اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > رحيل آخر الفنانين الأحياء من القرن الماضي..الكولومبي فيرناندو بوتيرو الفنان الذي ابتدع شعبا بديناً

رحيل آخر الفنانين الأحياء من القرن الماضي..الكولومبي فيرناندو بوتيرو الفنان الذي ابتدع شعبا بديناً

نشر في: 24 سبتمبر, 2023: 10:58 م

علاء المفرجي

رحل قبل أيام الفنان الكولومبي فيرناندو بوتيرو، عن عمر ناهز الـ 91 عاما في موناكو بعد صراع مع المرض.

وأعلنت عائلة الرسام والنحات الكولومبي، أن جثمانه سيُعرض في بلده لكي يتسنى لمحبي الراحل الذي يُعدّ أحد أبرز فناني القرن العشرين إلقاء النظرة الأخيرة عليه قبل مراسيم تشييعه التي جرت في إيطاليا.

اشتهرَ بوتيرو في جميع أنحاء العالم بشخصيّاته الضخمة والسمينة، وكان للنقاد نظرة مزدرية إلى شخصيات بوتيرو والذي كان يحلو له أن يسمّيها "شعبي البدين"، فقد كانوا ينظرون اليها انها ليست أكثر من "دمى ضخمة"، وهي ذات صبغة دعائية. لكن المؤسسات الفنية والمتاحف، كانت لهم نظرة أخرى الى أعماله فتنافسوا على شراء أعمال بوتيرو وتجميعها وعرضها.

يعد بوتيرو أهم فنان في القرن العشرين بعد رحيل عمالقة هذا القرن الفنية، ولد في ميدلين في كولومبيا، ولهذه المدينة دون دون غيرها بريق من الشهرة، فيكفي أن نذكر غابريل غارسيا ماركيز وعظمته الادبية وشهرته التي طبقت الافاق، ونوبل التي حازها لميديين وكولومبيا. والمدينة ايضا تخلد بواحد من ابنائها موريس بوليفار محررها الذي طغت شهرته حدود كولومبيا نفسها الى امريكا الجنوبية فقد أسهم في تحرير وفنزويلا والإكوادور وبيرو وبوليفيا وبنما.من الاستعمار الاسباني وأُطلق عليه جورج واشنطن أمريكا اللاتينية.

وجه اخر للمدينة فرناندو بوتيرو الذي يعتبر أيقونة الفن المعاصر. الفنان الذي اشتهر بكائناته الضخمة التي ميزته عن أي فنان قديم أو معاصر. هذا فضلا عن مسارح ميديين وأفلامها السينمائية ومهرجانها الشعري.

رسم بوتيرو تاريخها فهو يوجزه تمثالان لعصفورين كان قد صمّمهما ابن المدينة الفنان الكولومبي فرناندو بوتيرو، في متنزه سان أنطونيو. ففي عام 1993 انفجرت قنبلة لم تصرح أي جهة بمسؤوليتها عن الحادث. لكن الأهالي يقولون إن المسؤول عادة عن تلك التفجيرات كان إما عصابات المخدرات أو القوات شبه العسكرية.

أودى ذلك الانفجار -وهو ليس الوحيد- بحياة مواطنين. يُروى عن بوتيرو أنّه عندما حدث تفجير في إحدى ساحات كولومبيا، حيث نُصبَ تمثالٌ لحمامة سلام من صنعه، ودُمّر جزءٌ من التمثال ومات ما يقرب الثلاثين شخصاً، طلب الفنّان من السلطات عدم ترميم التمثال، وإبقائه مشوهاً، لكنّه صنع تمثالاً آخر لحمامة سلام، وأراد بذلك أن يصوّر السلام والعنف في بلده كولومبيا. ربما لهذا السبب تحديداً نعاه رئيس الجمهورية الكولومبية، قائلاً: "لقد كان رسّامَ العنف والسلام في بلادنا، رسّامَ الحمامة التي تخلّصنا منها وأُعيدت إلى عرشها آلاف المرّات".

وُلد بوتيرو في مدينة ميديين الكولومبية عام 1932. مات والده عندما كان عمره أربع سنوات، وبذلت والدته جهداً كبيراً لتربيته مع أخوته الثلاث. درس في كولومبيا، بين ميديين وبوغوتا العاصمة، وتابعَ تخصّصه في "أكاديمية الفنون سان فيرناندو" في إسبانيا، قبل أن بدأ مسيرته الفنّية رسّاماً في جريدة "الكولومبيانو" في أواخر الأربعينيات.

أقام أوّل معرض له في سنّ الخامسة والعشرين في مدينته الأم. وفي عام 1953 وصل إلى فرنسا، حيث تعرّف على تيارات الفن الموجودة هناك، وبعدها سافر إلى إيطاليا والتحق بـ"أكاديمية سان ماركوس"، حيث تأثّر بالنماذج الجصّية واستفاد منها في أعماله.

بدأ العمل مصورًا في عام 1948. في عام 1950، ذهب إلى أوروبا، حيث التحق بأكاديمية سان فرناندو في مدريد، إسبانيا، وأعجب بالنماذج الجصّية في فلورينسا. ذهب في زيارة طويلة إلى المكسيك بين عامي 1956 و1957 وأعجب باللوحات الجدارية التي أثّرت على مسيرته المستقبلية بشكل ملحوظ. حيث قدّم بأعماله الشخصية أشكالاً كبيرة، تحوي هياكل بشريّة ضخمة، كما أضاف اللمسات الطبيعية عليها. جمع الأشياء المحلية بالعالمية، وهو يشير كثيراً إلى موطنه كولومبيا، ويخلق محاكاة ساخرة متقنة من التحف الفنية القديمة الماضية أيضاً، مثل دورير، وبونارد، وفيلازكويز، وديفيد. كما يرسم رموز القوّة والسلطة في كل مكان، مثل الرؤساء والجنود والكهنة، لأجل المرح. وأقام حديثاً عروضاً في طوكيو وأثينا.

سفره إلى المكسيك وإقامته فيها لأكثر من عامين كان له أثر كبيرٌ على أعماله، لا سيّما اللّوحات الجدارية التي طبعت بشكل كبير مسيرته المستقبلية. "يجب أن يُنتجَ الفنّ متعةً وميلاً معيّناً نحو شعور إيجابي. لكنّني لطالما رسمت أشياء دراميّة. لقد بحثت دائماً عن التماسك والجماليات، لكنّني رسمت العنف والتعذيب وآلام المسيح... هناك متعة مختلفة في الرسم الدرامي، في الرسم نفسه. أعظم متعة في الرسم هي دون أدنى شك الجمال"، يقول الفنان الكولومبي.

تنتشر أعماله الفنية ومنحوتاته الضخمة في معظم العواصم الأوروبية والأميركيتين، رغم الهجوم اللاذع لنقّاد الفن المعاصر، الذين لا يستسيغون حيله الجمالية في الضخامة، وتحوير الأشكال نحو الاستدارة والامتلاء، بطريقة تقترب من الحسّ الفكاهي، وهي تحمل ملامح البساطة، وأحياناً السذاجة، في بهرجة لونية سرياليّة الملامح تتميّز بحرفيّة عالية وصارمة لدرجة أنَّ الموناليزا في لوحته "الموناليزا في سنّ الثانية عشرة" تحوّرت إلى لعبة مضحكة ببدانتها.

بعد وفاته صرح خوان كارلوس بوتيرو، أحد أبناء الراحل، في تصريح لإذاعة كولومبية "سنأخذ والدي إلى كولومبيا في وداع أخير، أولاً إلى بوغوتا، ثم إلى ميديلين".

ونقلت وسائل إعلام محلية عن العائلة تأكيدها أن جثمان الفنان سيكون في العاصمة الخميس، ثم سيُنقل إلى ميديلين، حيث يقام عدد من الأنشطة تخليداً لذكرى أشهر رسام ونحات كولومبي في العالم. وتوفي فرناندو بوتيرو الجمعة في موناكو جرّاء التهاب رئوي. وأعرب الراحل الذي اشتهر بالأحجام الكبيرة لشخصيات أعماله عن رغبته في نقل جثمانه مؤقتاً إلى بلاده بعد وفاته، بحسب ما أفاد نجله. وأضاف خوان كارلوس بوتيرو "نبذل كل ما في وسعنا لتنفيذ رغبته الأخيرة، لقد أراد أن يودع شعبه، وعاش ممتناً للشعب الكولومبي". وأوضح الابن أن والده "لم يطلب قَطّ تكريماً"، ولكن "يمكن تَفَهُّم أن الناس يريدون توديعه وهو يريد أن يقول وداعاً لشعبه". وتبرع بوتيرو بالعشرات من أعماله لمسقطه ميديلين، وهي تُعرض في متاحف المدينة وكذلك في حدائقها العامة وعلى طرقها. وأعلنت السلطات المحلية في ميديلين بعد وفاة بوتيرو حِداداً لمدة سبعة أيام، تتخللها أنشطة تأبينية.

وبعد عرض الجثمان في كولومبيا، سيُرمّد ويدفن رماده في بلدة بيتراسانتا الإيطالية الصغيرة، حيث كان يقيم، وحيث ووريت زوجته الفنانة اليونانية صوفيا فاري التي توفيت في مايو/أيار الفائت. كان بوتيرو، إلى جانب الكاتب الحائز جائزة نوبل غابرييل غارسيا ماركيز، من أشهر الكولومبيين في العالم، وعُرضت أعماله في كل أنحاء العالم، وبيعت بملايين الدولارات في مزادات نيويورك ولندن.

وفي حديث مع وكالة فرانس برس أُجري سنة 2012 لمناسبة عيد ميلاده الثمانين، قال بوتيرو "أفكّر كثيراً بالموت وتحزنني فكرة ترك هذا العالم والتوقف عن العمل لأنني أستمتع كثيراً بعملي". وقد انخرط بوتيرو بالفنّ في مرحلة مبكرة من حياته. فبدأ في سن الخامسة عشرة، يبيع رسومه التي تظهر مصارعة الثيران في بوغوتا.

وبعد معرض فرد ي أول له في بوغوتا خلال خمسينات القرن العشرين، غادر إلى أوروبا وأقام في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا حيث تعرّف إلى الفن الكلاسيكي. واستلهم أعماله من الفن الخاص بالعصر قبل الكولومبي واللوحات الجدارية في المكسيك حيث أقام لاحقاً. وانطلقت مسيرته المهنية في سبعينات القرن العشرين حين التقى بمدير المتحف الألماني في نيويورك ديتريش مالوف، الذي نظم معه عدداً كبيراً من المعارض حظيت بالنجاح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram