اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سياسية > أدوار أخرى للفصائل: شرطة ومحاكم!

أدوار أخرى للفصائل: شرطة ومحاكم!

نشر في: 9 سبتمبر, 2023: 11:36 م

 بغداد/ تميم الحسن

في شرق القناة بالعاصمة بغداد توقف التاريخ هناك عند ربيع 2003، فالسكان بانتظار "التغيير!" بعد رحيل صدام حسين الرئيس السابق عن تلك الاحياء. "نعيم ابو الليل"، يعمل في بيع الاغنام بمنطقة حسينية المعامل، يقول: "منذ أن ذهب البعثية (ويقصد حزب البعث المحظور) لا تتدخل الشرطة او القوات الامنية في فض النزاعات بمناطقنا وانما الفصائل".

ويضطر ابو الليل الى عقد تفاهمات مستمرة مع الجماعات المسلحة التي تسيطر على الأرض منذ (20) عاما، ليتمكن من وضع الاغنام على الشارع العام ويقوم بأعمال الجزارة المخالفة لتعليمات وزارتي الصحة والزراعة.

ويتابع: "لا يوجد شيء مجاني في المعامل، نحن ندفع الى الجماعة (في اشارة الى الفصائل) مبلغ (200) الف شهريا حتى نستطيع العمل".. "وين نروح هذا رزقنا".

بعد انهيار مؤسسات الدولة خلال الاجتياح الامريكي للعراق ملأ المسلحون الفراغ الذي تركته القوات المحلية في مناطق شرقي العاصمة، ومن ذلك الوقت تلعب فصائل بأسماء متعددة دور السلطة.

يرتدي (ابو حسن)، وهي كنية مسؤول تابع لإحدى الفصائل في منطقة (الباوية) شرقي بغداد، دشداشة سوداء لامعة ويحرص على أن يتواجد في كل عزاء وبشكل اقل في حفلات الزفاف.

لا يستخدم (ابو حسن) يده اليسرى في الغالب لأنه تعرض الى اصابة بالغة في مشاجرة حين كان صبيا، بحسب ما يقوله الاهالي عن ذلك الرجل ذي التاريخ المليء بالتقلبات.

وقبل الاطاحة بالنظام السابق كان (ابو حسن) الذي يتجاوز عمره الان الـ60 عاما، يجلس مع (خفارات) البعثيين على أريكة خشبية بجانب مدرسة في مدينة صدام سابقاً (الصدر حاليا) متوعدا الامريكان بالذبح!.

اختفى (ابو حسن) اياما قليلة بعد 2003 وكان حينها يستخدم اسما اخر (تتحفظ (المدى) عن ذكر اسمه)، قبل ان يظهر مرة جديدة مع مجموعة من ابناء المنطقة لتشكيل "فوج الحراسة".

بدأ الفوج بمهمات حماية المنازل والأهالي بسبب غياب الشرطة، ثم تحول الامر تدريجيا للسطو على البيوت الفارغة ثم توسع إلى أحياء مجاورة في شارع فلسطين وزيونة.

(ابو حسن) تقلب في انتماءاته بين الفصائل على نظرية "مَن الأقوى"، وبات اليوم يمثل حاكما شرعيا وسلطويا في شرق القناة، فكيف حدث ذلك؟

كان الظهور العلني لـ"داعش" في 2014 الفرصة الذهبية التي دفعت الفصائل بالمقابل الى اظهار اسلحتها وقياداتها الذين كان اغلبهم معتقلون في السجون الامريكية قبل ان يفرج عنهم.

وتحولت عملية المخاتلة بين هذه الفصائل والقوات الامنية في الأحياء السكنية خلال السنوات التي اعقبت سقوط النظام السابق الى فرض واقع، حينها صارت الجماعات المسلحة الاكثر شعبية.

بالغت ماكنة الفصائل الاعلامية في تسطير بطولات تلك الجماعات والادوار المهمة التي لعبتها في الحرب ضد "داعش".

بالمقابل كان يعمل مايطلق عليه الجهد المدني لتلك المجاميع على تكريس وجوده في المدن وحل النزاعات والمشاكل الخدمية.

وصل عدد الفصائل الى 70 فصيلا على الاقل، وفي اخر احصائية رسمية لأعداد تلك الجماعات المنضوية في الحشد الشعبي، وفق موازنة 2023، بلغ اكثر من 230 ألف عنصر.

