجواب بأنها مستقلّة وتابعة لرجل أعمال، لكن الحقيقة كانت تُعرف من خلال مانشيت الصحيفة التي كانت تميل أو تدعم جهة سياسيّة ما.
انطلقتْ مدرسة المدى الإعلامية والتي أصبحت بمرور الوقت ظاهرة جديدة يُشار اليها بالبنان، وإن بعض الإعلاميين كان يتمنّى أن تطأ قدماه عتبة باب هذه المؤسّسة، لكي يشاهد العمل الاحترافي الصحيح، ويتعرّف على أسرار الإبداع التي رسمها مدير المدرسة الأستاذ فخري كريم، بمعيّة عدد غير قليل من أساتذتنا في الإعلام والتي استمرّت لسنوات طويلة.
لم يكن استمرار عمل مؤسّسة أو صحيفة تقوم بمهام ونشاطات عديدة أمراً سهلاً لأنها كانت تنشر الحقيقة وتتخطّى الخطوط الحمراء للعمل الإبداعي والتي تخصّ كل المجالات اليوميّة، لذلك كان البعض يصفها بأنها صحيفة عربيّة أو تتلقى دعماً من جهات خارجيّة لأنها امتلكت مفاتيح اللعبة الإعلاميّة وباتت لاعباً مهمّا في الوسط الإعلامي والثقافي والرياضي.
بدأ القسم الرياضي في المدى يفرض نفسه على الصُحف الأخرى من خلال اجتهاد العاملين فيه حيث كانت البداية صعبة وبرئيس قسم ومحرّر، ولكن سرعان ما توسّع الملاك ليصل الى 8 صحفيين وعدد من مُراسلي المحافظات، والبداية الحقيقيّة للقسم كانت بعد اصدار صحيفة المدى الرياضى الأسبوعيّة بـ 12 صفحة ملوّنة، ومن ثم استمرَّ العمل بالملحق اليومي للرياضة بأربع صفحات ملوّنة.
طموح القائمين على المؤسّسة والقسم الرياضي لم يتوقّف، بل أنهم كانوا يفكّرون بأبعد من ذلك، فكان القرار الصائب بإصدار مجلة (حوار سبورت) التي قدّمت نموذجاً حديثاً للعمل الصحفي، ووصل مداها الى كُلّ الدول العربيّة نتيجة الجهد والعمل والطباعة المميّزة لها ممّا جعلها تخطُف الأنظار في ظلّ توقّف أغلب المجلات الرياضيّة العربيّة عن الإصدار.
رحلة المدى مازلت مستمرّة ومتواصلة، لكن الصعوبات الكبيرة التي تواجه عملها جعلها تتخلّى عن بعض أحلامها التي كان لها دوراً مهمّاً في إعلاء الشأن العراقي في كلّ المحافل .
لذلك نتمنّى أن تتواصل رحلة إبداع المدى لأن البعض يريد أن يردَّ الدين لها من باب الوفاء لهذا الصرح الإعلامي الكبير.