علي نجم العبدالله
يعد الانتماء السياسي من أهم العوامل التي تشكل الهوية السياسية للأفراد وتؤثر على مشاركتهم في الحياة السياسية. وبصورة مختصرة إن الانتماء السياسي هو الشعور بالانتماء والارتباط بالكيان السياسي، سواء كان ذلك الانتماء لحزب سياسي معين أو لقضية معينة أو للعملية الديمقراطية نفسها. ومن المثير للاهتمام أنه مع تغير الأجيال، تتغير أيضًا الاتجاهات والقيم المتعلقة بالانتماء السياسي للشباب. هذا المقال يستكشف تطور الانتماء السياسي للشباب عبر الأجيال ويحاول فهم كيفية تأثير هذه التغيرات على المشهد السياسي.
عبر الأجيال، قد تشهد الاتجاهات والقيم المرتبطة بالانتماء السياسي تغيرات هامة. في الماضي، كان لدى الأجيال القديمة عادة انتماء سياسي قوي للأحزاب والمؤسسات السياسية التقليدية، إذ كان لديهم مشهد سياسي ثابت وقيم سياسية محددة، وقد كان الانتماء السياسي مرتبطًا بتوجهات عائلية أو ثقافية محددة، إذ كان بعض الأفراد يتبنون عادات وآراء آبائهم، كما كانوا يعتمدون بشكل أساسي على وسائل الإعلام التقليدية مثل التلفزيون والصحف للحصول على المعلومات السياسية.
ومع تطور المجتمعات وتغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية، بدأ الشباب في تطوير توجهاتهم الخاصة تجاه الشؤون السياسية، وأثرت وسائل الإعلام والتكنولوجيا بشكل كبير على هذا التطور، إذ يمكن للشباب اليوم الوصول بسهولة إلى مصادر متعددة للمعلومات والآراء، وهذا يسمح لهم بتكوين وجهات نظر مستقلة وقرارات مبنية على معرفة أعمق، إذ يمكن أن تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في نشر آراء سياسية والتفاعل مع القضايا المعاصرة.
إضافةً إلى ذلك، تلعب الظروف الاقتصادية والاجتماعية دورًا هامًا في تحديد اتجاهات الشباب السياسية. فالشباب الذين يواجهون تحديات اقتصادية قد يركزون أكثر على القضايا المرتبطة بالتوظيف والرفاهية الشخصية، بينما قد ينجذب آخرون إلى القضايا الاجتماعية وحقوق الإنسان.
هذا التحول في الانتماءات السياسية للشباب أثر بشكل كبير على المشهد السياسي، إذ أصبح الشباب أقل تمييزًا بين الأحزاب وأكثر قابلية للتحول في انتمائهم السياسي بناءً على القضايا والمشكلات. بالإضافة إلى ذلك، تميل الأجيال الجديدة إلى المشاركة في الحركات الاجتماعية والقضايا البيئية وحقوق الإنسان بشكل أكبر من الأجيال السابقة. وهذا يعكس تحولًا في تركيزهم السياسي نحو قضايا معينة تعبر عن قيمهم ومبادئهم.
وعليه، يُظهر تطور الانتماء السياسي للشباب كيف أن التغيرات في العوامل الاجتماعية، والتكنولوجية، والاقتصادية تؤثر في توجهاتهم وقيمهم السياسية، يمكن أن يسهم هذا التفاوت في إثراء الحوار السياسي وتعزيز التنوع في الرؤى والمساهمة في تشكيل مستقبل أكثر تنوعًا واستدامة. كما يشكل هذا التحول تحديات وفرصًا للمشهد السياسي، إذا تمكنت المؤسسات السياسية من فهم هذه التغيرات والتفاعل معها بفعالية، فإنها يمكن أن تستفيد من تنوع ودينامية الانتماء السياسي للشباب في بناء مستقبل سياسي أفضل. ومن المهم أيضًا مراعاة تأثير الثقافة والبيئة المحيطة على الانتماءات السياسية للشباب، فأن القيم والمعتقدات الموروثة قد تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل تلك الانتماءات، وقد تختلف هذه القيم من جيل إلى جيل بناءً على التغيرات الاجتماعية والثقافية.