طالب عبد العزيز
يجري إتحاد الادباء والكتاب في البصرة بالتعاون مع إتحاد الادباء والكتاب -المركز العام - بغداد ووزارة الثقافة التحضيرات الاولية لإقامة مهرجان المربد الشعري، في دورته الجديدة، التي ستقام في البصرة، وسط أجواء تحفيزية ومشجعة بعد أقل من عام على نجاح دورة الألعاب الخليجية(خليجي 25) والأصداء النموذجية التي أعقبت ذلك،
في سعي من الجميع، مسؤولين ومثقفين، لبقاء المدينة داخل دائرة الضوء والالق، وسط ظروف سياسية واقليمية مختلفة عن واقع المدينة الثقافي، المتسم بأهميته وحضوره الفاعل عراقيا وعربياً.
ولأنَّ المربد الشعري بات جزءاً من هوية البصرة، ويشكل مع جملة الانشطة الثقافية والاقتصادية والسياسية ايضاَ بعضاً من ملامح الهوية تلك، لذا فالحرص على انجاحه يستدي همم المعنيين، ويسترعي عناية مثقفي المدينة قبل غيرهم، مثلما لا يستغني عن خبرة ورعاية إتحاد الادباء والكتاب- المركزالعام ووزراة الثقافة والمسؤولين الحكوميين، وكلهم مطالب بالبحث عن السبل الكفيلة لإظهار الوجه المشرق للثقافة العراقية، العميقة الراسخة في الذائقة العربية، عبر مئات السنين، وتتحقق هذه بتظافر بجهود الجميع، ذلك لأنه(المربد) وعلى الرغم من المآخذ التنظيمية على دوراته السابقة يظل العلامة الفارقة في ثقافتنا، بوصفه أقدم المهرجانات الثقافية العربية، وكان وما زال نقطةَ ضوءٍ يتطلع لها الكثير من أدباء ومثقفي الوطن العربي.
ومن وجهة نظر شخصية فأنَّ المؤتمرات والمهرجانات بعامّة، أينما عقدت، وحيثما أقيمت إنما تنجح بحضور الشخصيات الهامة، وتبلغ أهميتها وقيمتها الفنية في المحاور والورقات المقدمة على منصتها، فضلاً عن نجاح الجهة المنظِمة والقائمة على إدارتها، والتطلع لبلوغ درجة من الكمال، ولا مندوحة من قولنا بأنَّ قضية الإدارة تشكل العصب الرئيس، والمفصل الاهم في انجاح مثل هكذا فعاليات، حيث لا أحد يشكك بقدرة الزملاء المعنيين في الجهات الثقافية الثلاث، والذين اكتسبوا الخبرة العريضة، وعلى مدى السنوات البعيدة الماضية، لكننا نرى أنَّ ضخامة عدد المدعويين وعدم القدرة على ضبط ايقاع القاعة، وتلكؤ القائمين على اسكان وإطعام وتنقل الضيوف كان العقبة الكدأداء التي واجهتهم..
يفقد مهرجان المربد أهميته إذا تحوّل الى تظاهرة ثقافية، ويؤكد أهميته إذا كان ظاهرة ثقافية. من المؤسف أنَّ البعض يريد له أن يكون عند عتبة الاولى، ولا يسعى الى الارتقاء به الى درجة الثانية، وكأننا مازلنا ندور في فلك إرادة النظام السابق، التي حولته الى تظاهرة سياسية، يوم باتت منصته مكاناً لكيل المديح، ومناصرة رأس النظام، الامر الذي أفقده من أن يكون ظاهرة ثقافية، تعتمد التخطيط والبناء والارتقاء بالثقافة الى ما كانت وقامت من أجله.
يؤسفنا أنْ نقول بإننا لم نلمس وطوال السنوات السابقة جهداً نقدياً، تبنى ظاهرةً شعرية أو فنيةً، بل لم نرَ التفاتةً تؤكد مشهداً ما، ولم يتداول المؤتمرون اسماً عراقيا أو عربياً أجمع عليه بوصفه علامةً فارقة تسترعي التتبع والعناية والتقديم، في مقابل ذلك وجدنا اِستماتةً لدى بعض الشعراء في الاصرار على صعود منبر المربد، غير هيّابين من خطورة الصعود ذاك، إذْ ليس كلُّ من وقف قارئاً نال بُغيةً.
نعتقد بوجود أكثر من طريقة لإنجاح الفعالية الثقافية هذه، عبر تدارك عثرات الفعاليات السابقة، فمؤتمرٌ بهذا المستوى والاهمية والرصد المالي والعناية الرسمية يحمل اسباب وموجبات نجاحه بكل تاكيد.