TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > في إدارة الإرادات المتشاكسة

في إدارة الإرادات المتشاكسة

نشر في: 16 أغسطس, 2023: 11:47 م

ثامر الهيمص

ان تقفز السعودية وإيران وتركيا قفزة نوعية متكاملة ضمت الحاضر والمستقبل المنظور على الاقل بشكل مؤسساتي، بايقاع ينتظم في تطويع ارادات الداخل والخارج على نار هادئة عموما امرا غير متوقع ببساطة، اي بدون صراع محلي او اقليمي ودولي,

كما جسمته لنا لبنان واخواتها. اذ لم تكن العوامل الموضوعية اولا واخيرا, سواء من حيث الموارد والمنافذ والمواطنة. فالاولى قفزت بتنمية مستقلة مؤخرا والثانية سبقت كليهما، اذ الاردغانية كانت هي القفزة التنموية الجبارة. انها مسألة إرادات تطوعت وطوعت, بحيث لم يتوقعها كل كهنة التاريخ المعاصر لكي تبنى توجهاتها ومواقفها ازاءهما، وهذا ما اكدته عملية إحتلال العراق من تخبط المراجع العليا في بلدان التحالف. وهكذا دفعنا الثمن ومازلنا لقاء تحرير العراق المزعوم، اذ تبين ان هناك هشاشة دولية غربية.

عموما وفي ضوء ماتقدم, علينا ان نضع نقاطنا على حروفنا الاساس. بانه لا مناص من ادارة تصهر الارادات تنمويا بعدالة يشعر بها المتفاعل والمتفرج. حيث تصبح العوامل الموضوعية طيعة, وهنا الابداع حيث يصبح الاستنساخ مرشدا عموميا وليس طبق الاصل. فتجارب المجتمعات مثلا في التجربة الراسمالية, تقول على لسان اكبر منظريها التاريخين القريبين وهو جون مينارد كينز: غالبا ما تكون النماذج الانيقة التي تفسر طرق عمل الاقتصادات خاطئة. فلا تقوم الاسواق بتصحيح نفسها بنفسها, لذلك تحتاج الى تدخل وادارةعلى الدوام: لضمان ارتفاع معدلات الطلب الاستهلاكي والاستثمارات والتوظيف. (الاقتصاد / خلاصة اعظم الكتب /ص/ 138/2020). وهكذا نهضت اقتصادات الراسمالية مجددا بعد ازمة 1929. اي بارادات سياسية موحدة خلفها القوى الفاعلة القائدة والرائدة. فمن هي القوى الفاعلة العراقية, لا شك انها الطبقة الوسطى تاريخيا التي دمرت بصناعتها وزراعتها لصالح الاقتصاديين الريعيين الذين لم يكن السلم الاهلي يشكل الحجر الاساس لمبادئهم تماهيا مع اوهام مستوردة او ساندا لهويات فرعية وهمية او رد فعل لمظلوميات تاريخية. وكان حصاد كل هذا متجمعا مع من سبقه في السنوات التي هيمن فيها الاحتلال علينا. في حين كان مألوفا عراقيا ومنسجما مع حقوق وواجبات المواطنة والوطنية من مبادئ لا يختلف عليها عاقل وبدون لي رقبة الثوابت الانسانية والشرعية. وغياب الارادة والادارة نلمسه واضحا في البترودولارنا الان، اذا لبراليتنا نصحتنا بجعل الامور على عواهنها، لتصبح ورقة ضغط بيد صاحب الدولار في خلافه مع ايران، اي خلافا لمذهبهم اللبرالي في اولوية المصلحة، ولذلك لم نسمع نصيحة او اجراء من صندق النقد الدولي ممثل الاحتلال.

ولكن المواطنة غائبة على الاقل في هذا الميدان كما تثبتها لنا دوائرنا الامنية والنزاهة من مكافحة الوجه الاخر، اذ المواطنة تلزم المواطن الا يكون لصا او مزورا او منافقا او ماسحا لاكتاف ولا يغش بالامتحان اذا كان طالبا ولا يؤخر المعاملات اذا كان موظفا ولا يقلب الجريمة الى اباحة اذا كان محاميا ولا يظلم مدعيا اذا كان قاضيا ولا يرقص على الحبال اذا كان سياسيا ولا يتلون كالحرباء اذا كان مثقفا. (د. عبد القادر الشيخلي /الاسس الديمقرطية للتنمية الس ياسية في العراق /112//2020).

هذه الاجواء مع شديد الاسف باتت مجرد أرض خصبة للفاعل المحتل ومن يتواطئ معه بغض النظر عن مرجعياته.

بالمقابل هنا دعوات وصيحات تتعالى مع الموسم الانتخابي لـ 281 حزبا لحد تاريخه اغلبها بدون برنامج تنموي عملي له جمهوره الحقيقي حسب قواعد الاشتباك السياسي او المنطقي.

ترى من يطوع هذا الكم من الارادات لتكون مخرجاتها متناغمه عراقيا؟، انها صعبة ولكن ليست مستحيلة. ولكن الغالب ان الاكثرية لا تعتقد ان هذه الدورة لمجالس المحافظات ستكون متناغمة حتى داخل المحافظه في المسارات الوطنية’ لانه وبكل بساطة لحد الان لم يشرع الجامع المانع كقاسم مشترك او اعظم وهو قانون النفط والغاز, ولحد اليوم رغم التشريع لا زالت الموازنة عرجاء, اما المشتركات في الادارة عموما لازال مجلس الخدمة كموحد للعاملين في الدولة بنفس الحقوق والواجبات اذ لا زال هناك خواص وعوام، وهذه عاهة مزمنة ترجع باصولها وجذورها الى استثناءات القائد الضرورة لتكرسها درجاتنا الخاصة التي ترتفع فوق القانون, ليرتفع الرواد فوق الدستور عرفا بامتيازات لها اصولها, لكي تتكرس عملية التخادم بين ثلاثية التحاصص, لتعكس هذه العملية كما نلمس بقانون العطل الرسمية الذي لم يقر لعشرين خلت حالها حال النفط والغازولاقي المعادن, ولذلك لم ترسم حدودنا ايضا لتخادم الاخوة الاعداء مسالة ترسيم حدودنا كما تتضح الان بعد تبلور نسبي لطريق التنمية اذ تبين لنا خلافات مع الكويت وايران في خور عبد الله وشط العرب, وهكذا جميع الفقرات السيادية وغيرها في الدستور وصولا للغرفة الثانية للسلطة التشريعية.. .الخ الخ.

وهكذا من غير المتوقع ان تتم عملية الاصلاح من خلال هذه التخادمات ولا من خلالل الحكومة الالكترونية رغم تنافسهما كحلول, كون الادارة التقليدية غائبة وبديلها الحالي بات غير منتج الا الاوهام،، لعل ابرزها الماء والكهرباء. فالادارة التقليدية كما كانت قبل القائد الضرورة بمدراء عامين مسؤولين مباشرة عن اخفاقي المدخلات والمخرجات يسانده مجلس إنضباط موظفي الدولة ولجانه التحقيقية ودائرة التدقيق والرقابة والحسابات والتفتيش بهيمنة يومية لهيئة الرقابة المالية وتقريرها السنوي وحساباتها الختامية وموافقتها على الصرف, أرضية للموازنة, وصولا للقضاء الاداري والادعاء العام.

ولكي تبدا عمليا وشاملا فقط الحكومة الالكترونية بدون ملفات لا تشرف اي جهة عليها بالفيتوالذي يضع خطوطه الحمر من وراء ستار، ينبغي ان تكون الارض جاهزة للاخصاب والانبات، اذ كان البديل بعد خراب الحصار والاحتلال هو الفساد بعلاج مكلف جدا بالاف الملفات الظاهر منها يبدو ظاهر جبل الثلج يصل في عمقة فسادا على الاقل الى تسعينات القرن المنصرم.

لذلك وبالاضافة للارضية الملائمة للخصوبة والانبات التقليديين, يحتاج الاصلاح الاداري والالكتروني الى برامج محدده بالارقام من قبل وزارة التخطيط لتصبح احصائات التخطيط معيارا اوحدا في حده الحد بين الجد والهزل, اي بموجب الخطط الخمسية او العشرية او السنوية، ولا يصوتها يعلو عليها سواء كان من اصحاب الفيتو او مصالح تستجد او استثنائية لاحد الاطراف الثلاثة، لتنزع اسنان الفساد المتحاصصة.

بدون خط الشروع المحكوم قانونيا بعقاب وثواب داخلي اولا, لانه سيكون السائد اذ تكتشف المخالفة قبل التنفيذ من خلال الرقاية والتدقيق ومن هيئة الرقابة المالية, ثم القضاء الاداري اذا ما خالف المدير العام او من ورائه من وزير او حزب, فيتم تحميل الوزير الخطأ ان كان مقصودا او غير مقصود، اذ المدير العام هو الحلقة الوسطى بين السياسي و المواطن من خلال موظفيه, بغياب هذه الآلية ازدهرت جهات رقابية ما انزل الله بها من سلطان من المفتشين العامين الى النزاهتين البرلمانية والعامة ومجالس المحافظات ناهيك عن اللجان الطارئة وغيرها، كلها تراكمت بغياب الادارة التقليدية التي هي وحدها ستكون جاهزة للتحديث الالكتروني، وتتعشق معها اوتوماتيكيا وباسرع وقتا وحسما، والا يصبح تدجين هذه الاتمته الالكترونية مجرد سلاحا يمكن عكسه وتدمير ما تبقى من شرف الخدمة العامة وصيانة المال العام.

من هنا بدأت نهضة البلدان تركيا والسعودية وايران ونمور اسيا ودول البريكس لتواجه تحديات لازالت فاعلة في الاستغلال في التخلف والتراجع، وهكذا يمكن القول ان المتشاكسين خارج الاطر اعلاه سيطفون كالزبد ويسلط الضوء عليهم ويمكث ما ينفع الناس، وان الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: حدثنا نور زهير!!

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

فشل المشروع الطائفي في العراق

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

 علي حسين إذا افترضا أن لا شيء في السياسة يحدث بالمصادفة، فإنه يفترض أن نوجه تحية كبيرة للذين يقفون وراء كوميديا نور زهير الساخرة ، فبعد أن خرج علينا صاحب سرقة القرن بكامل...
علي حسين

باليت المدى: الرجل الذي جعلني سعيداً

 ستار كاووش كل إبداع يحتاج الى شيء من الجنون، وحين يمتزج هذا الجنون ببعض الخيال فستكون النتيجة مذهلة. كما فعل الفنان جاي برونيه الذي أثبتَ ان الفن الجميل ينبع من روح الانسان، والابداع...
ستار كاووش

صحيفة بريطانية: قائد اركان الجيش الأمريكي يزور دولتين عربيتين لاقامة "تحالف" ضد ايران

متابعة/ المدى كشفت صحيفة تريبيون البريطانية، اليوم السبت، عن وصول قائد اركان الجيش الأمريكي الجرنال سي كي براون بزيارة غير معلنة الى الأردن لبحث إقامة "تحالف إقليمي" لحماية إسرائيل.  وذكرت الصحيفة، ان القائد الأمريكي...

كلاكيت: ألان ديلون منحه الطليان شهرته وأهملته هوليوود

 علاء المفرجي في منتصف السبعينيات شاهدت فيلمه (رجلان في مأزق) وهو الاسم التجاري له، في سينما النجوم في بغداد، وكان من إخراج خوسيه جيوفاني، ولا يمكن لي أن انسى المشهد الذي يوقظه فيه فجرا...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram