بغداد/ إلهام أركان

كان نوري كاشون (22 عاماً) يستعد للمشاركة في بطولة لكرة القدم نهاية العام 2018 عندما بدأ يشعر بألم في جسده ونحول "فظيع" وفقدان للشهية، كما يقول، لتظهر الفحوصات الطبية لاحقاً إصابته بـ"مرض السرطان"، أو "ذاك المرض"، كما يطلق عليه العراقيون.

"أصاب الحزن جميع من حولي لكني كنت سعيداً وآمل تجاوز هذه المرحلة ولم أصب بالهلع أو التوتر"، يقول نوري وهو يستعيد اللحظات الأولى عقب تشخيص مرضه الذي شفي منه بعد 4 سنوات من العلاج.

ويجزم نوري أن القوة والإرادة والإصرار والعزيمة والدعم المعنوي من بين أسباب شفائه من المرض الذي بلغ عدد المصابين به في العراق 39 ألف شخص عام 2020 بحسب منظمة الصحة العالمية، بينما تفيد أرقام وزارة الصحة العراقية بوجود 35 – 36 ألف مريض بالسرطان يتلقون العلاج في مستشفياتها حالياً.

ويعزو متحدثون رسميون وخبراء عراقيون في مجال الصحة، انتشار أمراض السرطان إلى أسباب، أبرزها استخدام قوات التحالف الدولي قنابل اليورانيوم في عمليات إطاحة نظام صدام حسين عام 2003 وصناعة النفط وتلوث الهواء وضعف الرقابة وفحص الأغذية المستوردة.

مرضى يساعدون المصابين الجدد

جمع "نوري كاشون" أصدقاء له، تعرف على بعضهم أثناء رقوده في المستشفى للعلاج، وهم مثله مصابون بالسرطان، وانضم إليه آخرون من مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم المساعدات إلى المرضى الجدد، تدفعهم إلى ذلك تجاربهم الشخصية.

وكثيراً ما يشتكي مرضى السرطان وعائلاتهم في العراق من نقص الأدوية في المستشفيات الحكومية واضطرارهم إلى تحمل تكاليفها المرتفعة، وبمعية نوري، يسعى محاربو السرطان، إلى تجاوز المرض بـ"أمل".

في أيار/ مايو الماضي، قال رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي إن لجنته زارت مؤسسات صحية كثيرة وأشرّت "شحاً كبيراً في الأدوية والمستلزمات الطبية كما أن هناك شكاوى كثيرة من ذوي الأمراض السرطانية".

وأشار شنكالي إلى "الحديث الكبير عن شبهات الفساد في عقود الأدوية"، لكنه قال إن "اللجنة النيابية تتعامل مع الوثائق والمعلومات الحقيقية وليس المزاعم".

يجمع فريق نوري التبرعات لعلاج المرضى عبر نشر صورة المريض ونسخ من التحاليل الطبية في مواقع التواصل الاجتماعي ووجدوا استجابة يصفها نوري كاشون بـ"المشجعة"، وهو يعتبر المريض جزءاً من عائلته، مشيراً إلى "المصاعب في الحصول على العلاج".

وإضافة للمساعدات المادية، يقيم "محاربو السرطان" مسرحيات في الجامعات وفي شارع المتنبي وسط بغداد وفي مهرجانات خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، كما يجمعون من الناس رسائل لتحفيز المرضى.

يخطط الفريق لنشاطاته جيداً، كما يخبرنا نوري، ويخوض الأعضاء في نقاشات لتحديد الأهداف والخطط.

إيجابية حمزة تغلبت على مرضه

الفتاة "ميسرة" هي عضوة في الفريق وعن طريقها انضم إليه حمزة مصطفى (17 عاماً) المصاب بسرطان الدم. تعرقلت دراسة هذا الفتى بسبب المرض والعلاج الكيماوي وكان يشتري أدويته على حسابه الشخصي.

يحدثنا حمزة عن مرضه بإيجابية ويقول إن التعامل "الجميل جداً" للأطباء معه ساعده في تخفيف الأمل ويضيف: "لم تكن إصابتي بالمرض الخطير هي كل همي بل كنت مفعماً بالمعنويات العالية".

ويشترك حمزة مع زملائه "محاربي السرطان" في الترفيه عن الأطفال المصابين بالمرض في مستشفيات يزورونها ويلاعبهم، وفي عام 2022 غادره المرض وأعطته تجربته حافزاً كبيراً للتغلب على كل مصاعب الحياة، كما يعبر.

وبالتوازي مع ارتفاع أعداد مرضى السرطان في العالم تحرز الأبحاث الخاصة به تطوراً وتكشف باستمرار عن معلومات جديدة حوله، من ذلك دور الحالة النفسية كالمزاج غير المستقر في زيادة خطر الإصابة بالسرطان لما لها من تأثير على التوازن الهرموني للجسد.

يعمل علي حسين متعب (26 عاماً) في مستشفى الرمادي التعليمي حيث تقدم ردهة الأورام السرطانية علاجاً مجانياً "أو بسعر مناسب جداً" ويقصدها مرضى من بغداد.

شاهد على رحلات علاج بعضهم: "الشباب تغلبوا على السرطان ومصاعبه واستمروا في الحياة لتحقيق أحلامهم"، كما قال.