علاء المفرجي

الفرقة القومية للتمثيل، هو الجزء الثالث من موسوعة العراق المصورة صدر عن شبكة الاعلام العراقي،

وهي مكرسة للفنان الفوتوغرافي علي عيسى وخرينه الوثائقي البصري عن المسرح العراقي وبشكل خاص الفرقة القومية للتمثيل، حيث تضمن الكتاب صورا نادرة للفنان عن النشاط المسرحي عبر خمسين عاما.

تضمنت مقالة د. نبيل جاسم رئيس شبكة الاعلام العراقي والمشرف على إعداد الكتاب والتي حملت عنوان (حقيبة جلدية داخلها الظل والضوء): ربما كنا محظوظين، مجانين المسرح والفن والجمال، في أن تكون هناك دفة أسمها عمل علي في دائرة السينما والمسرح، وأن يكون بجانب الفرقة القومية للتمثيل، والفرق الاحرى، وكان هناك صدفة كونية رائعة، ليكون الأداء المسرحي الفذ، والنصوص الساحرة التي كتبها خيرة أدباء العراق، والسينوغرافيا المتفوقة والإضاءة والظل، وكل هذه المنظومة العلاماتية الجمالية الى جانب كاميرا علي عيسى، الذي أخرج كثيرا من الظل والضوء من جيب الحقيبة، ليصنع لقطة فنية فذة من جهة، ووثيقة تأريخية من جهة أخرى.

الإعلامي عبد العليم البناء الذي زامل عيسى في عمله في دائرة السينما والمسرح عبر أربعين عاما متصلة، كتب هو الأخر في متن الكتاب مقالا بعنوان المسرح العراقي.. الفرقة القومية للتمثيل تناول فيه تاريخ الفرقة القومية خلال اكثر من خمسين عاما، وكذلك دور الفنان الفوتوغرافي علي عيسى في توثيق نتاج هذه الفرقة عبر تاريخها جاء فيه: لقد استطاع علي عيسى بعدسته أن يقتنص اللحظات الإبداعية التي تمخضت عنها نتاجات (الفرقة القومية للتمثيل) لنسبة كبيرة من عروضها ولمختلف مؤلفيها ومخرجيها وممثليها وفنييها، وكانت هناك بعض الإنقطاعات من بينها دعوته لخدمة الاحتياط العسكرية لسنوات عدة إبان الحرب العراقية الإيرانية، وباتت (التقاطاته الذكية) - ومازالت - من الوثائق الأساسية التي لا غنى عنها لأي باحث أو دارس يروم أن يتعرف أويتفحص نوعية وأساليب وطبيعة وأشكال وأجواء ومناخات وتفاصيل هذه العروض، بما فيها من ديكور وأزياء وإكسسوارات وأيقونات وعلامات وبأسلوب بعيداً عن طبيعة ونوعية الصور التقليدية، فكانت لوحات فنية تجسد جوهر خطاب الصورة الفنية برؤية بصرية تختزن في عمقها دلالات ورموزاً ومكونات وأبعاداً وتأملات وقدرة على الغوص في اللقطة المسرحية وما يرتبط بها من موضوعات، تمثل خشبة مسرح جديدة لحركة الشخوص وانفعالاتها..

ويضيف: كانت الصورة لدى علي عيسى ضرب من العشق المزدوج إنطلاقًا من تكوينه المعرفي وحدسه بالعرض المسرحي وجمالياته، وإدراكاً منه بعصر الصورة التي تؤثر بشكل فاعل وقوي في مجالات الحياة كافة فكيف هو الحال مع المسرح الذي يعيده عبر هذه الصور الى الحياة ولو بعد حين، لاسيما بعد التحول العام في المزاج الاستقبالي للناس نحو الصورة والإعتماد عليها وتداولها أكثر من النصوص وحتى العبارات، لاسيما مع ازدياد حركة التوثيق البصري والأرشفة على المستوى الشخصي والمؤسسي لتكون هي المرجع والذاكرة المتنامية، وكان علي عيسى أحد أبرز فرسانها المبدعين، الذي جعل من الصورة معادلاً موضوعياً للعرض المسرحي لتشغل حيزاً كبيراً في الذاكرة المسرحية والفنية والتوثيقية، الأمر الذي أعطى الصورة قوة لا يستهان بها داخل الإنتاج المسرحي العراقي بشكل عام وعروض الفرقة القومية للتمثيل بشكل خاص، لاسيما أن عدسة علي عيسى سبق لها أن اقتنصت الكثير من العروض لفرق مسرحية عراقية أخرى، لتساعد على بناء هيكل موضوعي وجمالي للصورة المسرحية في جميع قنواتها الرقمية والمطبوعة والمرسومة، وإضافة وظيفة توثيقية شمولية، حافظ علي عيسى من خلالها على كتابة تأريخ بصري للمسرح العراقي ربما لم يأخذ حقه الكامل في البحث والتقصي والتوثيق.

فيما كتب الفنان علي عيسى: وشمل جهدي الخاص تصوير عروض الفرق المسرحية الأخرى، لما وجدوه لدي من إمكانيات مختلفة وناجحة، وفي مقدمتها فرقة المسرح الفني الحديث، فأصبح لدي خزين هائل من الصور الفوتوغرافية التي توثق معظم هذه الأعمال المسرحية، التي باتت تشكل مصدراً مهماً للباحثين والدارسين المعنيين بمسيرة الفرقة القومية للتمثيل خاصة والمسرح العراقي عامة، واستثمرته أيضاً في تنظيم معارض فوتوغرافية بلغ عددها حتى الآن تسعين معرضاً تناولت فيها جوانب مختلفة من مسيرة الإبداع المسرحي والسينمائي على مدى نصف قرن.

وعندما طالت عمليات السلب والنهب بناية دائرة السينما والمسرح بعد التغيير في نيسان 2003، وحرصاً مني على الحفاظ جازفت بحياتي من أجل إنقاذ هذا الكنز الفني الثمين والكبير بجهود فردية وذاتية، حيث كنت في سباق مع اللصوص الذين كانوا يسرحون ويمرحون في رحاب وطوابق البناية التي حاصرتها النيران ولا يعرفون أهميته وقيمته.