الانتشار الهائل للفصائل وتوسع أدوارها وتمددها انتقدته جهات سياسية على مستويات مختلفة، وكانت تلك الأطراف في الغالب تتعرض الى التشويه.

رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي، اعترض مرات عدة على ميزانية واعداد الحشد، كان يشك بوجود جماعات وهمية وتعرض لانتقاد قاس بسبب تلك المواقف.

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بدوره، دعا هو الاخر في اكثر من مناسبة الى ابعاد مَن اسماهم "المليشيات الوقحة" عن المشهد، وواجه اتهامات بـ"العمالة".

كما طالب النائب السابق ظافر العاني باجتماع للبرلمانيين العرب في القاهرة العاصمة المصرية، بوضع "المليشيات في قائمة الإرهاب".

كذلك انتقد النائب رعد الدهلكي مرارا اعمال الفصائل، وقال في احدى المرات ان "المليشيات تحتل الأراضي المسترجعة من تنظيم داعش".

ومؤخرا حاصرت الفصائل منزل سجاد سالم، النائب المستقل في واسط، بسبب انتقاده لوجود "المليشيات" و"السلاح المنفلت".

تدريجيا تحول دور هذه الفصائل، خصوصا بعد الانتهاء من "داعش" في 2017، الى مؤسسات تحقيقية وقضائية عبر الأعراف العشائرية.

استثمرت الجماعات المسلحة الرصيد الشعبي الذي توفر لها ايام القتال وتخلي بعض المسلحين عن بدلاتهم العسكرية وجلسوا تحت قبة البرلمان.

ودفع هذا الخليط من الامكانيات الى ان تتحكم الفصائل بكل شيء على الارض، كما يجري في مناطق شرقي بغداد.

يترأس ابو حسن جلسات الفصل العشائري اشبه بالحاكم، ويقرر طرد فلان من الحي او تحميل العشيرة الفلانية 60 مليون دينار بسبب حادث قتل او مشاجرة.

الاهالي بدورهم بدأوا كذلك بهجر مراكز الشرطة، حيث ان افراد القوات الامنية في اغلب الاحيان تستعين بتلك الفصائل لتتخلص من عقوبات ادارية واحيانا عشائرية.

بالطبع ليست كل هذه الفصائل التي تسيطر على الارض رسمية، بحسب مقرب من الحشد، الذي يقول ان "ابو مهدي المهندس (نائب رئيس الحشد السابق، قتل قبل عامين بغارة امريكية قرب مطار بغداد) كان ينفذ دائما حملات لاعتقال من يدعي انتماءه الى "الهيئة".

ويمتلك الحشد جهة تنفيذية وهي امن الحشد، وهذه القوة اعتقلت العام الماضي ما قالت انها "شبكة لحزب البعث" في كربلاء والنجف.

واكد امن الحشد آنذاك انه نفد عملية استباقية واسعة، تم من خلالها "إحباط مخطط معاد ضد أمن بلدنا وزيارة الأربعين يقوده حزب البعث المحظور"، متحدثا عن اعتقال "شبكة فاعلة، منهم أعضاء قيادات قطرية وقيادات فروع وشعب"، في حزب البعث العراقي.

وفي ذلك الوقت كانت معلومات قد تداولت عن اعتقال أكاديميين ومحامين واحد شيوخ العشائر، كانوا معروفين بانتقادهم لدور الفصائل.

ابو حسن ايضا لا يفوته ان يتكلم في جلسات الفصل العشائري التي تجرى في العادة داخل سرادق، عن بطولاته ضد حزب البعث (المحظور)، وعن اخر اجتماعاته مع القيادات ليؤكد بانه من "الجماعات الرسمية".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

الهجمات الجديدة على عين الأسد
سياسية

الهجمات الجديدة على عين الأسد "بلا توقيع".. ما الهدف والانسحاب الأمريكي وشيك؟!

بغداد/ تميم الحسنبدأت عمليات استهداف جديدة على القواعد الامريكية "بلا راعي رسمي" حتى الان، في وقت تشهد قضية انسحاب قوات التحالف من العراق التباساً شديداً.يوم الخميس، كان هناك هجوم بعدة صواريخ على معسكر عين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram