اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > أحلام الوطن البعيد

أحلام الوطن البعيد

نشر في: 9 سبتمبر, 2023: 11:13 م

ناجح المعموري

صعد في هاجس غريب من العلاقة مع نصوص صباح الحمداني وبعد تكرس الهاجس ومشاغله ازدادت حنية فيها . 

نوع من الانشغال والجنون للنصوص التي يتصاعد فيها هوس يشبه الحب الطارئ ، الهابط متساقطاً من ايقوناته الشعرية وهي تدغدغ الصوامت الخاتلة في زويا مبعثرة ، ومتناثرة وهي تعرف بالغناء والالحان المتوزعة بين بواعث العلاقة الفنية بين احلام الوطن البعيد . وانا اجاهد ان اواكب نبض لحظة من لحظات زمن مضطرب وواعد . ضرورة الميل باتجاه العودة نحو حياة جديدة ، بكرية ، تفوح منها رائحة الطين الحري . حيث الاختراق الامريكي بما ينطوي عليه من عدوانات وضعتنا امام مسؤولية اشتعال الكارثة . التي لم تتحقق أبداً في شروط مرغوبة . ولتحرير الحاضر من اضرار الماضي او سرابات الاتي . احدق امامي وكأن عيني تلتقط اشياء كثيرة وغامضة ، لكن الملتصق بروحي هو المروي الماضي والقديم المقاوم بروائح غباره ومساقط اشجاره اضطرب لتخريب استبدال الوطن بالمنفي ، او ابدل متاهة بأخرى لا يهمني كثيراً التسميات واللغزيات وكوامن الاسرار التي تومئ لي كي اراها ، وسيظل الامر عالقاً بالمعنى الذي يبدو واضحاً وبسيطاً .

دخت كثيراً وانا ادور كالمطرود ، منشغلاً بالذي يربطني بايقونة الوطن التي رسمها شعور الفقدان . لكن ما يعزز الاحساس بالفقدان هو الخيط بيني وبين المألوف والعجيب ؟ هل يعود الوهم مشاغله في استأنف الرحلة من جديد ، الرحلة الاولى ، وخطفة الحب الشبيه بالجنون والهلوسة . هل هذا باق مثلما كان ، عندما اعتدت على اهتداء بطيف المنفى العنيد المشحون بالتوتر .

عاصفة رملية سكنت دفتري / نسيان له حضور الذاكرة المتوقدة لقد سئمت الفجر الذي يزورني في صدى النداء ونباح النجوم التائهة في راسي / سئمت رماد المنقلة / سئمت دعاء الفقراء وصلاتهم والخبز الذي لا يشبع الجوعان / سئمت ميليشيات الله والمنفى والقوميات والاديان وبنادقها .

والتنور وحطبه

سئمت الحروب والاموات والانذال

وكسوف قمر الطفولة

الذي يمتد مع ذراع الام في اللهب / ص146//

كلام الحمداني شحنة توترات مرتجفة ، وهي تلوح لصباح هيمن عليه الغيم وتلاشت احلامه وظل منها ما صار مروية كلام وهي تتعايش مع الآهات الغارقات بالهوس .

كلام الحمداني مشبع بأزمنة صانعة وتردد باقية وكأنها ايقاع الى الهارب من ملامح ماضيه ، وبقاء روائح الانثى المبللة بماء هابط من سماء معتمة .

ما قاله الحمداني انشاد للصامت وهو يترقب عودة المعشوقة نحوها البلل وشهقة الرعشة . وهي تترصن جوهرة ، ممتلكة للحلول لكل حروب المجانين .

وداع للسلام ، لماذا هذه الكراهية التي خسرتها الزوجات ولاذ الجنود بزوايا وحفر منقوعة بالبول وتساقط قطرات الاشتهاء اللذي وسط ملابس الجندي الملونة برائحة الزيت والمعجون تنام الزوجات المشتهيات ، وتبرق متخيلات المدفونين في المواقع انها تخيلات ماركس ، اول فيلسوف من الذين ركزوا على المخيال كثيراً لارتباطه بطريقته حول البناء النحتي والقومي على التخييل .

صباح الحمداني يمتلك الاسرار والالغاز ومصنع التمائم وطيفيات زرق متدلية فوق صور الانثى محفزة ومثيرة للسكون ومشعلة الحرائق للاشتهاء . صباح الحمداني اول ممتلك للاسم واول ما اعطى لنا من صفات الشعر والذي لم يكن خلقاً ، بل هو كالفلسفة مثل الكلام المقتدر على ان يتكلم به كل البشر . كلام صباح شعر لا يشبه ما كتبه العميان ، بل هو منبثق مثل حلم فرزته قذيفة عمياء التهمت اكداساً .

تدفق الشعر في لحظة تكون فيها الفلسفة تعبيراً عن العقل الذي يقول كل ما يريده الانسان . مثقلاً بوحدتي / انتشل الفجر / الذي اسقطته الحروب في الحروب من الوحل / لأطير في الاعالي / وصباحات الصبا المريضة / حملها القتلة مع جثث الاطفال في العربات / لا نجمة تسقط وراء افق الدخان / لا غثيان / عن ماذا يا ترى / سأحدث والدتي في قبرها غداً ؟ لديه كل المهارات في عجن الملفوظات ونحتها لتتحول ترتيلاً للشاعر ولحظة الخوف من الحروب ، يلوذ بها بيتاً ليس لاحد ، بل هو سكن للعالم . ولان هايدجر يعني بالكلمة هو الوسيط التبادلي والتواصلي بين الفرد والجماعة ، وهو الشعر . الكلام المرتفع متسامياً مانحاً العقل كل ما يقوى عليه في احتمالات فحص الشعر وتحويله للغناء والرقص ، وهنا نحن نعيد هذا الرأي للأصل .

البكري والبدئية الاولى من نواحاتها بين الشعر والغناء والرقص ، وهز الاكتاف وترجيف الارداف .

الشعراء بناؤون للحياة والانسان والشعر . الاغاني ، الرقص ، كل الفنون ، والانواع . الشعر هو اصوات الامل وترددات العشق اذا كان المسكوت هو الحكمة / لكن انا اذن / حنجرته والضحك والاختباء بالمخاطر الاعوام / والاعمار التي اصنعت ، مثل حكايات تتدفأ في جيوب المنفى / طوته الارصفة ونبت فوق جسده الثلج / ص150//

اذا كان الحب هو شواطئاً بلا عشاق

لكن انا اذن / النهر والقارب والصياد والصنارة / وشهقة عاشق يجرفها التيار / وضحى لا يدري من جاء به نحو هذه الديار / غريباً يطارده الوجود / الوجود / والالسن التي لم تتدرب الا على الافتخار بهزائمها / 151//

الذات واقعة ، منحلة ، بها كثير من الانكسار ، وقسوة السلطة وضغوط الهابيتوس . وليس بوسع المنفي الا ان يتصور حياة الاخرين الذين تركهم وراءه على درجة عالية من الاستثنائية والشذوذ هو لا شك محق حين سقط الوطن بين مخالب آلة القمع الهمجي ، ويبتلي الهجنة المروعة بالعاس ، غير ان ما يدركه المنفي هو ان الحياة هناك لا تتوقف رغم ما يعترضها من اهوال فالناس كالناس ، لا ينفكون يسعون ويشقون ، يتقاسمون ، ويتأملون ويتكاثرون ويموتون .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram